موسكو مستعدة لوساطة ولقاء افتراضي لـ«الرباعية الدولية»

تيار في الحكومة الإسرائيلية يؤيد تحريك العملية السياسية

نشطاء من اليسار أمام منزل السفير الأميركي لدى إسرائيل رفضاً لضم أراض من الضفة (إ.ب.أ)
نشطاء من اليسار أمام منزل السفير الأميركي لدى إسرائيل رفضاً لضم أراض من الضفة (إ.ب.أ)
TT

موسكو مستعدة لوساطة ولقاء افتراضي لـ«الرباعية الدولية»

نشطاء من اليسار أمام منزل السفير الأميركي لدى إسرائيل رفضاً لضم أراض من الضفة (إ.ب.أ)
نشطاء من اليسار أمام منزل السفير الأميركي لدى إسرائيل رفضاً لضم أراض من الضفة (إ.ب.أ)

نشطت موسكو تحركاتها الدبلوماسية في ملف التسوية في الشرق الأوسط، وأعادت أمس، التأكيد على موقفها الرافض خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وبالتزامن مع إعلان استعداد موسكو للعب دور وساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لفتت وزارة الخارجية الروسية، إلى جهود جارية، لعقد لقاء افتراضي لممثلي «اللجنة الرباعية» خلال الأيام المقبلة. في وقت تحدثت فيه مصادر إسرائيلية، عن تيار قوي في الحكومة الإسرائيلية الجديدة يؤيد تحريك العملية السياسية، بعد قرارات الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف العمل في اتفاق أوسلو في مواجهة خطة إسرائيل ضمّ أجزاء من الضفة الغربية.
ونقلت وكالة «نوفوستي» الحكومية عن مصدر دبلوماسي، أن اتصالات جارية لتحديد موعد اللقاء. وكشف أن نائب وزير الخارجية، سيرغي فيرشينين المسؤول عن ملف التسوية في الشرق الأوسط، سوف يمثل بلاده في الاجتماع المرتقب، مشيرا إلى أن «الاتصال سوف يكون على مستوى المبعوثين الخاصين»، من دون أن يوضح مواقف الأطراف الثلاثة الأخرى في المجموعة حيال الاقتراح (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي).
إلى ذلك، أكد السفير الفلسطيني لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس محمود عباس بعث برسالة، إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مؤخرا، طلب فيها العمل على ترتيب مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط في موسكو، تحضره كل الأطراف وتخرج عنه آلية دولية تتولى الإشراف على التسوية، وقال السفير إن «الرد الروسي كان إيجابيا».
وكانت موسكو أعلنت استعدادها للعب دور وساطة عبر ترتيب لقاءات فلسطينية - فلسطينية، وفلسطينية - إسرائيلية، لكنها في الوقت ذاته استبعدت لعب دور في تقريب وجهات النظر بين واشنطن والجانب الفلسطيني حول خطة ترمب، وفي هذا السياق، نفى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أمس، صحة تقارير إعلامية تحدثت عن «مبادرة روسية تقترح عقد قمة أميركية - فلسطينية في جنيف»، ووصفها بأنها «هراء تام».
وقال بوغدانوف، الذي يشغل أيضا منصب الموفد الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ودول أفريقيا إن وسائل إعلام غربية «كتبت أنني تحدثت حول الأمر مع آفي بيركوفيتس (المبعوث الخاص للبيت الأبيض حول تسوية الشرق الأوسط) ومع بعض ضباط الأمن القومي». وزاد: «موسكو ترى أنه من المستحيل الترويج «لصفقة القرن» الأميركية بشأن التسوية في الشرق الأوسط». وأوضح الدبلوماسي الروسي «اتصل بي (بيركوفيتس) وبدأ في الحديث عن ضرورة الترويج للخطة. قلت له إن هذا مستحيل. لأنك تعرف موقف الفلسطينيين وموقف جامعة الدول العربية. وأشرت إلى ضرورة جمع اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لمناقشة الوضع ومعرفة كيفية الخروج منه».
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أجرى قبل يومين، اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكينازي، أعرب خلاله عن «استعداد روسيا لمواصلة تسهيل الحوار مع الفلسطينيين على أساس القرارات الدولية». وأكد الجانب الروسي وفقا لبيان أصدرته الخارجية «استعداده، إلى جانب المشاركين في اللجنة الرباعية للوسطاء الدوليين، لمواصلة المساعدة في استئناف عملية السلام من خلال حوار مباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس القانون الدولي».
في الوقت ذاته، أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي، قسطنطين كوساتشوف، أن موسكو على استعداد للعب دور الوسيط في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وأضاف كوساتشوف «هدفنا هو السلام، وليس انتصار أي أحد، وهذا هو الحل الوحيد لحل مشكلة الشرق الأوسط الأزلية، فلقد أثبتت الأفعال الأحادية أنها تمثل خطرا على جميع سكان المنطقة. لذلك لا بد من العودة إلى الحوار».
وكانت جهات إسرائيلية قد كشفت عن مبادرة روسية لعقد اجتماع خلال الأسابيع القليلة القادمة في جنيف يضم مسؤولين بارزين من الإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية لوقف القطيعة بينهما، بحضور مندوبين عن الأمم المتحدة وعدد من الدول العربية والغربية، والتداول في تعديلات على خطة الرئيس دونالد ترمب المعروفة باسم «صفقة القرن»، وخلق مناخ يزيل التوتر في المناطق الفلسطينية ويمهد الأجواء لمفاوضات إسرائيلية فلسطينية.
وقال باراك رفيد، المراسل السياسي لقناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية، نقلا عن مسؤولين سياسيين غربيين، إن الاقتراح الروسي طرح خلال مكالمة هاتفية بين نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، آفي بيركوفيتش، يوم الثلاثاء، وبموجبها تقترح موسكو قمة مصغرة يشارك فيها إلى جانب الطرفين، الأميركي والفلسطيني، ممثلون بارزون من دول اللجنة الرباعية الدولية، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة، بمشاركة ممثلين عن مصر والأردن والسعودية والإمارات، ويجري خلالها التداول في مقترحات فلسطينية لتعديل «صفقة القرن».
وقال رفيد إن بيركوفيتش لم يرفض المبادرة، بل رحب بسماع «اقتراحات فلسطينية تتضمن تعديلات لبنود في (صفقة القرن) يرغبون في إدراجها فيها». وقال إن الإدارة الأميركية تضع قضية الشراكة الفلسطينية في صلب خطتها، «المهم أن تكون هذه الخطة هي المحور». وقد اتصل بوغدانوف، في اليوم نفسه مع رئيس دائرة المفاوضات الفلسطينية، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الدكتور صائب عريقات، وعرض عليه المبادرة، ولفت التقرير إلى أن عريقات «لم يرفض المبادرة، لكنه لم يعط الروس إجابة قاطعة».
وأضاف رفيد أنه سمع من دبلوماسيين في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تأييدا حماسيا للمبادرة، معتبرين أنها «فرصة لإيجاد حراك دبلوماسي جديد من شأنه أن يوقف عملية الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وخطر الانفجار الأمني في المنطقة». وفي حين امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن التعليق رسميا على المبادرة، ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أن «هنالك تيارا قويا في الحكومة الإسرائيلية الجديدة يؤيد كل مبادرة لتحريك العملية السياسية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.