طلبت الحكومة الأميركية 300 مليون جرعة من لقاح محتمل لمرض «كوفيد19»، تقوم شركة «أسترا زينيكا» وجامعة أكسفورد بتطويره، وتأمل في أن تكون أولى الجرعات جاهزة بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال وزير الصحة الأميركي أليكس أزار، في بيان، إن «هذا العقد مع (أسترا زينيكا) يعدّ خطوة كبرى... صوب لقاح آمن وفعال ومتاح على نطاق واسع بحلول 2021».
وعززت هذه الخطوة السباق العالمي لإنتاج لقاح فعال وآمن في فترة قياسية لمواجهة وباء فيروس «كورونا»، في الوقت الذي تشجع فيه منظمة الصحة العالمية تعاوناً دولياً لتوزيع عادل للقاح. ويُجمع الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومنظمة الصحة العالمية على ضرورة أن يكون أي لقاح ضد فيروس «كورونا» المستجدّ «منفعة عالمية عامة». إلا إن خلف مبدأ «المنفعة العالمية العامة»، تكمن في الواقع إشكاليتان منفصلتان؛ أولاهما الملكية الفكرية. والثانية إشكالية توزيع الجرعات الأولى. وقد يكون حلّ الإشكالية الأولى أكثر سهولة من الثانية.
وتطالب أفريقيا في هذا السياق بلقاح غير خاضع لقيود الملكية الفكرية، كما أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا. لكن تحقيق ذلك يبدو غير مرجح؛ إذ ستكون المختبرات راغبة باسترداد المليارات التي استثمرتها، ويمكن لها الاعتماد في هذا الإطار على دعم الولايات المتحدة، الرافضة أي مراجعة لحقوق الملكية الفكرية الدولية، كما أكدت هذا الأسبوع رداً على منظمة الصحة العالمية.
ومن دون شك؛ لن يكون اللقاح المرتقب مجانياً. أما بالنسبة للسعر، فستسعى المجموعات التي عملت على تطويره إلى استرداد سعر تكلفة الإنتاج بالحد الأدنى، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتعهد سعر التكلفة أيضاً ليس بالأمر الموضوعي. وكان قُطع تُعهد مماثل لعلاجات فيروس نقص المناعة، كما يكشف ماثيو كافاناه من جامعة جورج تاون، لكن المصنّعين غير الرسميين وجدوا بعد ذلك هامشاً كبيراً للمناورة، وخفضوا الأسعار بعشرة أضعاف أو أكثر.
من جانبه، يشير مارك فينبرغ، المدير العلمي السابق لشركة «ميرك فاكسينز» والرئيس الحالي لـ«المبادرة الدولية للقاح الإيدز»، إلى أن المختبرات تعلمت الدرس ولن ترغب في التحول إلى طرف «منبوذ» في المعادلة، مما قد يسيء لسمعتها وقدرتها على تحقيق الأرباح. ويعتقد فينبرغ أن تشارك الملكية الفكرية سيتم حتماً، لأنه «لا أحد يستطيع بمفرده الاستجابة للطلب العالمي، وسيجبر أي طرف على البحث عن شركاء من أجل صناعة المنتج»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
من هنا، يكون السؤال الأصعب، في نهاية المطاف: أي من سكان الأرض البالغ عددهم 7.6 مليار نسمة سيُلَقَّح أولاً؟ وتسعى منظمة الصحة العالمية وأوروبا والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال مكافحة فيروس «كورونا» المستجدّ، لإنفاذ آلية توزيع «عادل» غير مسبوقة، تنطلق بالمبدأ من تلقيح العاملين في مجال الصحة في البلدان كافة التي طالها الفيروس، ثم العاملين في وظائف أساسية كالشرطة والنقل، وبعدهم تأتي بقية السكان.
لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي ينتظر عودة الحياة إلى طبيعتها بفارغ الصبر، ليس من هذا الرأي. وتهدف حكومته إلى توفير لقاحات للأميركيين كافة من شباب وكبار في السن، علماً بأن ذلك لا يزال مجرد فرضيات لأن الاختبارات السريرية قد بدأت للتو. واستثمرت الإدارة الأميركية مبكراً مئات الملايين من الدولارات في تجارب لقاحات تطورها مجموعات «جونسون آند جونسون» و«موديرنا» و«سانوفي»، أملاً في أن تثمر إحداها ويصنع بالتالي اللقاح في الولايات المتحدة.
وقال مديرو «موديرنا»، وهي شركة تكنولوجيا حيوية، و«سانوفي»، ما مفاده بأن بإمكان أوروبا أن تستوحي من الخطوة الأميركية. لكن، على عكس عام 2009 عند انتشار فيروس «إتش وان إن وان»، يجري «الانطلاق هنا من صفحة بيضاء، ليس لدينا لا لقاح ولا مصنع»، كما تقول باسكال بارولييه من مؤسسة «غافي» التي تشتري اللقاحات للدول النامية. واستثمر «تحالف ابتكارات التأهب الوبائي»، الذي أنشئ عام 2017 لمواجهة الإخفاق الأولي في احتواء فيروس «إيبولا»، نصف مليار دولار في 9 شركات تطور لقاحات ضد «كوفيد19»، ويطلب منها في المقابل أن يجري تشارك التقنيات المطورة من أجل عملية إنتاج سريعة وضخمة.
ومع هذا الدعم، تعمد المختبرات إلى إنشاء سلاسل إنتاج إضافية دون انتظار نتائج الاختبارات السريرية.
وتعقد الشركات تحالفات فيما بينها. ويمكن لـ«موديرنا» الإنتاج في الولايات المتحدة (للسوق الأميركية) وسويسرا (للسوق الأوروبية). وتتعاون «سانوفي» مع «جي إس كا» المنافسة. وتملك الشركتان العملاقتان مصانع في أوروبا وأميركا.
سباق اللقاحات العالمي يحتدم وواشنطن تراهن على شركات رائدة
سباق اللقاحات العالمي يحتدم وواشنطن تراهن على شركات رائدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة