بوادر تصدّع بين «الوطني الحر» و«حزب الله»

باسيل يسعى إلى تطبيع العلاقة مع واشنطن... وتحسينها مع «المستقبل»

TT

بوادر تصدّع بين «الوطني الحر» و«حزب الله»

يبدو أن تفاهم كنيسة مار مخايل، الذي أبرمه العماد ميشال عون، مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في فبراير (شباط) 2006، بدأ يهتز، على وقع تصاعد وتيرة الخلاف بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وقيادة الحزب، رغم أن للطرفين مصلحة في الحفاظ على تحالفهما السياسي، ولو من موقع تنظيم الاختلاف.
فالظروف التي أملت على الطرفين التوصل إلى هذا التفاهم الذي أُبرم بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بدأت تتغيّر، وباتت لكل فريق طروحاته الشعبية التي لم تعد متناغمة مع المضامين السياسية لهذا التفاهم، وإن كان النائب في «التيار الوطني» زياد أسود هو من أظهر بوادر الخلاف إلى العلن، بقوله إن هناك استحالة للجمع بين البندقية والجوع، بعد أن سبقه زميله في التيار ناجي حايك إلى الترويج لمصلحة دعم الفيدرالية السياسية، مع الإشارة إلى أنهما أطلا بطروحاتهما الخلافية من شاشة محطة «أو تي في» الناطقة باسم التيار.
ويقول من يواكب بوادر اندلاع الخلاف بين الحليفين إن نبض الشارعين لم يعد يتناغم مع تفاهم عون – نصر الله، وأصبح من ينتمي إليهما يتحدث بلغة سياسية غير تلك التي تأسس عليها التفاهم.
ويؤكد هؤلاء أن التحوّل في الشارعين جاء نتيجة تراكمات سياسية، وتحديداً بين الحزب وباسيل الوريث الشرعي لعون على رأس قيادة «التيار الوطني»، ويكشفون أن باسيل بدأ يحضّر لخوض معركة رئاسة الجمهورية، وهو يراهن على أن حليفه لن يتخلّى عنه، لأنه في حاجة لما يوفره من غطاء سياسي من الفريق المسيحي الأول.
ولهذا السبب يتحرك باسيل بعيداً عن الأضواء لتطبيع علاقاته بالولايات المتحدة، وبدأ يشق طريقه بالدور الذي لعبه، كما تردد، لتأمين سفر المتعامل السابق مع إسرائيل، عامر فاخوري، إلى واشنطن لـ«تفادي أسوأ العواقب في حال استمر احتجازه» بحسب ما قالته السفيرة الأميركية دوروثي شيا فور الإفراج عنه.
كما أن باسيل قرر الدخول في مهادنة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد أن تصدّر حملة الإطاحة به، وحرّض على التظاهر ضده، وهو يحاول استدراج العروض لتطبيع علاقته مع «المستقبل» لأنه في حاجة إلى ترميم وضعه كمرشح للرئاسة، لكنه جوبه بموقف رافض من الرئيس سعد الحريري، ناهيك أن باسيل أوقف حملته على قيادة الجيش ومدير المخابرات العميد طوني منصور، بعد أن أحس أن لا جدوى منها، لما للعماد جوزيف عون من تقدير يعبّر عنه أبرز القوى في الموالاة والمعارضة، وهو يدق حالياً باب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لعله يدخل معه في مرحلة «غسل القلوب» وإن كان سيكتشف أن الأخير لا يفرط بتحالفه مع «حزب الله».
كما أن باسيل وإن كان يلوذ بالصمت حيال الجنوح السياسي للنائب أسود وحايك فإنه في المقابل يدّعي أنه يخوض منفرداً معركته ضد الفساد وقوى الأمر الواقع، من دون أن يحدّد من هي هذه القوى، إضافة إلى تمايز نواب «التيار الوطني» عن زملائهم في «حزب الله» في تعاطيهم مع الخطة الاقتصادية رغبة منهم بتمرير رسالة اعتراضية حيال تغيير النظام الاقتصادي في لبنان.
وفي المقابل، فإن الحزب يسجّل حالياً ما لديه من مآخذ على التحوّل الذي ينتهجه حليفه باسيل؛ خصوصاً أن موقف أسود لن يمر مرور الكرام لأنه يستهدف الحزب في الصميم، ولقي ترحيباً من قوى في المعارضة، وربما أراد توجيه رسالة باتجاه المحور الدولي المناوئ للحزب وإيران.
لكن الحزب وإن كان لا يفضّل الدخول في سجال في العلن مع باسيل في ظل عدم تدخّل الرئيس عون لإعادة الأمور بين الطرفين إلى نصابها التحالفي، فإن من يواكب المسار الذي بلغته علاقتهما يسأل إذا كان الحزب سيلوذ بالصمت حيال إصرار «التيار الوطني» على طرح الفيدرالية السياسية من جهة، وعلى اتهام ما عداه بالفساد؛ خصوصاً أنه يراقب عن كثب تحوّل باسيل باتجاه واشنطن لتطبيع علاقته بالإدارة الأميركية، كما أنه ليس من باب الصدفة أن تنقل «المنار» التابعة للحزب وقائع المؤتمر الصحافي لزعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية الذي أعلن فيه الحرب على عون وباسيل، إضافة إلى أن الحزب صوّت في مجلس الوزراء ضد إنشاء معمل توليد الكهرباء في سلعاتا بخلاف إرادة باسيل.
لذلك فإن العلاقة بينهما باتت محكومة بتبادل الرسائل الخلافية وإن كان «حزب الله» يتناولها بهدوء ومن دون أي استفزاز كما فعل أسود، وإن كان لا يغفر للفيتو الذي وضعه باسيل على ترشّح مسؤول الحزب في جبيل الشيخ حسين زعيتر على لائحة «التيار الوطني» للانتخابات النيابية.
وعليه يبقى السؤال، هل يخرج عون عن صمته لإصلاح ذات البين بين الحليفين لوقف انهيار التحالف الذي لم يعد تفاهم مار مخايل يشكل الإطار السياسي له؟



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.