(تحليل إخباري): 7 تطورات ومفاجآت تعيد سوريا إلى الواجهة

(تحليل إخباري):  7 تطورات ومفاجآت تعيد سوريا إلى الواجهة
TT

(تحليل إخباري): 7 تطورات ومفاجآت تعيد سوريا إلى الواجهة

(تحليل إخباري):  7 تطورات ومفاجآت تعيد سوريا إلى الواجهة

عاد الملف السوري إلى تصدر الأوراق البحثية لمراكز التفكير الغربية والعربية إلى حد يذكر نسبياً بأجواء 2012. وذهبت وسائل إعلام ومنصات التواصل الاجتماعي إلى الحديث عن سيناريوهات سياسية وعسكرية لمستقبل البلاد. وأطل مسؤولون واقتصاديون سوريون حاليون وسابقون من بوابات مختلفة لتقديم «أوراق الاعتماد». كما أدلى مسؤولون غربيون بمواقفهم وطموحاتهم لمستقبل البلاد. وانتشر عسكريون في أجواء سوريا وأراضيها في تموضع جيوسياسي في مناطق النفوذ الثلاث.
عودة الملف السوري إلى الواجهة رغم انشغال العالم بوباء «كورونا» مرتبط بسبعة تطورات، هي:
1 - رامي مخلوف. لعقدين من الزمان كان هو الواجهة الاقتصادية وصاحب القرار الاقتصادي الرئيسي في سوريا، لكن منذ صيف العام الماضي، بدأت الأمور تنقلب عليه. انطلقت حملة لتفكيك جميع مؤسساته الاقتصادية وشبكاته العسكرية والإنسانية والسياسية. وعلى عكس جميع التجارب السورية، جاء مخلوف بتصرفات لا تنتمي إلى «القاموس السوري». تحدى بلغة دبلوماسية، وراح يوزع بيانات وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي. رفض ثم قبل شروط الحكومة لسداد شركته «سيريتل» مبلغ 185 مليون دولار.
أين روسيا وإيران من مخلوف؟ ماذا يعني هذا على بنية النظام؟ ولماذا الآن؟ وهل هناك جهة خارجية وراءه؟ هل يحصل في سوريا ما يحصل في كل الحروب الأهلية بأن التغييرات السياسية تأتي عندما يسعى «أمراء الحرب» إلى شرعنة أعمالهم؟

- توضيح بعد صمت
2 - الحملة الروسية. بعد زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى دمشق في مارس (آذار) الماضي وطلبه من الرئيس بشار الأسد التزام اتفاق روسيا وتركيا حول إدلب وإثارته ملفات اقتصادية تتعلق بالإعمار، اندلعت فجأة حملة إعلامية من منصات بحثية وإعلامية قريبة من الكرملين. بقيت موسكو صامتة لبضعة أسابيع، لكنها عادت في الأيام الأخيرة وشنت حملة مضادة. مسؤول عسكري روسي جال في دمشق قبل أيام للتأكيد أنه «لا تغيير في موقف الرئيس فلاديمير بوتين من الأسد». وأجرى السفير الروسي في دمشق الكسندر يفيموف مقابلة مع صحيفة سورية أمس، ليقول بأن العلاقات بين موسكو ودمشق «تتميز بالطابع الصديق والاستراتيجي... والذين يصرون على قراءة التعاون بطريقة الكذب يقومون بعملية تخريب إعلامي فقط لا غير».
هل غيرت موسكو موقفها؟ هل تقصدت الصمت على الحملة بحيث تصل الرسالة إلى دمشق ثم تتراجع؟ ما هو حد التغيير في موسكو: الضغط على الأسد أم تغيير الأسد؟ للإصلاح أم للتغيير؟ هل فعلا، لا تريد روسيا الغرق في المستنقع السوري... اقتصاديا؟ وهل وصل النفوذ الروسي في المنطقة إلى الجدار ويحتاج إلى قفزة؟
3 - الحوار الروسي - الأميركي. تحدث مسؤولون أميركيون عن رغبة موسكو باستئناف الحوار الثنائي. اللافت أن المبعوث الأميركي جيمس جيفري قال لـ«الشرق الأوسط» بأن بلاده لا تمانع في بقاء روسيا عسكريا في سوريا، لكنها تريد خروج إيران. وقال المبعوث الأممي غير بيدرسن لمجلس الأمن: «أؤمن أن للحوار الروسي – الأميركي دوراً رئيسياً، وأشجع الطرفين على مواصلته».
وطرح دبلو ماسيون: لماذا تريد موسكو الحوار حاليا؟ إلى أي حد غير مواقفها؟ وهل يمكن الوصول إلى اتفاق قبل الانتخابات الأميركية؟ هل فعلا «بوتين غاضب من الأسد» أم أنها مناورة «قيصرية» جديدة؟

- انسحاب تكتيكي
4 - الانسحاب الإيراني: أكد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن إيران «انسحبت تكتيكيا» من سوريا. جاء هذا بعد شن إسرائيل غارات مكثفة على مواقع إيرانية من دمشق إلى حلب إلى دير الزور. لكن هذا تزامن مع أمرين: الأول، إعلان «المرشد» الإيراني علي خامنئي ومسؤولين آخرين بقاء قوات إيران في سوريا والتمسك بـ«الدكتور بشار الأسد رئيسا شرعيا». الثاني، قيام إيران بتشجيع فصائل موالية لها لاستعجال العودة إلى جنوب سوريا قرب الجولان، بما ناقض الاتفاق الروسي - الأميركي - الأردني - الإسرائيلي في بداية 2018، بإبعاد «القوات غير السورية»، أي الإيرانية إلى أكثر من 80 كلم من الحدود والخطوط الجنوبية. هنا، لم تتردد روسيا بإرسال قواتها لإخراج الإيرانيين من ريف درعا في الأيام الأخيرة. واللافت هنا، قول مسؤول إيراني بأن بلاده دفعت بين 20 و30 مليار دولار لدعم دمشق، وتريد استرجاع المبلغ.
ماذا تريد إيران من الانسحاب وإعادة التموضع؟ هل هذا مرتبط بأزمتها الاقتصادية بسبب العقوبات و«كورونا» أم ضغوطات روسية تلبية لمطالب إسرائيلية؟ لماذا فتحت المستحقات المالية من دمشق؟ لماذا عادت واشنطن وتل أبيب للتركيز على الوجود الإيراني؟
5 - هدنة إدلب: رغم خروق كثيرة في هدنة إدلب التي بدأ تنفيذها في 5 مارس (آذار) الماضي، تواصل روسيا وتركيا التزامهما وتسيير دوريات مشتركة. إحدى الدوريات وصلت إلى عمق إدلب باتجاه اللاذقية. تركيا أقامت قاعدة في قمة جبل استراتيجية، هي الأعلى في جبل الزاوية. ورغم التوتر والصدام بين الطرفين في ليبيا بسبب دعم طرفين مختلفين وإرسال كل منهما مرتزقة سوريين لدعم فريقه، لا تزال أنقرة وموسكو تعملان سوية في إدلب وشرق الفرات. هذا طرح أسئلة حول مستقبل هدنة إدلب وديموميتها؟ وتأثير الحدث الليبي سوريا؟ ومصير المتطرفين في إدلب وموعد نفاد صبر روسيا؟

- بوابة التغيير
6 - الانتخابات السورية: تأجلت الانتخابات البرلمانية إلى يوليو (تموز) بسبب «كورونا»، لكن الأعين تتجه إلى الانتخابات الرئاسية في منتصف العام المقبل. يتحدث مسؤولون غربيون عن دعم مرشح معارض، وعادت أميركا لدعم المعارضة ماديا. وقام بعض المعارضين بالمبادرة في ترشيح أنفسهم. بل إن باحثا إسرائيليا سمى مرشح تل أبيب للرئاسة. وقال بيدرسون: «هذه الانتخابات ستعقد وفقاً للترتيبات الدستورية القائمة. فالأمم المتحدة ليس لديها ولاية محددة ولم يُطلب منها الانخراط في هذه الانتخابات. إن تركيزي لا يزال منصباً، في سياق الميسر للقرار 2254. على العمل من أجل انتخابات حرة ونزيهة تُجرى عملاً بدستور جديد وتُدار تحت إشراف الأمم المتحدة».
هل تصل أميركا، التي ستخوض انتخابات رئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) ، وروسيا بتوافق إقليمي إلى تفاهمات كي تشكل الانتخابات السورية بوابة التغيير، للوصول إلى تفاهمات تخص الإعمار والعقوبات والوجود الإيراني والعملية السياسية؟ هل هذا مخرج لروسيا التي ترفض مبدأ «تغيير الأنظمة»؟
7 - العقوبات والمساعدات: فتحت أميركا ملف بوابة اليعربية بين العراق وشرق الفرات لإرسال مساعدات بعدما لاحظت أن روسيا لم تنفذ التزاماتها بإيصال المساعدات من دمشق بعد التوافق على قرار خاص بالمساعدات بداية العام. هناك توقعات بمواجهة دبلوماسية روسية - غربية جديدة في مجلس الأمن. وهناك مواجهة قائمة إزاء العقوبات. موسكو تحمل العقوبات الأميركية والأوروبية مسؤولية عدم قدرة دمشق على مواجهة «كورونا» والمعيشية. واشنطن وبروكسل خرجتا عن صمتهما وشنتا حملة إعلامية للقول بأن العقوبات لم تعرقل وصول الأدوات الطبية أو الإنسانية إلى سوريا. عليه، هل يشكل الملفان بوابة جديدة لتفاهمات خطوة مقابل خطوة أم منعطف الافتراق؟
ليس سهلاً الجزم بأي اتجاه تنتهي مآلات التحركات في سوريا وحولها، لكن لا شك هذه التطورات تطرح أسئلة كبيرة يحاول كل طرف محلي وخارجي أن يجير إجاباتها إلى ضفته، في وقت يبدو الجميع في حالة اللايقين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».