تشديد الحراسة على قضاة محكمة نتنياهو

بعد هجمة غير مسبوقة في الشبكات الاجتماعية

TT

تشديد الحراسة على قضاة محكمة نتنياهو

قررت القيادات الأمنية في الشرطة والمخابرات، تقوية وتوسيع الحراسة على القضاة الثلاثة في المحكمة المركزية في القدس، المكلفين بإدارة محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في ثلاث قضايا فساد.
وقد جاء هذا القرار عشية بدء المحاكمة، المقرر لبعد غد الأحد، وذلك في أعقاب جلسة سرية عقدت بين مسؤولين في جهاز القضاء الإسرائيلي ومسؤولين في الشرطة الإسرائيلية والمخابرات، وتم فيها التداول في الهجمة غير المسبوقة على القضاة في الشبكات الاجتماعية، والتي تضمنت تهديدات وشتائم واتهامات بالتآمر ضد نتنياهو، وترافقت مع انتقادات شديدة وهجوم كاسح من عدد من السياسيين من معسكر اليمين ضد المحكمة والنيابة والمستشار القضائي للحكومة.
وقالت مصادر على اطلاع، إن الهجوم لم يتوقف منذ الكشف عن أسماء القضاة، ولكنها في الأيام الأخيرة أصبحت أكثر عداء وشراسة، بعد رفض طلب نتنياهو عدم حضور الجلسة الأولى التي ستقرأ فيها لائحة الاتهام.
وتقرر في الجلسة أن تتخذ إجراءات غير عادية تتلاءم والوضع غير المسبوق الذي ستشهده المحكمة، إذ إنها ستكون المرة الأولى التي يجلس فيها رئيس حكومة في قفص الاتهام وهو يؤدي مهامه في رئاسة الحكومة في الوقت نفسه، علماً بأن أول رئيس حكومة اتُّهم وأدين بالفساد، إيهود أولمرت، كان قد استقال من منصبه خلال التحقيق معه. وبناء عليه فإن الأجهزة الأمنية ستظل في حالة تأهب مستمرة، ليل نهار، خلال فترة المحاكمة. وقد أجرى ضباط الشاباك (جهاز الأمن الإسرائيلي العام)، جولة في قاعات المحكمة الثلاث التي ستخصص لهذه القضية، بغرض دراسة الأخطار وسبل مواجهتها، فضلاً عن فرض حراسة شخصية طيلة 24 ساعة في اليوم على رئيسة المحكمة، رفقة فريدمان فيلدمان، والقاضيين موشيه بار عام، وعوديد شاحم.
المعروف أن نتنياهو يحاكم في ثلاث قضايا كبرى، وفق بنود تلقي الرشى وممارسة الاحتيال وخيانة الأمانة. وستقام المحاكمة في القاعة الكبرى للمحكمة المركزية في شارع صلاح الدين، وسيتم تخصيص قاعتين أخريين للصحافيين والجمهور المعني، تبث فيهما وقائع المحكمة بثاً حياً مباشراً. وبعد أن رفضت المحكمة طلب نتنياهو عدم حضور الجلسة الأولى، تم إعداد قفص اتهام مفتوح سيجلس فيه هو وثلاثة متهمين آخرين، هم: صاحب جريدة «يديعوت أحرونوت»، نوني موزيس، المتهم بمحاولة إبرام صفقة رشى لنتنياهو بتحسين صورته في منشورات الصحيفة، لقاء تقليص الصحيفة المنافسة «يسرائيل هيوم»، ورجل الأعمال شاؤول الوبتش وزوجته إيريس، المتهمين بدفع الرشى لنتنياهو.
ويسود الانطباع أن المحكمة المركزية اختارت هؤلاء القضاء المعروفين بتشددهم ضد الفساد السياسي.
فرئيسة المحكمة هي التي فرضت الحكم بالسجن على رئيس الوزراء أولمرت. ولكن أنصار نتنياهو يديرون حملة يقولون فيها إن لائحة الاتهام ستتهاوى، ويكشف النقاب عن أن هذه المحاكمة هي إجراء سياسي تآمري ضد نتنياهو. بينما يقول سياسيو المعارضة إن هذه الحملة هي التي تحمل رياح المؤامرة. فالشرطة التي حققت مع نتنياهو كانت بقيادة روني الشيخ الذي عينه نتنياهو في منصبه، وكان قد وعده بتعيينه رئيساً لـ«الشاباك». والنيابة التي حسمت في تقديم لائحة اتهام كانت بقيادة شاي نتسان الذي عينه نتنياهو. والمستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت الذي شطب ما شطب وأبقى ما أبقى من لائحة الاتهام، كان سكرتيراً لحكومة نتنياهو، ورجل أسراره، وهو الذي عينه مستشاراً قانونياً للحكومة.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.