صالات السينما تبدأ فتح أبوابها بحذر

السياسة تتدخل لرسم معالم النصف الثاني من العام

لقطة من «زوجات العسكر»
لقطة من «زوجات العسكر»
TT

صالات السينما تبدأ فتح أبوابها بحذر

لقطة من «زوجات العسكر»
لقطة من «زوجات العسكر»

تعاود صالات السينما هذا الأسبوع فتح أبوابها أمام الجمهور الراغب في معاودة دخولها بعد شهور عدّة من إقفالها.
هذا الأسبوع، وخلال الأسبوع المقبل، تفتح دور السينما، ولو بحذر وتبعاً لإرشادات وشروط حاسمة، في أستراليا وإذا توقفت عند الصين قبل أو بعد عودتك من هناك فتجد أن عدداً من الصالات يزاول أعماله كالمعتاد.
وفي أوروبا أعطت الحكومة التشيكية إشارة البدء منذ أيام كذلك الحال في نيوزيلندا وكوريا الجنوبية وإستونيا واليونان وهي لم تُغلق أساساً في السويد ولو أن أرقام الإيرادات فيها لا تتجاوز بضعة ألوف من الدولارات على مرمى الأسبوع بكامله.
حتى في الولايات المتحدة، حيث تحث إدارة البيت الأبيض على إعادة النشاط للأسواق بكاملها، هناك صالات مفتوحة (Drive In Theatres) سبقت سواها من الصالات بمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم.
ومن اليوم في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا تتوسع دائرة الصالات الراغبة في بدء استقطاب الرواد من جديد فتعرض بضعة أفلام جديدة. وكانت صالات أخرى باشرت منذ عشرة أيام عروضها بفيلم رعب جديد مؤجل عنوانه «البائس» (The Wretched) سجل أقل من نصف مليون دولار دفعها مغرمون مغامرون بعضهم صرّح أنه لم يعتقد أساساً أن هناك وباءً منتشراً على النحو الذي رددته وسائل الإعلام.
هذا الأسبوع تتسع الدائرة في الصالات الأميركية لتشمل فيلمين جديدين هما «رحلة إلى اليونان» للبريطاني مايكل وينتربوتوم مع ستيف كوغَن وروب بريدون وكريم القبّاني ومارتا باريو. الفيلم متابعة لما بدأه المخرج ذاته قبل أعوام من أفلام رحلات تجمع بين الكوميديين بريدون وكوغَن.
الفيلم الثاني هو «زوجات العسكر» (Military Wives) للأميركي بيتر كاتانيو مع كرستن سكوت توماس وشارون هورغن وإيما لاوندس ولارا روسي. هؤلاء هم زوجات جنود وضباط يقومون بالخدمة في أفغانستان (الصالات دائماً مقفلة هناك) يقررن القيام بدور فاعل في سبيل التغلب على هذا الوضع الاجتماعي الذي وجدن أنفسهن فيه وذلك عبر إنشاء فرقة كومبارس موسيقية. وبحسب أفضل التقاليد الهوليوودية تفاجأ الزوجات بنجاح منقطع النظير.
- مسافات
وإذا سارت الأمور حسبما يشتهي الجميع فإن معظم الصالات المغلقة الآن في أوروبا والولايات المتحدة وباقي أنحاء العالم ستعاود برامجها وعروضها على نحو كامل بدءاً من الأسبوعين الثاني والثالث من الشهر المقبل. والفيلم الذي سيحاول جذب الجمهور إذا ما تردد هو جديد المخرج كريستوفر نولان «مبدأ» (Tenet) الذي يجمع في نحو ساعتين التشويق والحركة وقدرا كبيرا من الخيال العلمي في إطار قصة جاسوسية تتم خلال رحلة عبر الزمن لإحباط نشوب حرب عالمية ثالثة.
روبرت باتنسون وإليزابيث دبيكي ومايكل كَين ووكنيث برانا في البطولة والكثير من المؤثرات الخاصة كذلك.
لكن هوليوود تعلم قبل سواها أن الوضع بعد بلوغ «كورونا» ذروته ليس كما قبله. الجمهور العريض منقسم حيال كل شيء في هذا الخصوص وتحديداً حيال الخروج من العزلة أو البقاء فيها لحين أطول.
ومن بين المنتظرين لنتائج الشهر المقبل من حيث ردّ فعل الجمهور حيال استعداد صالات السينما وشركات الإنتاج مزاولة العمل كما المعتاد من جديد مهرجانات النصف الثاني من العام وفي مقدّمتها فنيسيا وتورنتو ولندن وسان سابستيان وشنغهاي وساراييفو وعمّان (الدورة الأولى من مهرجان دولي خاص بالأفلام الأولى لمخرجيها) وتوليورايد وزيورخ من بين أخرى.
غني عن القول أنه كلما ابتعدت المسافة الزمنية بهذه المهرجانات أو سواها ضمنت إقامة دوراتها في مواعيدها المحددة. فتلك المبرمجة خلال أشهر أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) مثل طوكيو وبومباي وثيسالونيكي والقاهرة هي أكثر تفاؤلاً بالانعقاد عن تلك التي تقع في مقدّمة هذا النصف الثاني من السنة مثل فينيسيا وتورنتو وساراييفو.
تلك التي داهمها الوقت فعلاً وبات من المؤكد أنها لن تستطع إقامة دوراتها المعتادة مثل «كان» وأنيسي (للرسوم المتحركة) وثيسالونيكي (للأفلام التسجيلية) سارت في اتجاهين: بعضها مثل «كان» قرر البقاء مغلقاً هذا العام، وبعضها الآخر، وهو البعض الغالب، حوّل نشاطه إلى الإنترنت موفراً أفلامه (أو بعضها على الأقل) لمن يرغب من مشتري التذاكر الافتراضية.
على أن المسألة أبعد بكثير من قرارات المهرجانات وتنوّع سبلها وحلولها الممكنة. هناك صراع بين وجهتي نظر حول الموضوع بأسره ينتمي كل منهما إلى معسكر منفصل.
الجدال القائم في حقيقته هو جدال سياسي بين ليبراليين يرون أن الأساس هو عدم استعجال عودة الحياة إلى طبيعتها وضرورة إحكام الحلول للقضاء على الوباء خوفاً من رد فعل كوارثي جديد، وبين معسكر من المحافظين يرغبون في دفع العودة إلى الحياة الطبيعية في أقرب فرصة واضعين، بحسب منتقدين، الوضع الاقتصادي في مقدّمة الاهتمام وقبل إيجاد حلول للأزمة الصحية الحالية.
- مسألة وقت
والثابت في كل هذا الخضم من الاتجاهات أن اعتماد الإنترنت كحل ولو مؤقتا لعروض المهرجانات المؤجلة أو الملغاة ليس نموذجياً على أكثر من صعيد. هناك بالطبع حجم الشاشة وقدرتها المحدودة على استيعاب تقنيات وعناصر الصورة كاملاً، كما حقيقة أن المهرجانات التي اعتمدت حل الإنترنت لم تستطع تأمين كل ما لديها من أفلام لعدم رغبة مخرجيها ومنتجيها اعتماد هذا النوع من العروض كحل يؤدي إلى دفن الفيلم على الأثير.
وجاءت التجارب الأولى لتأكيد هذا الوضع، فإذا بأفلام مهرجان ترايبيكا التي وفّرها للمشاهدين من غير أهل المهنة النقدية أو السينمائية تحتوي على جملة من الأفلام القديمة والكثير من الأفلام القصيرة (حديثة وقديمة) في حين اكتشف الذين تجاوبوا مع مهرجانات أخرى أن ما تم توفيره لهم هو خليط قليل منه جديد والكثير منه إما قديم أو آيل للسقوط للعروض المنزلية أساساً.
ومع أن أفلاماً هوليوودية عديدة قررت عدم انتظار إصلاح العطب الاقتصادي والصحي حول العالم وحوّلت بوصلتها صوب الحلول العروض المباشرة إلى البيوت، إلا أن ما وفّرته في هذا السبيل لا يعدو أفلاماً تتبع ميزانيات محدودة. أما أفلامها الكبيرة فقد وضعتها في حالة تأهب عسى أن تكون خير طعم تدلي به للجمهور المتردد حال تعميم فتح صالات العرض.
يبقى السؤال الشائك حول متى سيقرر الجمهور الكبير دخول الصالات بالأفواج المعتادة سابقاً؟ بعد شهر من افتتاح الصالات أو بعد أشهر؟ كل شيء يعتمد على كل شيء آخر في هذا الوضع الخارج عن السيطرة حتى الآن.


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
TT

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)

بعد أن أحدث ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي أوائل العام، يُطرح في صالات السينما الفرنسية الأربعاء الوثائقي «لا أرض أخرى» No Other Land الذي صوّرت فيه مجموعة من الناشطين الإسرائيليين والفلسطينيين لخمس سنوات عملية الاستيطان في مسافر يطا في منطقة نائية بالضفة الغربية.

وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي، فيما اتُّهم مخرجاه في ألمانيا وإسرائيل بمعاداة السامية بعدما قالا عند تسلّم جائزتهما إن الوضع الذي يعكسه الوثائقي هو نظام «فصل عنصري».

أحد مخرجي العمل، باسل عدرا، ناشط فلسطيني ولد في مسافر يطا، وهي قرية تتعرض لهجمات متكررة من المستوطنين. أما الآخر، يوفال أبراهام، فهو إسرائيلي يساري كرّس حياته للعمل في الصحافة.

ويستعرض المخرجان الثلاثينيان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية محطات إنجاز هذا الوثائقي، ويكرران المطالبة بإنهاء الاستيطان.

سيارات لفلسطينيين أحرقها مستوطنون في ضواحي رام الله (د.ب.أ)

يقول يوفال أبراهام عن الفصل العنصري: «من الواضح أنه ظلم! لديك شخصان (أبراهام وعدرا) من العمر نفسه، يعيشان في ظل نظامين تشريعيين مختلفين، تفرضهما دولة واحدة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يوجد في أي مكان في العالم في عام 2024 (. .. ) لا يجوز أن يعيش الفلسطينيون في هذه الظروف، تحت سيطرة جيش أجنبي. يجب أن يتمتع كلا الشعبين بحقوق سياسية وفردية، في إطار تقاسم السلطة. الحلول موجودة ولكن ليس الإرادة السياسية. آمل أن نرى خلال حياتنا نهاية هذا الفصل العنصري (...) اليوم، من الصعب جدا تصور ذلك».

وعن اتهامه بمعاداة السامية قال: «هذا جنون! أنا حفيد ناجين من المحرقة، قُتل معظم أفراد عائلتي خلال الهولوكوست. أنا آخذ عبارة معاداة السامية على محمل الجد، وأعتقد أن الناس يجب أن يتساءلوا لماذا أفرغوها من معناها من خلال استخدامها لوصف أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء الفصل العنصري أو إلى المساواة (...). إنها ببساطة طريقة لإسكات انتقادات مشروعة للغاية. معاداة السامية أمر حقيقي يسجل تزايدا في جميع أنحاء العالم. لذا فإن استخدام هذه العبارة كيفما اتفق فقط لإسكات الانتقادات الموجهة إلى دولة إسرائيل، أمر خطر للغاية بالنسبة لليهود».

وعن اكتفاء الوثائقي بعرض وجهة نظر واحدة فقط ترتبط بالفلسطينيين المطرودين من أرضهم، أوضح أبراهام: «لكي يكون الفيلم حقيقيا، يجب ألا يخلط بين التماثل الزائف (بين وجهتي نظر المستوطنين والفلسطينيين) والحقيقة. ويجب أن يعكس عدم توازن القوى الموجود في المكان. ما كان مهما بالنسبة لنا هو إظهار الاضطهاد المباشر للفلسطينيين.

عندما تنظر إلى مسافر يطا، فإن الخلل في التوازن لا يُصدّق: هناك مستوطنون موجودون هناك بشكل غير قانوني بحسب القانون الدولي، ويحصلون على 400 لتر من المياه في المعدل، بينما يحصل الفلسطينيون المجاورون على 20 لترا. يمكنهم العيش على أراضٍ شاسعة بينما لا يحظى الفلسطينيون بهذه الفرصة. قد يتعرضون لإطلاق النار من الجنود عندما يحاولون توصيل الكهرباء. لذا فإن عرض هذا الوضع غير العادل، مع هذا الخلل في توازن القوى، من خلال وضعه في منظور جانبين متعارضين، سيكون ببساطة أمرا مضللا وغير مقبول سياسيا».

مشهد من فيلم «لا أرض أخرى» (أ.ب)

* باسل عدرا

من جهته، قال باسل عدرا عن تزايد هجمات المستوطنين بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «الوضع سيئ وصعب للغاية، منذ عام لم نعد نعرف ما سيحدث (...) في منطقة جنوب الخليل. هجر البعض بسبب الهجمات، خصوصا في الليل، لكن قرى أخرى مثل قريتي بقيت تحت ضغط هائل، وقُتل ابن عمي برصاصة في البطن، كما رأينا في الفيلم. (المستوطنون) يريدون أن يخاف الناس ويغادروا (...) وهم المنتصرون في هذه الحرب في غزة، وهم الأسعد بما يحدث وبما تفعله الحكومة (الإسرائيلية)».