أنقرة مرتاحة للتفاهم مع موسكو وتريد «تثبيت» هدنة إدلب

دورية روسية - تركية قرب أريحا على طريق حلب - اللاذقية (غيتي)
دورية روسية - تركية قرب أريحا على طريق حلب - اللاذقية (غيتي)
TT

أنقرة مرتاحة للتفاهم مع موسكو وتريد «تثبيت» هدنة إدلب

دورية روسية - تركية قرب أريحا على طريق حلب - اللاذقية (غيتي)
دورية روسية - تركية قرب أريحا على طريق حلب - اللاذقية (غيتي)

أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن الأوضاع في إدلب تسير في إطار التفاهمات والاتفاقات الموقعة مع روسيا، فيما جرى أمس تسيير دورية عسكرية تركية - روسية مشتركة جديدة وصلت للمرة الأولى إلى محيط قرية أروم الجوز في ريف إدلب الجنوبي.
وقال أكار إن اتفاق إطلاق النار الموقع في موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي يجري تنفيذه بشكل جيد، ولم يتم رصد انتهاكات كبيرة للاتفاق.
وأضاف أكار، في كلمة خلال اجتماع بوزارة الدفاع التركية أمس (الأربعاء): «كانت هناك بعض الاستفزازات ومحاولات عرقلة الاتفاق من جانب بعض الجماعات المتشددة، ونحن نعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب وجعله دائما بما يتيح للنازحين السوريين العودة إلى ديارهم بشكل طوعي وآمن». وأشار إلى أن نحو 300 ألف من السوريين عادوا إلى ديارهم. وأكد أكار استمرا التنسيق مع الجانب الروسي بشأن الوضع في الشمال السوري وفي ضوء الاتفاقات الموقعة بين الجانبين. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بحث التطورات في سوريا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي بينهما يوم الاثنين الماضي.
في سياق متصل، سيرت القوات التركية والروسية، أمس، دورية مشتركة جديدة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن الدورية 12 المشتركة جرى تسييرها بمشاركة قوات برية وجوية من الجانبين التركي والروسي.
وتم تسيير الدورية من قرية ترنبة شرق إدلب، وصولاً إلى أطراف أريحا في جنوبها وصولا إلى قرية أروم الجوز للمرة الأولى منذ انطلاق الدوريات المشتركة في 15 مارس (آذار). وهذه هي الدورية الخامسة التي تنجح في السير هذه المسافة بعد أن تراجعت الاحتجاجات والاعتصامات سواء من «هيئة تحرير الشام» أو الأهالي المعترضين على الوجود الروسي والاتفاقات والتفاهمات الموقعة بين أنقرة وموسكو.
في الوقت ذاته، دخلت 80 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية أرسلتها الأمم المتحدة إلى محافظة إدلب عبر الأراضي التركية، أمس. وتوجهت الشاحنات إلى إدلب من معبر «جيلفا جوزو» في ولاية هطاي جنوب تركيا، وسيجري توزيعها على المحتاجين في إدلب وريفها.
من ناحية أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، نقلا عن «مصادر موثوقة»، بأن مجموعة تابعة للفصائل الموالية لتركيا، تمكنت من التسلل إلى داخل بلدة عين عيسى الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات النظام بريف الرقة الشمالي، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، ترافقت مع دوي انفجار عنيف ضرب المنطقة.
وكان المرصد السوري ذكر أن مجموعة تابعة لفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، حاولت، السبت، التسلل إلى قرية كوبرلك الواقعة بريف مدينة تل أبيض الغربي شمال الرقة، والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وذلك عبر أنفاق تم حفرها بالمنطقة، لكن تم إحباط محاولتهم من قبل «قسد»، وقتل جميع العناصر التي حاولت التسلل والذين يبلغ عددهم 14 على الأقل، لاتزال جثثهم بالمنطقة.
في الوقت ذاته، أصيب عدد من أفراد الشرطة والمدنيين في قرية سجو الواقعة بالقرب من أعزاز في ريف حلب الشمالي والخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا، بجروح متفاوتة، نتيجة انفجار عبوة ناسفة وضعت في حافلة للشرطة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».