الحكومة و«مصرف لبنان» مختلفان على حجم الخسائر المالية

TT

الحكومة و«مصرف لبنان» مختلفان على حجم الخسائر المالية

يبذل لبنان جهوداً لتذليل الخلافات بين الأطراف الممثلة في عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي لحصول لبنان على مساعدات مالية، وأبرز الخلافات بين «مصرف لبنان» والحكومة حول طريقة التعامل واحتساب الخسائر المتراكمة التي أدّت إلى الانهيار المالي.
وكان تعبير رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان عن هذا الأمر هو الأكثر دقة، حيث أكد «أننا حريصون على التفاوض مع صندوق النقد والمطلوب توحيد الأرقام».
وأشار كنعان بعد اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية إلى وجود تباينات كبيرة في تقدير الخسائر والأرقام بين الحكومة والمصارف والهيئات الاقتصادية التي قدمت دراسات مفصلة.
وفي حين عدّ كنعان أن من المستحيل المضي قدماً في ظلّ تباين الأرقام، كشف عن إنشاء لجنة يمثل فيها «مصرف لبنان» و«جمعية المصارف» والهيئات ووزارة المال، مهمتها الوصول إلى حقيقة الأرقام، وتحديد الأساس الذي جرى انطلاقاً منه تقييم الخسائر بهدف الوصول إلى توزيع عادل للأعباء.
وعلى خطّ فكّ الكباش بين المصارف والحكومة، لفت رئيس «جمعية المصارف» سليم صفير إلى أنّ الجمعية تتحاور مع الحكومة لوضع خطة جديدة تحافظ على حد أدنى من الأسهم في المصارف، التي تحتاجها لإعادة إطلاق دورة اقتصادية جديدة.
وعدّ صفير في حديث مع وكالة «رويترز» أنّه لا يمكن بناء أي خطط مستدامة من دون القطاع المصرفي، مشيراً إلى أنّ خطة المصرفيين كانت أكثر واقعية من طروحات الحكومة التي اعتمدت على المساعدات المالية الدولية التي لم تصل بعد. ووصف صفير اقتراح الحكومة حول رأسمال المصارف بالسلبي جداً، عادّاً أنّ هناك طروحات أخرى للتعامل مع المشكلة.
وفي حين لفت إلى أن الاقتصاد العالمي في حال سيئة مما يعني صعوبة جذب مساهمين جدد للاستثمار في القطاع المصرفي اللبناني حالياً أو في المستقبل، أكّد على ضرورة اعتماد لبنان على نفسه. وكان صفير طالب الحكومة اللبنانية وعبر تغريدة بأن تسدد للمصارف ما اقترضته منها في الوقت المناسب.
وفي سياق متصل بالاجتماعات البرلمانية، التأمت الجلسة المشتركة للجان المال والموازنة، والإدارة والعدل، والصحة العامة، والعمل، والشؤون الاجتماعية، والاقتصاد والتجارة، والصناعة والتخطيط، وعلى جدول أعمالها اقتراحات قوانين العفو العام، ومكافحة هدر الغذاء، والسرية المصرفية. وأفيد بتلاسن وإشكال بين النائبين جهاد الصمد وميشال معوض خلال مناقشة موضوع العفو العام. وسُمعت أصوات النواب خارج قاعة الاجتماع.



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.