باريس تحث إسرائيل على الامتناع عن ضم أراضٍ فلسطينية

خيارات الرد الأوروبية على خطط نتنياهو مؤجلة

«وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل
«وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل
TT

باريس تحث إسرائيل على الامتناع عن ضم أراضٍ فلسطينية

«وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل
«وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل

بالتوازي مع البيان الصادر عن «وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل، بخصوص عزم إسرائيل على ضم أجزاء واسعة من أراضي الضفة الغربية، عمد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إلى إصدار بيان مماثل، ولكن بلهجة «مخففة».
يأتي البيانان بعد أن صوت الكنيست على إعطاء الثقة لحكومة بنيامين نتنياهو، الذي سارع للتأكيد على عزمه الضم، باعتبار أن «الوقت قد حان» لذلك، محدداً شهر يوليو (تموز) المقبل لإتمام العملية. وسبق لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الـ27 أن ناقشوا هذا الملف في اجتماعهم الافتراضي يوم 15 الحالي، دون التوصل إلى خطة تحرك استباقية، أو تفاهمات محددة، للرد على الخطوة الإسرائيلية.
وفي بيانه أمس، الذي وزعته وزارة الخارجية، قال لو دريان، إن فرنسا «تعيد تأكيد التزامها (بالوصول) إلى حل عادل ودائم للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ولذا، وفق هذه التوجه، فإنها تدعو السلطات الإسرائيلية إلى الامتناع عن أي خطوة أحادية الجانب تفضي إلى ضم كامل أو أجزاء من الأراضي الفلسطينية». وذكّر لودريان بما جاء في بيان بوريل الذي عدَّ أن «قراراً كهذا يعد انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً خطيراً لحل الدولتين، ولا يمكن إلا أن تكون له تبعاته على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل». وأضاف الوزير الفرنسي أن باريس «جاهزة تماماً لمواكبة أي جهود لغرض معاودة المفاوضات بين الأطراف، التي هي الطريق الوحيد من أجل السلام والأمن والاستقرار الإقليمي». وتساءلت أوساط دبلوماسية عربية عن الأسباب التي تدفع باريس إلى الاستعانة بتصريح بوريل بدل التعبير مباشرة عن مواقفها، وكأنها تريد «الاختباء» وراءه.
وفي فقرة سابقة، أعاد لو دريان التأكيد على «الصداقة والتعاون» اللذين يطبعان العلاقات الفرنسية - الإسرائيلية، وعلى «تمسك فرنسا الذي لا يلين بأمن إسرائيل ووقوفها إلى جانبها من أجل «توفير» الأمن الإقليمي.
في الأسابيع الأخيرة، يدور حوار بين المسؤولين الأوروبيين حول الموقف الذي يتعين على الاتحاد الأوروبي الالتزام به إزاء الخطط الإسرائيلية التي تحظى بدعم أميركي. وحتى اليوم، اكتفى الأوروبيون بدعوة إسرائيل إلى التخلي عن مشاريع الضم، واحترام القانون الدولي، وهو ما جاء في بيان بوريل. لكن المسؤول الأوروبي أشار إلى أن دولتين «من أصل 27 دولة»، امتنعتا عن الموافقة على مضمون البيان، وهما، وفق وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن، النمسا والمجر، رغم أن مضمون البيان لا يتعدى «الحد الأدنى» لأنه لا يتخطى التذكير بمبادئ القانون الدولي، ولا ينص لا على تنديد، ولا يشير إلى عقوبات.
ومشكلة الاتحاد أن السياسة الخارجية تقوم على مبدأ الإجماع، وبالتالي فإن الانقسامات الداخلية تشل حركته وخططه الجماعية، لكنها لا تمنع دولة أو مجموعة من التحرك داخل أو خارج الاتحاد. ونقل عن وزير خارجية لوكسمبورغ قوله، إن الأوروبيين «لا يتحدثون عن عقوبات في هذه اللحظة»، أي قبل إتمام عملية الضم، إنما هم «ينبهون» إسرائيل، ما يعني أن تحركهم «استباقي»، إذ إن لديهم شهرين حتى 15 يوليو، لإقناع إسرائيل بالتراجع عن خططها الهادفة إلى ضم 130 مستوطنة في الضفة الغربية، إضافة إلى وادي الأردن، ما يشكل ثلث أراضي الضفة.
تقول مصادر دبلوماسية أوروبية، في باريس، إن السكوت على عملية الضم ينزع الصدقية عن السياسة الأوروبية الخارجية ككل، ويفقدها جديتها، ويبين أن الاتحاد الأوروبي الذي يقدم نفسه على المسرح العالمي كمجموعة متمسكة بالقانون الدولي، يزن بميزانين ويكيل بمكيالين. وإلا كيف يُفهم أن الاتحاد فرض عقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم، وهو يرفض التخلي عنها حتى اليوم، رغم أنها بدأت في عام 2014، وفي الوقت نفسه يغض الطرف عن ضم ما يعادل ثلث الضفة الغربية، ويقضي على احتمال قيام دولة فلسطينية، ويضرب بالحائط «المحددات» الدولية المتوافق عليها لحل سلمي ونهائي للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي؟ والحجة الثانية أن عملية الضم ستكون لها تبعات خطيرة على المنطقة، وستشعل بقوة بؤرة توتر قائمة، ويمكن أن تكون لها تداعيات على أوروبا نفسها التي هي ليست بحاجة لتحديات جديدة، وسوف تخدم «الدعاية» الإيرانية، ويمكن أن تفضي كذلك إلى إطلاق موجة إرهاب جديدة فيما إرهاب «داعش» لم تنطفئ جذوته بعد.
تعد هذه المصادر أن هناك «إجماعاً أوروبياً» على هذه القراءة ووعياً كافياً للتحديات والتبعات. إلا أن الخلافات تطفو على السطح عند البحث فيما يتعين على الاتحاد أن يقوم به قبل أن يتحول الضم إلى «أمر واقع»، بحيث سيكون من الصعب، بل من المستحيل الرجوع عنه. ولهذا السبب، فإن دولاً أوروبية عديدة تريد خطوات وقرارات واضحة. لكن التشخيص شيء، والانتقال منه إلى إقرار خطوات عملية عقابية واستباقية شيء آخر. وفي اجتماع الجمعة الماضي، تداول وزراء الخارجية في ثلاث خطوات يمكن الأخذ بها ضد إسرائيل، وفق ما نقلته مصادر مطلعة، أولاها الطلب من كافة الدول الأوروبية الالتزام بفرض علامة واضحة على كل البضائع الواردة من المستوطنات الإسرائيلية إنفاذاً لقرار أوروبي سابق. والتدبير الثاني فرض رسوم مرتفعة على تلك البضائع، وثالثها النظر في تجميد أنشطة التعاون، أو حتى اتفاقية الشراكة مع إسرائيل. أما الخيار الأخير، فعنوانه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما لم تنجح السلطات الفلسطينية في إقناع الأوروبيين القيام به باستثناء السويد. لكن الواضح من بياني بوريل ولودريان، أن الأوروبيين مترددون، والتخوف أن تبقى مواقفهم نظرية، ولا تتخطى البيانات.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.