نواب أوروبيون يطالبون بضغط على الجزائر لإطلاق صحافي متهم بـ {التحريض}

دعوها إلى التوقف عن «قمع حرية التعبير»

TT

نواب أوروبيون يطالبون بضغط على الجزائر لإطلاق صحافي متهم بـ {التحريض}

طلب سبعة نواب أوروبيين من جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، «حث» السلطات الجزائرية على إطلاق سراح الصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، المسجون منذ نهاية مارس (آذار) الماضي، رغم أن الجزائر تتعامل عادة بحدة مع مساعٍ كهذه، وتعتبرها «ضغطاً خارجياً»، و«تدخلاً في شؤونها الداخلية».
وقال مقربون من الصحافي البارز لـ«الشرق الأوسط»، إن البرلمانيين السبعة راسلوا بوريل في 15 من الشهر الحالي بغرض التدخل لدى الحكومة الجزائرية للتخلي عن متابعته. واتهم القضاء، درارني، (40 سنة) بـ«التحريض على التجمهر غير المسلح»، و«المس بالوحدة الوطنية»، وتم إيداعه الحبس الاحتياطي في 29 مارس الماضي. وترتبط وقائع القضية بوجود الصحافي في مظاهرة بالعاصمة، منعتها قوات الأمن باستعمال القوة.
وأكد الصحافي، أثناء التحقيق، أنه كان بصدد تغطية الحدث، فيما ترى السلطات أنه كان يشجع على الاحتجاج ضدها في الشارع، بحجة أنه يدعم الحراك الشعبي المعارض للنظام.
يشار إلى أن درارني يشتغل أيضاً مراسلاً للفضائية الفرنسية «تي. في. 5 عالم»، وتقاريره الصحافية وتدخلاته في الإعلام الأجنبي، خصوصاً الفرنسي، للتعليق على الأحداث، مزعجة كثيراً للحكومة.
وجاء في مراسلة البرلمانيين الأوربيين، حسب المقربين من الصحافي، أن المادة 50 من الدستور الجزائري «تمنع متابعة أي صحافي بسبب نشاطه المهني»، غير أن النيابة التي تابعت درارني ذكرت في وقت سابق أنه متابع بـ«جرائم تتعلق بالحق العام».
وطلب البرلمانيون من منسق السياسة الخارجية بالاتحاد، «تذكير الجزائر بتعهداتها الدولية والدستورية في مجال احترام حرية الصحافة، والتوقف عن قمع حرية التعبير، وإنهاء الملاحقات التعسفية».
وتتعاطى الحكومة الجزائرية بحساسية مع مثل هذه المبادرات، عندما تأتي من الخارج، وتعتبرها «تدخلاً في شأن سيادي».
كان الرئيس عبد المجيد تبون، قد وصف درارني، دون ذكره بالاسم، بـ«المخبر» لمصلحة سفارة فرنسا بالجزائر، حسبه. وقد ثارت ثائرة دفاع الصحافي، الذي استنكر «التأثير على القضاة بهدف دفعهم إلى إدانته، بينما القضية ما زالت في مرحلة التحقيق»، وطالبوا تبون بـ«احترام قرينة البراءة». كما وقعت ملاسنة حادة بين تبون وقيادة منظمة «مراسلون بلا حدود»، التي احتجت على سجنه.
في سياق ذي صلة، رفضت غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف بأدرار (1900 كلم جنوب العاصمة)، أمس، طلب محامين الإفراج مؤقتاً عن الناشطين ياسر قديري وأحمد سيدي موسى، اللذين أودعهما قاضي التحقيق رهن الحبس الاحتياطي في الخامس من مايو (أيار) الحالي. ويقع الناشطان البارزان في مدن الصحراء، تحت طائلة «المس بالوحدة الوطنية»، وذلك بسبب انخراطهما بالحراك في منطقة تميمون الصحراوية، ويعدان تقريباً الوحيدين اللذين ينشطان في ميدان الحريات بهذه المنطقة، التي يحاصرها الفقر، وتنعدم فيها المرافق الضرورية.
ورفضت كل المحاكم، التي تتكفل بقضايا النشطاء المسجونين، طلبات الإفراج المؤقت لتمكينهما من قضاء عيد الفطر وسط عائلاتهما. ويحتج الحقوقيون على «إفراط القضاة في إصدار أوامر الحبس الاحتياطي»، ويرون أن هناك بدائل قانونية، منها الرقابة القضائية، في القضايا التي تتضمن جرائم خطيرة.
إلى ذلك، أطلقت الحكومة، أمس، فضائية جديدة على قمر «نايل سات»، سمتها «قناة المعرفة»، بمناسبة «اليوم الوطني للطالب» (19 مايو 1956) الذي يرمز لنضالات طلاب الجامعات خلال ثورة التحرير من الاستعمار (1954 ـ 1962).
وقال رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، أثناء إشرافه على إطلاق القناة بالعاصمة، إنها «ستهتم بتعليم اللغة الصينية للجزائريين، وإحداث تقارب بين ثقافة البلدين. فالصين دولة رائدة، وسنسعى عن طريق القناة الجديدة، لفهم طريقة تفكير الإنسان الصيني». وأكد أن الفضائية «تمثل فضاءً مفتوحاً على العالم، تتمحور فيه وتتعزز المعارف والثقافات العالمية، وتتبلور الأفكار حول الإطار المعيشي للمجتمع ورهانات المستقبل وتحدياته»، مشيراً إلى أن أهداف الفضائية (من ضمن 6 قنوات أخرى تابعة للحكومة)، تتمثل في تعميم المعارف ونشر نتائج البحوث العلمية، وأعمال الخبراء في كل المجالات، ورفع مستوى الالتحاق بالدراسات الجامعية، بالإضافة إلى تقديم محتوى بيداغوجي مرجعي لمختلف التخصصات الجامعية، ومناقشة القضايا التي تهم المجتمع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».