تل أبيب تعلن مواصلة الضغط ضد طهران

تل أبيب تعلن مواصلة الضغط ضد طهران
TT

تل أبيب تعلن مواصلة الضغط ضد طهران

تل أبيب تعلن مواصلة الضغط ضد طهران

نقل موقع «نور نيوز» التابع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عن «مصدر مسؤول عسكري مطلع» أمس، أن «الحضور الاستشاري الإيراني في سوريا مستمر دون أي تغيير» وذلك ردا على تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، ناتالي بينيت عن بدء انسحاب القوات الإيرانية من سوريا.
وقال المصدر المسؤول الإيراني إنه «رغم مزاعم المسؤولين (الإسرائيليين)، لم يجر أي تغيير، كما وكيفا، في الحضور الاستشاري لإيران في سوريا».
ونسب موقع «نور نيوز» للمصدر قوله إن «إيران حاضرة في سوريا بطلب رسمي من الحكومة القانونية في دمشق ولمحاربة الإرهاب»، مضيفا أنه «سنبقى في هذا البلد ما دامت الحكومة السورية بحاجة إلى الدعم الاستشاري الإيراني».
وحث وزير الدفاع الإسرائيلي المنتهية ولايته ناتالي بينيت، خلفه بيني غانتس على أن يواصل بلا هوادة حملة الضغط ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا وإلا تبدلت الأمور، حسب رويترز.
وقال المصدر العسكري الإيراني إن «المزاعم المطروحة من وزير الدفاع الإسرائيلي محاولة لملء فراغ سجله الفارغ من الإنجازات»، مضيفا أن تصريحات بينيت «تشبه المزاعم الإسرائيلية المستمرة عن تنفيذ عمليات عسكرية ناجحة ضد القوات الإيرانية في سوريا والهجمات السيبرانية ضد مختلف المنشآت الإيرانية» وأصر على أن الأمر «عار من الصحة».
وتعد إيران من الداعمين للرئيس بشار الأسد خلال الحرب السورية، إلى جانب روسيا، إذ أرسلت إليه قوات تحت مسمى «مستشارين عسكريين» كما لا تزال تدعم فصائل مسلحة تخوض معارك في المنطقة تحت لواء «فيلق القدس» الذراع الخارجي لجهاز «الحرس الثوري»، الموازي للجيش الإيراني.
وشنت إسرائيل مئات الغارات الجوية داخل سوريا مستهدفة ما يشتبه بأنه تحركات للأسلحة والقوات الإيرانية وكذا مقاتلي حزب الله اللبنانيين الذين ترعاهم إيران أيضا.
وقال بينيت في كلمته الوداعية «إيران تقلل بشكل كبير من نطاق (عمل) قواتها في سوريا، بل إنها أيضا بدأت في إخلاء عدد من القواعد». وأضاف «رغم أن إيران بدأت عملية الانسحاب من سوريا، فنحن بحاجة لاستكمال العمل. ما زال الأمر في متناول أيدينا».
وخلال الأيام الأخيرة نفت إيران عدة مرات تقارير عن تغيير مواقفها في سوريا سواء ما يتعلق بحضور قواتها «الاستشارية» أو التراجع عن دعم الأسد.
وفي إشارة إلى تمسك إيران بالحفاظ على حضورها العسكري، بدد «المرشد» علي خامنئي الاثنين، الشكوك بشأن تغيير سياسات طهران الإقليمية، عندما جدد موقفه من «طرد» الولايات المتحدة من العراق وسوريا، ردا على مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني بضربة جوية أميركية في بغداد مطلع هذا العام.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، عن موقع خامنئي قوله، خلال لقائه تنظيمات طالبيّة جامعيّة عبر اتّصال مرئي، إنّ الأميركيين «لن يكون لهم بقاء في سوريا والعراق ولا شكّ في أنّهم يجب أن يخرجوا من هناك وسيتمّ طردهم دون شكّ»، مضيفا أن «رؤساء بعض الحكومات الحليفة لأميركا أيضاً يعربون عندما يتحدّثون بما يخالج صدورهم حول أميركا عن كرههم واشمئزازهم من الرؤساء الأميركيين والحكومة الأميركية وعدم وثوقهم بها واكتراثهم لها».
وبحسب خامنئي، فإنّ هذا الكره سببه «منهجيّة أميركا الطويلة الأمد التي تضمّنت القتل، ارتكاب الجرائم، انعدام العدل، تنمية الإرهاب، مساعدة الحكومات المستبدّة وسيّئة السّمعة وتقديم الدّعم اللامحدود لظلم الكيان الصهيوني المتزايد والإدارة الكارثيّة لقضيّة كورونا مؤخّراً».
وقبل ذلك بيومين، نفي حسين أمير عبد اللهيان، المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني في الشؤون الدبلوماسية، التقارير عن اتفاق إيراني وروسي على استقالة الرئيس السوري بشار الأسد، ووصفها بأنها «كذبة كبرى لوسائل الإعلام الأميركية –الصهيونية».
وكتب عبد اللهيان في تغريدة «أن الدكتور بشار الأسد هو رئيس الجمهورية القانوني في سوريا والقائد الكبير لمكافحة الإرهاب التكفيري في العالم العربي». وأضاف «إشاعة الاتفاق بين إيران وروسيا لتنحيه (عن السلطة)، كذبة كبرى ولعبة لوسائل الإعلام الأميركية –الصهيونية». وتابع أن «طهران تدعم بقوة؛ السيادة الوطنية ووحدة جميع الأراضي السورية».
وصرح لاحقا، الأحد، لقناة «العالم» الإيرانية، الناطقة بالعربية، أن «علاقاتنا مع سوريا استراتيجية وحضور المستشارين الإيرانيين هناك جاء بدعوة رسمية من دمشق»، وأضاف «سنبقى في سوريا ما دامت الحكومة السورية تطلب هذا الأمر».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.