بيدرسن يتطلع إلى «متابعة» الحوار الأميركي ـ الروسي حول سوريا

دول غربية تتهم دمشق باستغلال «كورونا» للتهرب من اللجنة الدستورية

تبادل سجناء بين «فيلق الشام» المعارض وقوات النظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
تبادل سجناء بين «فيلق الشام» المعارض وقوات النظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

بيدرسن يتطلع إلى «متابعة» الحوار الأميركي ـ الروسي حول سوريا

تبادل سجناء بين «فيلق الشام» المعارض وقوات النظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
تبادل سجناء بين «فيلق الشام» المعارض وقوات النظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن واشنطن وموسكو إلى «متابعة الحوار» بينهما لتوسيع تطبيق وقف الأعمال العدائية بين القوات النظامية وقوى المعارضة، معتبراً أن هناك دورا للدول الضامنة لعملية آستانة و«المجموعة المصغرة» (التي تضم دولا غربية وعربية بينها أميركا)، فضلاً عن مجلس الأمن. بيد أن ممثلي الدول الغربية حملوا بشدة على نظام الرئيس بشار الأسد لـ«استغلال» جائحة «كوفيد 19» للتنصل من التزاماته ضمن اللجنة الدستورية. فيما طالبت المندوبة الأميركية بـ«تعزيز كل مسارات القرار 2254» وصولاً إلى الحل السياسي.
وفي مستهل إحاطة قدمها خلال جلسة عبر الفيديو مع أعضاء مجلس الأمن، أفاد بيدرسن أنه «فوجئ بمدى عمق مخاوف السوريين حول الوضع الحالي وحول مستقبل وطنهم»، معتبراً ذلك «بمثابة تذكير قوي للمجتمع الدولي بأهمية القيام بدبلوماسية بناءة لدعم الحل السياسي». وقال إن «لدينا عناصر للبناء عليها»، مشيراً إلى أنه في الشمال الغربي، شهد هذا الشهر المزيد من التقدم في التعاون الروسي - التركي طبقاً لاتفاق مارس (آذار) الذي جلب هدوءاً نسبياً إلى إدلب رغم استمرار المناوشات في العديد من المناطق. وأضاف أن «حوادث أخرى وهجمات» حصلت في منطقة عفرين بالشمال الشرقي، فضلاً عن «المزيد من التوترات والقتل المستهدف والحشد العسكري والاشتباكات في الجنوب الغربي»، محذراً من «حوادث تشير إلى عودة داعش في الصحراء الشرقية». وأكد أنه «يجب علينا بكل حال تجنب العودة إلى القتال والانتهاكات التي شهدناها من قبل». ونبه إلى أن «عدم الاستقرار في سوريا يتردد صداه في أماكن أخرى أيضا - بما في ذلك حتى ليبيا»، حيث توجد «تقارير عن تجنيد مقاتلين في سوريا بأعداد كبيرة وإرسالها للقتال على جانبي هذا الصراع». وكرر أن «وجود الجماعات الإرهابية يؤكد الحاجة إلى نهج تعاوني في مواجهتها، بما يضمن الاستقرار ويحمي المدنيين بشكل كامل ويحترم القانون الدولي الإنساني». وشدد على أهمية «إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستمر ومن دون عوائق، باستخدام كل الطرق، بما فيها توسيع نطاق الوصول عبر الحدود، لتقديم المعونة». وأفاد بأنه «بينما نرفع مستوى الوقاية والحماية ضد كوفيد 19 في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في الشمال الغربي، فإن مثل هذا الوصول هو بالتأكيد حرج في (...) الشمال الشرقي». واعتبر أن «برامج العقوبات الخاصة بسوريا لا تحظر تدفق الإمدادات الإنسانية ولا الأدوية والأجهزة الطبية». وأعلن أنه «لا يزال ينتظر أنباء ملموسة حول قضية المعتقلين والمختطفين والمفقودين»، داعياً الحكومة السورية وكل الأطراف السورية الأخرى إلى «إطلاقات واسعة النطاق ومن جانب واحد». ورأى أن «أزمة كوفيد 19 أضافت طبقة جديدة إلى المأزق الاقتصادي الخطير والمتفاقم في سوريا»، مشيراً إلى استمرار انخفاض الليرة السورية، مع ما رافق ذلك من زيادات كبيرة في الأسعار ونقص في السلع الأساسية، وأثر ذلك على الأمن الغذائي.
وإذ أقر بأن الأزمة في سوريا «لن تحل بالدستور الجديد وحده»، مستدركاً أنه «إذا استطاعت اللجنة الدستورية أن تعمل بجدية، فيمكنها (...) تقديم مساهمة مهمة في التسوية السياسية، وتكون بمثابة مفتاح الباب». وأبدى «استعداده لعقد جلسة ثالثة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في جنيف بمجرد أن تسمح ظروف السفر العالمية بذلك»، داعياً إلى عدم وضع شروط مسبقة، وفقاً لاتفاق الرئيسين المشاركين للجنة، مشيراً إلى أنه على صلة مع أعضاء اللجنة المصغرة للمجتمع المدني والمجلس الاستشاري للمرأة السورية. وقال إن هؤلاء يولون «أولوية خاصة لمساعدة وحماية الفئات الأكثر ضعفاً، وبينهم اللاجئون والنازحون والأطفال والمسنون والنساء».
وحذر من أن تفويت الفرص في الماضي «تلاه تجدد العنف وتصلب المواقف بين الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية». وطالب مجدداً بـ«تعاون دولي متجدد وهادف وبناء للثقة بين أصحاب المصلحة الدوليين وبين السوريين». وعبر عن اعتقاده أن «للحوار الروسي - الأميركي دوراً رئيسياً»، مشجعاً الطرفين على «متابعته».
وأكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت أنه «صار واضحاً بشكل متزايد أن نظام الأسد عازم على استغلال أزمة (كوفيد 19) لصالحه السياسي والعسكري الاستراتيجي»، مضيفة أنه «عندما أجبرت روسيا والصين (مجلس الأمن) على تخفيض نقاط المساعدة عبر الحدود من أربع نقاط إلى نقطتين، قالتا إن على الأمم المتحدة إشراك النظام لتسهيل المساعدة عبر الحدود من دمشق إلى المدنيين السوريين». ولفتت إلى أن «الأمم المتحدة شاركت. ولكن منذ ذلك الحين، أفاد الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) بأن جهود الحصول على موافقة النظام لتقديم المساعدة الطبية إلى النقاط الساخنة يستوجب أشهراً». ولفت نظيرها الفرنسي نيكولا دو ريفير إلى أن «عودة (داعش) مقلقة للغاية بالنسبة للسلم والأمن الدوليين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.