خلاف الأجنحة الحوثية يفشل إطلاق سراح المعتقلين البهائيين

TT

خلاف الأجنحة الحوثية يفشل إطلاق سراح المعتقلين البهائيين

استبشرت المنظمات الحقوقية اليمنية والدولية قبل نحو 50 يوماً بإعلان الميليشيات الحوثية أنها ستقوم بإطلاق سراح زعيم الطائفة البهائية حامد حيدرة المعتقل في سجونها مع عدد من أتباعه، غير أن الجميع تفاجأ بتراجع الجماعة غير المفهوم عن هذا القرار.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء على ما يدور في أروقة حكم الانقلاب، بأن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أمر بإلغاء قرار مدير مكتبه السابق مهدي المشاط المعين رئيساً لمجلس حكم الانقلاب، بشأن العفو عن البهائيين وإلغاء حكم الإعدام بحق زعيمهم حامد حيدرة.
وفي حين لم تعرف الأسباب التي دفعت بزعيم الجماعة الحوثية إلى تعطيل قرار المشاط، رجحت مصادر حقوقية أن الجماعة لا تزال تحاول المساومة بورقة البهائيين في الأوساط الدولية والحقوقية لتحقيق مكاسب سياسية.
وأكد مصدر قضائي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه كان من المفترض أن يتم تنفيذ قرار الإفراج عن حيدرة وأتباعه في غضون أيام فقط من العفو الذي أصدره المشاط، مشيراً إلى وجود خلاف بين قيادات الجماعة في هذا الشأن لم يفصح عن طبيعتها.
وكانت محكمة الاستئناف الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء والمختصة بقضايا أمن الدولة والإرهاب، أيدت في أواخر مارس (آذار) الماضي حكماً قضى بإعدام زعيم البهائيين حامد كمال بن حيدرة ومصادرة أمواله، والتنكيل بأتباعه، وهو ما أثار موجة من السخط على المستويين المحلي والدولي.
ودفعت رود الفعل الدولية حينها رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط إلى التراجع عن قرار الإعدام بحق حيدرة والإفراج عنه إلى جانب الإفراج عن جميع سجناء الطائفة البهائية.
وفي مسعى إلى تحسين صورة الجماعة على الصعيد الحقوقي كان المشاط زعم أنه «وجه بتشكيل لجنة للنظر في أوضاع السجناء والعمل على وضع وترتيب خطة الإفراج عن كافة المعسرين وجميع سجناء الرأي ما لم يكونوا محكومين أو موقوفين على ذمة قضايا جنائية».
وفي أول تعليق على قرار الجماعة الحوثية رحبت «الجامعة البهائية العالمية» بذلك وشددت على تنفيذه الفوري، وقالت في بيان: «إن البهائيين السّتة الذين سيجري إطلاق سراحهم، والذين سُجنوا ظلماً في صنعاء لعدّة سنوات بسبب معتقداتهم الدّينيّة وواجهوا سلسلة من الاتهامات لا أساس لها من الصّحّة، هم: حامد بن حيدرة، ووليد عيّاش، وأكرم عيّاش، وكيوان قادري، وبديع الله سنائي، ووائل العريقي».
وأشارت «الجامعة البهائية» إلى وجوب أن يؤدي القرار الحوثي «إلى رفع الاتهامات الصّادرة ضدّ مجموعة تزيد على 20 بهائياً، وإعادة جميع الممتلكات والأموال العائدة للبهائيين، ورفع الحظر عن مؤسساتهم والسماح لهم، شأنهم شأن سائر المواطنين اليمنيين، بممارسة معتقداتهم الدّينيّة بحرّية». يذكر أن زعيم الطائفة البهائية حامد كمال حيدرة؛ كان تعرض للاعتقال والتعذيب منذ فترة طويلة في صنعاء بتهم تمس عقيدته البهائية، ورفضت الجماعة الحوثية التدخلات كافة لإطلاق سراحه. وتتعرض الطائفة البهائية - وفق ما يقوله الحقوقيون اليمنيون - منذ 10 أغسطس (آب) 2016 لعملية ملاحقة واسعة؛ حيث جرى اعتقال العشرات منهم بتهمة «الردة عن الدين الإسلامي».
ويجزم الحقوقيون أن الميليشيات الحوثية تسعى وبكل قوة إلى محو الأقلية البهائية من الوجود في اليمن، في سياق سعيها لمحو كل الطوائف الأخرى التي تختلف معها، على الرغم مما يعرف عن أبناء الطائفة البهائية من أنهم مواطنون مسالمون يؤمنون بمكارم الأخلاق ولا يتدخلون في الشأن السياسي والصراعات الحزبية، وبأنهم بطبيعة معتقدهم لا يحملون مطامع في السلطة ولا يشكلون خطراً أمنياً ولا يحملون السلاح. وتعرضت منازل البهائيين لعمليات دهم مستمرة، وقامت الجماعة الحوثية بمصادرة ممتلكاتهم وترويع أطفالهم واعتقالهم وتهديدهم بالتصفية الجسدية، مما اضطر كثير منهم للمغادرة خوفاً على حياتهم وأطفالهم.
ويعتقد الحقوقيون اليمنيون أن هناك كثيراً من القرائن التي تؤكد وجود دور إيراني وراء قضية اضطهاد البهائيين في اليمن، حيث ترضخ الجماعة لكل التعليمات الآتية من طهران.
وكانت الميليشيات الحوثية رفضت الإفصاح عن مصير مئات المعتقلين لديها أثناء المشاورات الإضافية التي استضافتها العاصمة الأردنية عمان، فضلاً عن رفضها إطلاق معتقلي «الجماعة البهائية» والعشرات من الناشطين الذين قالت الجماعة إنهم معتقلون لأسباب جنائية وإرهابية.
يذكر أن الجماعة سخرت منذ انقلابها على الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014 المحاكم الخاضعة لها لإصدار مئات الأحكام بالإعدام والسجن ضد معارضيها سياسياً ومذهبياً والمختلفين عنها فكرياً، مع بقاء الآلاف في معتقلاتها دون محاكمات.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.