عريضة تونسية لمساءلة الغنوشي وسياسيين حول ثرواتهم

طالبت بالتحقيق في «التمويلات الأجنبية المشبوهة»

الغنوشي
الغنوشي
TT

عريضة تونسية لمساءلة الغنوشي وسياسيين حول ثرواتهم

الغنوشي
الغنوشي

وقَّع آلاف التونسيين عريضة إلكترونية تطالب بمساءلة عدد من السياسيين الذين ظهروا على الساحة السياسية منذ ثورة 2011، يتقدمهم راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» ورئيس البرلمان، ومطالبتهم بالكشف عن مصدر ثرواتهم، ومعرفة مصدر الأموال التي بحوزتهم.
وحازت العريضة حتى صباح أمس 7500 توقيع، وهي تطالب بضرورة التحقيق بكل جدية وشفافية في ثروة الغنوشي، وغيره من السياسيين، كما تدعو لتشكيل لجنة مستقلة للقيام بهذه المهمة، تضم في عضويتها منظمات محلية، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، ونقابة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وجاء في نص العريضة أن الغنوشي الذي جاء على رأس قائمة المطالَبين بكشف مصدر أموالهم، «أصبح في ظرف التسع سنوات الأخيرة من أغنى أغنياء تونس». وانتقدت قيادات سياسية وجامعية ما سمته «كثرة التمويلات الأجنبية المشبوهة التي تفد على البلاد بعنوان العمل الخيري والجمعياتي، وتقاطعها في معظم الأحيان مع التنظيمات الإرهابية والأجندات السياسية المشبوهة».
وشملت مطالب التدقيق في الثروات، شخصيات أخرى من «النهضة»، مثل نور الدين البحيري، ومحمد بن سالم، ونجل الغنوشي وبناته وأصهاره، إضافة إلى أسماء من خارج «النهضة»، مثل حمادي الجبالي، وسفيان طوبال (قيادي سابق في «نداء تونس») وورثة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
وتعليقاً على العريضة، قال رياض الشعيبي، القيادي المستقيل من «النهضة» لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يعتقد أن راشد الغنوشي يملك ثروة، وأن الغنوشي صرح بمكاسبه وممتلكاته في أكثر من مناسبة، دون أن يخفي أي أملاك. واعتبر الحملة مجرد مزايدات سياسية تدخل ضمن الحملات الإعلامية، أكثر منها تعبيراً عن وجود حقيقي لثروة مالية لدى الغنوشي.
وذكر الشعيبي أنه لا يعرف للغنوشي سوى منزل في إحدى ضواحي العاصمة التونسية، وهو منزل مثل بقية منازل التونسيين. وأكد أن هياكل رقابة عدة في تونس لها الصلاحيات لمراقبة كل الثروات، ومن بين تلك الهياكل دائرة المحاسبات، وإدارة الضرائب والجباية، وهيئة مكافحة الفساد.
يذكر أن الشعيبي كان قد ترأس مؤتمر «النهضة» سنة 2011، وهو من القيادات المهمة في الحركة التي غادرها إثر خلافات حول طريقة خروج الحزب من السلطة، نهاية سنة 2011، وتسليمها لحكومة تكنوقراط بقيادة مهدي جمعة.
واتصلت «الشرق الأوسط» بقيادات في الحركة للتعليق على العريضة، إلا أن هواتف بعضهم كانت مغلقة، والآخرين لم يردوا، عدا واحد تلقى طلب التعليق ولم يرد على الفور.
في المقابل، أكد فريد التيفوري، وهو قيادي منسحب من «النهضة»، في تصريح إعلامي سابق، أن الغنوشي يملك قصراً في مدينة الحمامات (شمال شرقي تونس) اشتراه بقيمة 4 ملايين دولار، من رجل أعمال إيطالي. وأضاف التيفوري أن الغنوشي يملك سيارات فاخرة، وعقارات في مناطق سياحية، وأراضي فلاحية شاسعة في محافظات الشمال الغربي التونسي، وواحات نخيل في مدينة توزر (جنوب غربي البلاد)، مؤكداً أن كل هذه الأملاك مثبتة في «دفتر خانة» (السجل الرسمي للأملاك في تونس) وأن تسجيلها تم بين 2012 و2018، وهي اتهامات لم يثبت وجودها أي طرف محايد.
وفي وقت سابق، طالبت كتلة «الحزب الدستوري الحر» برئاسة عبير موسى، القيادية السابقة في «حزب التجمع» المنحل، بسحب الثقة من راشد الغنوشي، قائلة إن تحركاته تمثل خطراً على الأمن القومي للبلاد، ونددت بزياراته المتكررة إلى تركيا ولقائه الرئيس التركي، معتبرة أن تلك الزيارات تمثل «خرقاً لقانون مجلس النواب، وهو ما يستوجب مساءلته».



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».