«دويتشه بنك» يصمد أمام عاصفة «كورونا» المالية

يعزز احتياطي رأسماله بإصدار سند جديد

{دويتشه بنك} يصدر سنداً جديداً مقوماً باليورو
{دويتشه بنك} يصدر سنداً جديداً مقوماً باليورو
TT

«دويتشه بنك» يصمد أمام عاصفة «كورونا» المالية

{دويتشه بنك} يصدر سنداً جديداً مقوماً باليورو
{دويتشه بنك} يصدر سنداً جديداً مقوماً باليورو

أعلن «دويتشه بنك» الألماني الاثنين إصدار سند جديد مقوم باليورو لتعزيز احتياطي رأسماله في ظل أزمة «كورونا». وأوضح أكبر مصرف تجاري في ألمانيا أن السهم الجديد (تير2 كابيتال) سيرفع الحصة الإجمالية لرأس المال، كما أنه سيحسن في الوقت نفسه من الاحتياطي في مواجهة المتطلبات التنظيمية. ولم يحدد البنك القيمة الدقيقة لحصيلة بيع السهم الجديد بعد، لكنه ذكر أنه يطمح إلى تحقيق «قيمة مرجعية»، ويفهم الخبراء من هذا التوصيف أنه يتعلق بقيمة لا تقل عن 500 مليون يورو.
في الوقت نفسه، يعتزم البنك المدرج على مؤشر داكس الرئيسي لبورصة فرنكفورت، إعادة شراء الأوراق المالية الحالية بقيمة ملياري يورو من مستثمرين، نظرا لأن جزءا من هذه السندات لم يعد مسموحا باحتسابه ضمن رأسماله ومن ثم ستفقد دورها تماما في المستقبل المنظور. وحسب البنك، فإن من المحتمل أن ينتهي عرض إعادة شراء سندات رئيسية بعينها غير تفضيلية يوم الجمعة المقبل.
وعلى عكس التوقعات السابقة قفز سعر سهم مصرف (دويتشه بنك) حوالي 11 في المائة في أسواق البورصات العالمية، في الآونة الأخيرة. وهذا ما يعتبره الخبراء الألمان في العاصمة برلين مساهمة ثمينة لصالح القطاع المصرفي الأوروبي بأكمله. وإلى اليوم، نجح مصرف (دويتشه بنك) في الصمود أمام عاصفة فيروس «كورونا» المالية بأعجوبة تحسده عليه كبرى المصارف الأميركية. ففي الربع الأول من العام، رست أرباحه عند حوالي 66 مليون يورو، أي أنها فاقت توقعات الخبراء المصرفيين الألمان. مع ذلك، هوى رأسمال مصرف (دويتشه بنك) إلى ما دون المستوى الذي كان عليه قبل تفشّي جائحة (كوفيد 19) حول العالم. في حين بلغ إجمالي القروض غير المُستردّة بعد، داخل ألمانيا، ما يقارب من الـ 500 مليون يورو.
يقول الخبير المصرفي بيرتولد غراف إنّ إجمالي حجم مبيعات منتجات مصرف (دويتشه بنك) رست، منذ مطلع عام 2020، عند 5.7 مليار يورو. في حين بلغ حجم العائدات 6.4 مليار يورو. وهذا ما أيقظ اهتمام المستثمرين الأوروبيين مجدداً حيال سهم المصرف الألماني لأن أوضاع المصارف الأوروبية الأخرى تعثّرت في الشهور الثلاثة الأخيرة. ويُعدّ (دويتشه بنك) بين المصارف الأوروبية القليلة الذي يدافع بصورة شرسة وغير اعتيادية عن موقعه داخل ألمانيا وخارجها.
ويضيف غراف أن مصرف (دويتشه بنك) انتهز أزمة فيروس «كورونا» المالية لتنشيط أذرعته التجارية على غرار ما فعلته المصارف الأميركية. ما لعب دوراً رائداً في تعزيز أرباحه وعائداته. فالحركة المصرفية التجارية تضاعفت لديه أكثر من ثلاث مرّات في أزمة «كورونا». واللافت أن عملاء المصرف الألماني، من شركات ورجال أعمال، انكبوا على أنشطة تجارية رابحة عبر الإنترنت، في مرحلة الحجر المنزلي، انعكست إيجاباً على عائدات (دويتشه بنك).
ويختم القول: «بفضل الأنشطة التجارية التي شملت قطاعات السندات والعملات والسلع الأولية بلغت عائدات مصرف (دويتشه بنك)، في الربع المالي الأول من عام 2020، 1.86 مليار يورو».
في سياق متصل، يقول الخبير المصرفي الألماني مارك ديشتر إن إعادة تنظيم أصول مصرف (دويتشه بنك) في ضوء استمرار أزمة فيروس «كورونا» أمر بعيد المنال بعد. وفي ما يتعلق بملف رأس المال فئة 1 الإضافي (سيت 1) فستتحرّك إدارة المصرف، على الأرجح، لقطعه قليلاً. علماً أن رأس المال فئة 1 الإضافي هو رأس مال عادي ينتمي إلى رأس المال الأساسي للمصرف الذي يحوي الأسهم العادية وفوائض الأسهم الناجمة عن عمليات إصدار الأسهم والأرباح. وفي الوقت الراهن، سيُشكّل رأس المال فئة 1 الإضافي ما دون 12.5 في المائة من رأس المال الأساسي لمصرف (دويتشه بنك). وفي نهاية عام 2019، استأثر رأس المال فئة 1 الإضافي بنحو 13.6في المائة من رأس المال الأساسي. ومن المتوقع أن ترفعه إدارة المصرف إلى 12.8 في المائة بحلول عام 2022.
ويختم ديشتر القول: «لم يتضعضع مركز (دويتشه بنك) المالي من جراء تراجع حجم رأس المال فئة 1 الإضافي لديه. فالمعايير الأوروبية تتطلّب من أي مصرف أوروبي أن يساوي هذا الحجم 10.4 في المائة من رأس المال الأساسي. ومع أن مخزون السيولة المالية لدى (دويتشه بنك) تراجع منذ تفشي فيروس (كورونا)، حول العالم، إلا أن الأمر لن يؤدي إلى صدام مع هيئات التنظيم المصرفية الأوروبية التي قلّصت المتطلبات حول سقف مخزون السيولة المالية لدى المصارف الأوروبية إلى أدنى الحدود لتشجيع الأخيرة على إقراض الشركات الأوروبية المتعثّرة مالية، في هذه الفترة العصيبة. ولا شك أن دور المصرف الأوروبي المركزي في التخفيف من القيود المفروضة على مصارف منطقة اليورو، لناحية المتطلّبات والودائع، بات واضحاً كعين الشمس».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.