«يا ورد مين يشتريك»... أغنية مبهجة خيالية قدمها «موسيقار الأجيال» الراحل محمد عبد الوهاب، قبل عدة عقود، لكنها تحولت إلى حقيقة مرة بفعل جائحة «كورونا»، التي أفسدت بهجة موسم قطف الزهور في مصر، وعرضت المزارعين والتجار والمصدرين إلى خسائر فادحة بعد إغلاق المتاجر المحلية وتعليق حركة الطيران ووقف التصدير. فبعدما كان موسم قطف الزهور في فصل الربيع بمصر من المواسم الاستثنائية التي تسر الناظرين وتجتذب المصورين ومحبي الزهور إلى المحافظات التي تشتهر بزراعتها على غرار «بني سويف، المنيا، قنا، أسيوط»، بالوجه القبلي، و«القليوبية والدقهلية» بالدلتا، أفسد الوباء كل شيء، لا سيما أن الزهور من المنتجات الترفيهية التي لا تكون ضمن أولويات الناس في ظل الظروف الصعبة، وفق السيد محمد جميل، صاحب إحدى شركات إنتاج وتصدير الزهور في مصر.
ملامح تأثر اقتصاد إنتاج وبيع الزهور يمكن التعرف عليها بسهولة عبر السير في أحياء القاهرة الراقية والتي تنتشر فيها متاجر بيع الزهور والتي أغلق الكثير منها أبوابه لأجل غير مسمى، ويقدر جميل تراجع «حركة بيع الزهور في مصر بنسبة تتجاوز 95 في المائة، خلال الآونة الأخيرة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «شركته لا تبيع سوى أكثر من 6 باقات زهور أسبوعياً، لدرجة اضطرت أصحاب المزارع إلى البيع بأقل من ربع التكلفة، في حين تخلص الكثيرون من الزهور بإلقائها في سلة المهملات أو إعدامها».
كما تسبب تعليق حركة الطيران بين الدول في توقف تصدير الزهور المصرية، مما أثر سلبياً بشكل مباشر على المزارعين والشركات، ويتوقع جميل أن يمتد تأثير جائحة «كورونا» لفترة طويلة، لا سيما بعد توقف الكثير من المزارعين عن الإنتاج، خصوصاً أن الزهور تعد سلعة ترفيهية غير قابلة للتخزين، ولا تدوم دورة حياتها أكثر من أيام قليلة.
وتتمتع مصر بزراعة عدد كبير من الزهور، ومن أشهرها البنفسج واللوتس والورد البلدي والنرجس والكاميليا والبردي وعباد الشمس والفل والجارونيا، والياسمين البلدي والموريا ومسك الليل وعصفور النيل والداليا.
وإذا كانت الزهور في الظروف الطبيعية بالنسبة للكثيرين تمثل هدية لها رونقها وخصوصيتها تطل علينا بدلال عبر المزهرية في المنزل، أو في قاعات الاحتفالات، فإنها تمثل ما هو أكثر من ذلك بالنسبة لرجال الأعمال واقتصاد الدول، وفق إيهاب محيي منتج ومصدر للزهور.
وحققت مصر تقدماً لافتاً في تصدير الزهور ونباتات الزينة بجانب الحاصلات الزراعية في عام 2019 إذ تم تصدير نحو 45 ألف طن زهور قطف ونباتات زينة، ونخيل بقيمة 52 مليون دولار في الفترة من سبتمبر (أيلول) 2018 حتى نهاية مايو (أيار) 2019. لكن تسبب فيروس كورونا في عدم الإقبال على شرائها في الداخل والخارج بشكل شبه تام، وفق المجلس التصديري للحاصلات الزراعية المصري.
وطالب محيي بضرورة تقديم الدولة المساعدات اللوجيستية اللازمة لإنتاج محصول أكبر وتسريع عمليات التصدير وإزالة مختلف العقبات أمام المنتجين والمصدرين.
ورغم الأزمة اجتذبت ألوان الزهور، المصور الشاب أحمد مصطفى، لإبراز جمالها في موسم القطف مستغلاً معلوماته الواسعة حولها بحكم تخصصه كمهندس زراعي: ويقول مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «لا تكمن أهمية هذا التصوير في الأبعاد الجمالية والرمزية فقط لموسم القطف، فهناك أيضاً أهداف ترويجية وسياحية، أحاول لفت الأنظار إليها أيضاً لكي يهتم الجميع بها».
وتتميز صور مصطفى التي لا تعكس الواقع الأليم الذي يعيشه المزارعون والمصدرون بسبب «كورونا» بالحيوية والواقعية التعبيرية: «تجذبني هذه اللحظات الاستثنائية في حقل صعيد مصر وتستدعي شغفي بها».
وقبل نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن إغلاق حديقة الأورمان بالجيزة، ووقف العمل في معرض زهور الربيع كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد. وكان يعد هذا المعرض السنوي من أبرز معارض بيع الزهور في مصر.
جائحة «كورونا» تفسد بهجة موسم قطف الزهور في مصر
بعد إغلاق المتاجر المحلية ووقف تصديرها
جائحة «كورونا» تفسد بهجة موسم قطف الزهور في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة