الاختفاء المفاجئ لكرة القدم غيّر الكثير من طبائع البشر

اللعبة إحدى وسائل الترفيه الأساسية في الحياة... والمسلسلات والأعمال التلفزيونية ليست بديلاً لها

البحث عن وسائل ترفيه في غياب كرة القدم أصبح أمراً صعباً (رسم إيضاحي - الغارديان)
البحث عن وسائل ترفيه في غياب كرة القدم أصبح أمراً صعباً (رسم إيضاحي - الغارديان)
TT

الاختفاء المفاجئ لكرة القدم غيّر الكثير من طبائع البشر

البحث عن وسائل ترفيه في غياب كرة القدم أصبح أمراً صعباً (رسم إيضاحي - الغارديان)
البحث عن وسائل ترفيه في غياب كرة القدم أصبح أمراً صعباً (رسم إيضاحي - الغارديان)

تم إيقاف منافسات كرة القدم في بريطانيا للمرة الأولى منذ أن بالغت الحكومة في رد فعلها على اندلاع الحرب العالمية الثانية، وأوقفت الدوري الإنجليزي الممتاز بعد ثلاث جولات فقط من بدايته في سبتمبر (أيلول) عام 1939. لكننا نفتقد لهذه اللعبة الآن بشكل كبير، نظراً لأن كرة القدم باتت تمثل إحدى أهم وسائل الترفيه في حياتنا، حيث كان الذهاب إلى الملاعب لمشاهدة المباريات أو متابعة برنامج «مباراة اليوم» على هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أو مشاهدة الأهداف ومعرفة آخر التطورات الرياضية عبر الهاتف الجوال، كانت كلها أشياء ترفيهية اعتدنا عليها ومن الصعب إيجاد بديل لها الآن في ظل توقف النشاط الرياضي.
ومع ذلك، لم تكن هناك توجيهات رسمية حول كيفية التعامل مع الاختفاء المفاجئ وغير المحدود لكرة القدم من المشهد العام. قد يعتقد المرء أن هيئة الإذاعة البريطانية ستنتهز هذه الفرصة لإثبات قدرتها على خدمة السكان في وقت الأزمات، لكنها بدلاً من ذلك، وفي اليوم الأول من الحظر، استبدلت ببرنامج «مباراة اليوم»، الذي كان يتابعه عدد كبير للغاية من الجمهور، مسلسل «مسز براونس بويز». في الحقيقة، من الصعب للغاية إيجاد طريقة أفضل من ذلك لإبعاد سبعة ملايين شخص كانوا متابعين لبرنامج «مباراة اليوم» عن مشاهدة القناة، بسبب هذا القرار غير المدروس تماماً!
وبحلول يوم السبت التالي، وبسبب الاحتجاجات، قامت قناة «بي بي سي 1» بإذاعة مباراة قديمة في الدور ربع النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي في فترة ما بعد الظهيرة، وحلقة خاصة من برنامج «مباراة اليوم» في التوقيت نفسه الذي كان يذاع فيه البرنامج من قبل، على الرغم من أنه قد تبين أن هذه الحلقة التي تم عرضها كانت عبارة عن نقاش بين إيان رايت وألان شيرر في مطبخ مقدم البرنامج غاري لينيكر عن أفضل عشرة قادة في عصر الدوري الإنجليزي الممتاز. وعلى الرغم من أن هذا كان أفضل كثيراً من عرض حلقة من مسلسل «مسز براونز بويز» الممل، فقد كانت هذه الحلقة تحمل قدراً كبيراً من المبالغة كأنها تحاول إقناع الأطفال بأنه من الممكن إقامة حفلة عيد ميلاد رائعة من دون ضيوف أو هدايا!
وإذا حكمنا على الأمور من خلال الإضافات الأخيرة على موقع «يوتيوب»، فإن العديد من اللاعبين والنقاد يشعرون بالملل بالفعل. وقد أضاف إيان رايت رابطاً على حسابه الخاص على «تويتر» لحوار له مع المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، حيث يناقش الاثنان الحالة الصحية لبعضهما. وفي الحقيقة، فإن الشيء الوحيد غير الواضح في هذه المحادثة هو سبب تصويرها من الأساس!
لقد تُرك مشجعو وعشاق كرة القدم من الجمهور العادي يبحث بنفسه عن طريقة ما لملء فراغه في هذه الأيام التي يجلس فيها لساعات وأيام طويلة في المنزل بسبب تفشي فيروس كورونا. وهناك بعض منا من يجد أن الابتعاد الاجتماعي يأتي بشكل طبيعي ولا يجب أن تصدر لنا التعليمات أكثر من مرة لتجنب الاتصال بالآخرين لعدة أسابيع. لكن عندما جاء يوم السبت التالي من دون مباريات كرة القدم أيضاً، شعرت بالحاجة إلى حدوث شيء ملموس بين تناول الوجبات، وكنت أقوم بحياكة الزر في قميصي مرة أخرى، بسبب الملل الذي أشعر به والرغبة في قضاء وقت الفراغ في أي شيء!
أما أولئك الذين كانوا يقضون يومهم في تعديل تشكيل فريقهم في لعبة «فانتازي»، أو الذين كانوا يملأون أوقات فراغهم بالحديث عن إشاعات انتقال اللاعبين من أندية لأخرى فإنهم يقضون وقت فراغهم الآن على وسائل التواصل الاجتماي للتنبؤ بتفاصيل المرحلة التالية من الإغلاق والتباعد الاجتماعي، فيقول أحدهم مثلاً: «في الأسبوع المقبل، لن يُسمح لك بفتح النافذة ما لم تكن طبيب تخدير، وسيتم استدعاء الجيش لتوصيل الوجبات الجاهزة للجمهور يوم السبت!»، وحتى أثناء الحروب، كانت تتم إقامة مباريات ودية لرفع الروح المعنوية، لكن كل ما نشاهده على شاشات التلفزيون في الوقت الحالي هو مجموعة كبيرة من قارئي الأخبار الصاعدين لقراءة الأخبار المتعلقة بتفشي الفيروس وأعداد الضحايا.
وتوجه بعض منا - بعد البحث بشكل محموم عن أي مباريات كرة القدم لمشاهدتها - لعالم الرياضات الإلكترونية، ومشاهدة غير الرياضيين وهم يلعبون «فيفا 20» عبر الإنترنت، مع وجود مكافأة في بعض الحالات لأحد اللاعبين الذين يقدمون تعليقاتهم الخاصة. لكن مثل هذه الأشياء لن تجعلنا قادرين على الاستمرار بهذا الشكل إلى الأبد. إننا الآن نجلس في منازلنا ونشعر بالقلق من احتمالات إلغاء الموسم، في ظل عدم وجود بديل قادر على ملء الفراغ الذي نعاني منه الآن بسبب توقف الأنشطة الرياضية.


مقالات ذات صلة

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أموريم سيخوض أول ديربي مع اليونايتد في الدوري الإنجليزي (رويترز)

ديربي «مانشستر» اختبار حقيقي لأموريم مع الشياطين الحمر

يرغب البرتغالي روبن أموريم، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم، في أن يرى تحسناً وروحاً قتالية، من فريقه المتطور، الذي سيواجه مانشستر سيتي

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إدارة مانشستر يونايتد وقعت في أخطاء استنزفت خزينة النادي (إ.ب.أ)

رحيل أشورث يشير إلى وجود مهزلة في مانشستر يونايتد بقيادة راتكليف

«لتجنب العفن»... هذا هو الوصف الذي استخدمه أحد المسؤولين التنفيذيين الأقوياء في مانشستر يونايتد للتعليق على رحيل دان أشورث. وأشار هذا المسؤول إلى أن رحيل

جيمي جاكسون (لندن)
رياضة عالمية ووكر فقد الكثير من مميزاته وعلى رأسها السرعة (أ.ف.ب)

مسيرة ووكر مع مانشستر سيتي تقترب من نهايتها

إن أصعب شيء يمكن أن يفعله لاعب كرة قدم محترف هو الاعتراف بأن مسيرته الكروية بدأت في التراجع وعلى وشك الانتهاء. لقد فعل غاري نيفيل ذلك في يوم رأس السنة الجديدة

بن ماكالير (لندن)
رياضة عالمية صلاح يتحسر على إحدى الفرص المهدرة أمام فولهام (أ.ف.ب)

«البريميرليغ»:هدف جوتا ينقذ ليفربول أمام فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».