شواطئ أوروبا تنتعش ببطء... والحكومات تخفّف القيود على وقع احتجاجات

تحذير من خطر {عودة الفيروس} نتيجة تراخي تدابير الوقاية

أشخاص يتنزهون في شاطئ قريب من مونبلييه في فرنسا أمس (أ.ف.ب)
أشخاص يتنزهون في شاطئ قريب من مونبلييه في فرنسا أمس (أ.ف.ب)
TT

شواطئ أوروبا تنتعش ببطء... والحكومات تخفّف القيود على وقع احتجاجات

أشخاص يتنزهون في شاطئ قريب من مونبلييه في فرنسا أمس (أ.ف.ب)
أشخاص يتنزهون في شاطئ قريب من مونبلييه في فرنسا أمس (أ.ف.ب)

رسمت شواطئ أوروبا، أمس، صورة قريبة من الحياة ما قبل «كورونا»، واستقبلت زواراً تجرأوا على الخروج من بيوتهم بعد أسابيع من الحجر الصحي الصارم. وللمرة الأولى منذ شهرين، استغل فرنسيون وإيطاليون وبريطانيون التخفيف المتفاوت في قيود الحركة، وتوجّهوا إلى شواطئ محلية «لممارسة الرياضة ولقاء الأصدقاء على بعد مسافة آمنة».
وأعادت فرنسا، الوجهة السياحية الأولى في أوروبا، فتح عدد من المواقع البارزة أمس، منها جبل سان ميشال وكاتدرائية شارتر ومزار لورد. لكن لا يسمح بزيارتها سوى لسكان المنطقة، إذ تبقى التنقلات محصورة ضمن مسافة 100 كيلومتر في البلد الذي أحصى أكثر من 27500 وفاة جراء وباء «كوفيد-19». وبعد قضاء شهرين داخل منازلهم، قصد آلاف الباريسيين في أول نهاية أسبوع خارج الحجر الصحي الغابات المحيطة بمنطقة «إيل دو فرنس». وقالت ليز بالم الطبيبة في المستشفى البالغة من العمر 55 عاماً، لوكالة الصحافة الفرنسية: «اشتقت كثيراً للطبيعة». وسمحت السلطات بفتح العديد من الشواطئ، على أن يكون استخدامها «نشطاً»، أي للسباحة أو الرياضة عموماً من دون الجلوس في الشمس أو تناول الطعام في الهواء الطلق، أو تنظيم نشاطات جماعية.
بدورها، أعادت اليونان فتح شواطئها الخاصة بعدما فتحت شواطئها العامة في 4 مايو (أيار)، لكن بشرط الالتزام بقواعد صارمة مثل حظر الجلوس على مسافة أقل من أربعة أمتار عن الشخص المجاور. من جهته، قال رئيس وزراء البرتغال أنطونيو كوستا إن بلاده ستعيد فتح شواطئها في السادس من يونيو (حزيران)، وحث الجمهور على حيازة تطبيق ليعرفوا منه ما إذا كان الشاطئ المفضل لديهم مزدحماً، أم لا. وبحسب القواعد الجديدة، يتعين أن يفصل بين كل مجموعة والأخرى متر ونصف المتر، مع إمكانية أن يحصل الرواد على كراسي الشاطئ في الصباح وبعد الظهر فقط، ولن يسمح بالرياضات الشاطئية لشخصين أو أكثر.
وقال كوستا إن الشرطة لن تراقب الالتزام بالقواعد، وحث الناس على الالتزام من تلقاء أنفسهم. وأردف قائلاً إن «الشواطئ يجب أن تكون للمتعة... يتعين أن نلزم أنفسنا». ومن المقرر أن تبدأ البرتغال المرحلة الثانية من خطة إعادة فتح الاقتصاد على مراحل يوم الاثنين، مع فتح المطاعم والمتاحف والمقاهي بطاقة مخفضة واستئناف الدراسة في مراحل معينة. أما إيطاليا، التي سجلت ثالث أعلى حصيلة وفيات في العالم تخطت 31600 وفاة، فتأمل في عودة المصطافين، لا سيما أن اقتصادها يعول كثيراً على السياحة. ومن المقرر إعادة فتح أبواب كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان غداً (الاثنين)، فيما أعلنت روما أمس إعادة فتح حدودها اعتباراً من 3 يونيو (حزيران) أمام سياح الاتحاد الأوروبي، من دون إلزامهم بحجر صحي عند وصولهم في مسعى لإنقاذ قطاعها السياحي.
في المقابل، لا تعتزم ألمانيا فتح حدودها قبل 15 يونيو (حزيران)، بالرغم من الضغوط الشديدة التي تمارس بهذا الاتجاه. غير أنها أعادت فتح حدودها مع لوكسمبورغ أمس، ولينت قليلاً شروط عبور الحدود مع النمسا وسويسرا.
وخففت ألمانيا القيود قبل أيام بعد سيطرتها على تفشي الوباء، إلا أن بعض مواطنيها غير راضين على وتيرة العودة إلى الحياة الطبيعية. وتثير موجة احتجاجات متنامية في البلاد، يقودها أصحاب نظرية المؤامرة ومتشددون ومناهضون للّقاحات للتعبير عن غضبهم حيال الإغلاق، قلق كثيرين ومن ضمنهم المستشارة أنجيلا ميركل. وخلال الأسابيع الأخيرة، تفاقمت الاحتجاجات التي بدأت بحفنة من المتظاهرين الرافضين للقيود المشددة التي فرضت على الحياة العامة، لوقف انتقال العدوى بفيروس كورونا المستجد لتجذب الآلاف في كبرى المدن الألمانية. واحتشد الآلاف مجدداً في شتوتغارت وميونيخ وبرلين أمس، وسط وجود كثيف للشرطة بعدما اتّخذت بعض المظاهرات منحى عنيفاً.
وأعادت المظاهرات إلى الذاكرة مسيرات حركة «بغيدا» المناهضة للمسلمين التي خرجت في أوج أزمة اللجوء في أوروبا عام 2015، ما أثار تساؤلات بشأن احتمال تبخّر الدعم القوي الذي تحظى به ميركل حالياً جرّاء طريقة تعاطيها مع أزمة تفشي «كوفيد-19».
بدورها، شهدت بريطانيا احتجاجات ضد الإغلاق هي الأولى من نوعها في العاصمة لندن. وفيما لا يزال الإغلاق مستمراً في هذا البلد الذي سجّل أسوأ حصيلة في أوروبا بـ34 ألف وفاة، سمح للسكان بالتوجه «بحذر» إلى الحدائق المفتوحة والشواطئ المحلية. ومع تخفيف عدد متزايد من الدول القيود على التنقل، جددت منظمة الصحة العالمية تحذيرها من تداعيات التراخي في تطبيق تدابير الوقاية. وقال هانز كلوج، المدير الإقليمي لمكتب المنظمة في أوروبا إن «خطر عودة الفيروس ليس بعيداً. هناك حاجة إلى اليقظة والتصميم المستمر على إبقاء هذا الفيروس بعيداً، سواء كان ذلك خلال فترات ذروة العدوى، أو في مرحلة تخفيف القيود»، مذكّراً بعودة انتشار الفيروس بشكل محدود في كوريا الجنوبية وفي الصين.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».