عبرت حركة النهضة التونسية (إسلامية) عن رفضها الشديد للتحركات الرامية إلى تشكيل كتلة نيابية جديدة داخل البرلمان، بهدف دعم رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وهو الموقف الذي يضاعف، حسب بعض المراقبين، من مشكلات الحزب المتزعم للمشهد السياسي، ويزيد من التحديات التي يواجهها.
ويأتي على رأس هذه التحديات الخلافات داخل هياكل «النهضة» الداخلية إثر حل مكتبها التنفيذي، ومخاطر انشقاق كتلتها البرلمانية، وبعضها الآخر مرتبط بالواقع السياسي، ووجود أطراف سياسية متعددة، وعلى رأسها «الحزب الدستوري الحر»، ترفض التعامل مع «النهضة»، وتدعو إلى إخراجها من المشهد السياسي، في وقت تواجه فيه الحركة محاولة تشكيل كتلة برلمانية جديدة، سيكون تأثيرها كبيراً على المشهد البرلماني الحالي الذي تقوده عبر تحالفها مع حزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة». وفي هذا الشأن، عدت قيادات حركة النهضة أن مساعي تشكيل كتلة برلمانية مؤيدة للفخفاخ «من شأنها تغذية الانشقاقات داخل الكتل النيابية، وتغذية الاحتقان السياسي، والتمزق والشتات، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى توافق سياسي»، مؤكدة «ثقتها في قيام رئيس الحكومة، وكل من يهمه الأمر، بما يتعين للتصدي لهذه التصرفات غير المقبولة»، على حد تعبيرها.
كما شددت «النهضة» على أن نجاح الحكومة الحالية «رهين نجاحها في بناء علاقات ثقة مع الجميع، والاتجاه إلى توافق حكومي وبرلماني جامع حول برنامج وطني لا يقصي أحداً»، منبهة في بيان لها إلى وجود «محادثات سرية تخص تكوين كتلة برلمانية جديدة»، وحملت رئيس الحكومة مسؤولية تأسيس كتلة في البرلمان «قد تشكل خطوة أولى لتأسيس حزب سياسي جديد داعم له»، على غرار سلفه يوسف الشاهد. ويرى عدد من المراقبين أن التحركات الجارية في كواليس قصري باردو والقصبة تشير إلى إمكانية تشكيل حزب سياسي جديد، يكون بمثابة «الداعم» الرئيسي لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ من خلال كتلته في البرلمان. وفي هذا السياق، ذكرت تقارير إعلامية أن الأعضاء المنشقين عن حزب «قلب تونس» (9 أعضاء)، بزعامة النائب حاتم المليكي، يجرون مشاورات في هذا الاتجاه، وهو ما سيكون له تداعيات وتأثير على المشهدين السياسي والبرلماني. وكان عياض اللومي الذي يقود الكتلة الأصلية لحزب قلب تونس (29 مقعداً) قد اتهم المليكي، النائب «المنشق»، بالتحرك لفائدة رئيس الحكومة الفخفاخ من أجل إعادة سيناريو يوسف الشاهد الذي أسس حزب «تحيا تونس» إثر تشكيل كتلة من النواب المنشقين عن «نداء تونس»، تحت اسم كتلة «الإصلاح الوطني»، وحوّلها إلى كتلة متحدثة باسم الحكومة في البرلمان أيام حكم الشاهد. وفي السياق ذاته، يخوض نواب «الدستوري الحر» المعارض منذ يومين «اعتصام الحسم» بمقر البرلمان، في مواجهة مباشرة مع رئيسه راشد الغنوشي، احتجاجاً على رفضهم سياسة التوافق التي تعتمدها حركة النهضة مع بقية الكتل البرلمانية، وطالبوا بمساءلة الغنوشي في جلسة برلمانية حول اتصالاته الخارجية غير المعلنة، خاصة مع الطرف التركي. علاوة على المطالبة بإدانة مجلس البرلمان لمحاولة الاعتداء اللفظي والبدني التي تعرضت لها عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر».
وأثار قرار راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، حل المكتب التنفيذي للحركة، وتحويله إلى مكتب تصريف أعمال، حفيظة عدد من نواب الممثلين للحزب داخل البرلمان. وانقسمت مواقف النواب داخل كتلة حركة النهضة بين داعم لقرار زعيم الحركة، وآخر رافض لخيارات الغنوشي خلال هذه الفترة. ومن المرتقب أن ينعقد مجلس شورى النهضة بصفة استثنائية خلال الأيام القليلة المقبلة للتداول في المشكلات والخلافات التي احتدت مؤخراً داخل الحزب.
أما على مستوى الائتلاف الحكومي، فقد تعرضت حركة النهضة لانتقادات حادة، أطلقها زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب (حزب قومي)، حيث اتهمها بـ«ازدواجية الخطاب، ومحاولة إرساء تحالف مع المعارضة، من خلال استمالة حزبي (قلب تونس) و(ائتلاف الكرامة) في تحالف برلماني، وتحالف آخر مع الحكومة، من خلال فرض تعيينات مشبوهة في قصر الحكومة بالقصبة». وقد فهمت تصريحات المغزاوي على أنها تهديد مبطن للائتلاف الحكومي بإمكانية مغادرته.
يذكر أن حركة النهضة عاشت على وقع استقالات وانشقاقات متتالية، أهمها استقالة زياد العذاري، الأمين العام للحركة، وقيادات أخرى ذات وزن سياسي وتنظيمي، مثل عبد الحميد الجلاصي، وقبله حمادي الجبالي ورياض الشعيبي.
«النهضة» التونسية تتخوّف من تشكيل كتلة برلمانية جديدة داعمة للفخفاخ
وسط تزايد الأصوات الداعية إلى إخراجها من المشهد السياسي
«النهضة» التونسية تتخوّف من تشكيل كتلة برلمانية جديدة داعمة للفخفاخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة