تركيا تستعد لمواجهة مع «تحرير الشام» تنفيذاً للاتفاق مع روسيا

TT

تركيا تستعد لمواجهة مع «تحرير الشام» تنفيذاً للاتفاق مع روسيا

كشفت مصادر تركية عن استمرار الخلافات بين «هيئة تحرير الشام» وتركيا بسبب الاتفاقات والتفاهمات التركية بين أنقرة وموسكو في شمال سوريا واعتراض الهيئة عليها، وأن هذه الخلافات بدأت تتسبب في توترات متكررة بين الجانبين.
وقالت المصادر لـ«الشرق الوسط» إن الخلافات بدأت تطفو على السطح بشكل كبير وتتحول إلى توتر ومواجهات أحيانا عقب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في إدلب الموقع بين تركيا وروسيا في موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي، والذي تضمن تسيير دوريات مشتركة بين الجانبين على طريق حلب - اللاذقية بدأ من 15 مارس، وعملت الهيئة على عرقلتها بدفع مجموعات من عناصرها إلى جانب بعض أهالي إدلب لعرقلتها.
وأضافت المصادر أن التوتر وصل ذروته الشهر الماضي عندما تدخلت تركيا أكثر من مرة لفض الاعتصامات على طريق حلب - اللاذقية بالقوة وآخرها اعتصام النيرب الذي حدثت فيه مواجهة مباشرة بين القوات التركية و«الهيئة» للمرة الأولى، وقتل اثنان من عناصرها بقصف طائرة مسيرة تركية. وامتد التوتر إلى تدخل القوات التركية لمنع فتح الهيئة معبرا تجاريا مع النظام.
وأكدت المصادر أن تركيا عازمة على تنفيذ التزاماتها بموجب التفاهمات مع روسيا وتحييد «هيئة تحرير الشام» وفصلها عن فصائل المعارضة السورية المعتدلة أو الضغط عليها للقبول بحل نفسها والاندماج ضمن جيش موحد يضم الفصائل المختلفة الموالية لتركيا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن تركيا لا ترغب في تحقيق ذلك عبر عمل عسكري ضد «الهيئة».
وفي أحدث فصول التوتر، اعترضت «الهيئة» على إنشاء القوات التركية نقطة عسكرية في تلة النبي أيوب أعلى نقطة استراتيجية على جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي نظرا لموقعها وإشرافها على مناطق واسعة من إدلب وطريق حلب - اللاذقية قبل أن ترضخ وتسمح للقوات التركية بإنشاء النقطة أول من أمس، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتبدي «الهيئة» رفضا للتفاهمات التركية - الروسية ولتسيير الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية وتعترض على الوجود الروسي في المنطقة، وقبل يومين هاجم المسؤول السابق في «الهيئة» المعروف بـ«أبي العبد أشداء»، تركيا واتهمها بإدخال «العدو الروسي» إلى مناطق سيطرة الفصائل المسلَّحة في الشمال السوري، رافضاً تسيير الدوريات المشتركة على الطريق، كما رفض إقدام «الهيئة» على فتح المعابر التجارية مع مناطق سيطرة جيش النظام السوري.
وقال «أشداء»، إنَّه «توجد أهداف وطموحات للدولة التركية، مختلفة عن طموحات الثورة والشعب السوري، وهم يريدون مصلحتهم، وإن النظام التركي يساعد الروس اليوم لإدخالهم إلى المناطق، ويقف مع أعداء الثورة السورية، وهذا ليس من مصلحتنا، بعكس ما يقول الأتراك».
في سياق آخر، وقع انفجار في مدينة بنش شرق إدلب، ناتج عن مواد متفجرة داخل منزل، يقتنيها شاب يعمل في تصنيع المواد المتفجرة، ما تسبب في دمار المنزل ووقوع أضرار مادية في الحي، بحسب ما ذكر المرصد السوري، الذي أشار إلى مقتل مدني متأثرا بجروحه نتيجة انفجار ذخائر ومواد تفجير في منزل تاجر مواد متفجرة في بلدة الكستن غرب إدلب في 26 أبريل (نيسان) الماضي، إلى جانب إصابة 6 أشخاص بجروح متفاوتة.
وتنتشر هذه الحوادث نتيجة الانفلات الأمني في العديد من المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة.
وفي الإطار ذاته، انفجرت عبوة ناسفة خلف المستشفى الميداني في مدينة الباب الخاضعة لنفوذ الفصائل الموالية لتركيا في ريف حلب الشرقي، فيما يعرف بمنطقة «درع الفرات» ما أدى إلى إصابة 3 أشخاص بجروح متفاوتة، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة في تجمع للدراجات النارية.
كما أصيب رجل وطفل في انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة في مدينة عفرين الواقعة ضمن مناطق نفوذ تركيا والفصائل الموالية لها في المنطقة المعروفة بـ«غصن الزيتون» شمال حلب.
في الوقت ذاته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوقوع اشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا من جهة، ومجلس الباب العسكري، العامل ضمن تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة أخرى، على محور حزوان بريف مدينة الباب الغربي شمال شرقي حلب، تزامنت مع استهدافات متبادلة الليلة قبل الماضية.



إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
TT

إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)

أعادت 4 أسواق في حلب القديمة بشمال سوريا فتح أبوابها، بعد إنهاء أعمال ترميمها من أضرار لحقت بها خلال معارك عصفت بالمدينة، منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.

وشكّلت مدينة حلب، إحدى خطوط المواجهة الرئيسية بين القوات الحكومية وفصائل معارضة من صيف العام 2012 حتى نهاية 2016، تاريخ استعادة دمشق -بدعم روسي- سيطرتها على كامل المدينة. وبعد سنوات، لا تزال المدينة القديمة والأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل ترزح تحت دمار كبير.

وأعيد، مساء الأربعاء، وفق مصور «وكالة الصحافة الفرنسية»، افتتاح 4 أسواق في المدينة القديمة التي استقطبت قبل اندلاع النزاع آلاف التجار والسياح، بحضور مسؤولين وفاعليات محلية وممثلين عن منظمات غير حكومية.

إحدى أسواق حلب القديمة بعد الترميم (إ.ب.أ)

وانضمت الأسواق الـ4 التي أعيد ترميمها بشراكة بين مؤسسة مدعومة من السلطات ومنظمات غير حكومية، إلى 3 أسواق أخرى جرى افتتاحها سابقاً، من إجمالي 37 سوقاً تحيط بقلعة حلب الأثرية.

في سوق السقطية 2، أعاد عمر الرواس (45 عاماً) افتتاح ورشته ذات الجدران المبنية من الحجر، والتي ورثها ومهنة رتي السجاد عن والده.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين تحيط به سجادات معلقة على الجدران: «عندما دخلت إلى المحل، وبدأت دق المسامير لتعليق السجاد والبسط... ووضعت الطاولة والإبرة، شعرت كأنني عدت 35 عاماً إلى الوراء، وكأن المكان استعاد روحه».

وبعدما خسر زبائنه ومحله خلال سنوات الحرب، يقول الرواس: «إن الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك». ويشرح: «اليوم، يأتي المغتربون ويفتحون منازلهم، ليجدوا أنّ العثّ قد ضرب سجاداتهم، فيقدمون على إصلاحها، خصوصاً أن بعضها قد يكون ذكرى وبعضها له قيمته».

الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك (إ.ب.أ)

ولطالما اشتهرت حلب، التي شكّلت العاصمة الاقتصادية لسوريا، بأسواقها التجارية القديمة التي تمتد على طول نحو 100 متر في المدينة القديمة، المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث المهدد بالخطر جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها.

واحترقت الأسواق في سبتمبر (أيلول) 2012، أثناء معارك ضارية شهدتها المدينة. وتقدر منظمة الـ«يونسكو» أن نحو 60 في المائة من المدينة القديمة تضرر بشدة، في حين تدمر 30 في المائة منها بشكل كامل.

اشتهرت حلب بأسواقها التجارية القديمة المدرجة على قائمة الـ«يونسكو» للتراث المهدد بالخطر (إ.ب.أ)

ورغم سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة عام 2016، بعد سنوات من القصف والحصار وإجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق رعته كل من إيران وروسيا، الداعمتين لدمشق، وتركيا الداعمة للفصائل، لا يزال هناك دمار هائل يلف المدينة القديمة وأسواقها. وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة العام الماضي، الوضع سوءاً في حلب.

ودفع القتال خلال المعارك، ثم الظروف الاقتصادية والأمنية لاحقاً، مئات التجار المتمولين ورجال الأعمال للهجرة، وتأسيس أعمال ومصانع، خصوصاً في مصر والعراق وتركيا.

لا يزال الدمار يلف المدينة القديمة وأسواقها وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا العام الماضي الوضع سوءاً (إ.ب.أ)

وداخل الأسواق، تستمر أعمال الترميم ببطء، في وقت تحد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا، بعد 13 عاماً من الحرب، من قدرة السلطات على إطلاق مرحلة إعادة الإعمار.

ويقول عبد الله شوا (49 عاماً) الذي يبيع أنواعاً عدة من الصابون، فخر الصناعة في المدينة: «تركنا المصلحة وتعذبنا كثيراً خلال أيام الحرب، لكن الحمد لله استعدنا الروح».

ويضيف: «سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت».