واشنطن بين خياريّ حظر الأسلحة على طهران أو عودة العقوبات

ظريف: الاتفاق النووي لا يخص الولايات المتحدة

صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز مارس الماضي
صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز مارس الماضي
TT

واشنطن بين خياريّ حظر الأسلحة على طهران أو عودة العقوبات

صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز مارس الماضي
صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز مارس الماضي

ترك المبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك، الباب مفتوحا أمام خيارين؛ تمديد مجلس الأمن التابع للمنظمة الدولية الحظر على الأسلحة لإيران قبل انتهائه في أكتوبر (تشرين الأول) أو تفعيل العودة إلى فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة، وجاء الرد سريعا من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قائلا إن «الاتفاق النووي لا يخص (هوك) وما هو مهم بين إيران والأعضاء المتبقين في الاتفاق».
وقال هوك إن واشنطن ستضمن «بطريقة أو بأخرى» استمرار حظر الأسلحة. وأضاف أن الولايات المتحدة أعدت مسودة قرار لمجلس الأمن «وستمضي قدما في الدبلوماسية وتحشد الدعم» حسب رويترز.
وكتب هوك في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، في وقت متأخر الأربعاء، محذرا «إذا أحبط الفيتو الدبلوماسية الأميركية، فإن الولايات المتحدة تحتفظ بالحق في تمديد حظر الأسلحة بوسائل أخرى»، مشيرا إلى قدرة أي طرف في الاتفاق النووي على تفعيل ما يسمى بالعودة الفورية لجميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، والتي تشمل حظر الأسلحة.
ومن المقرر أن ينقضي أجل حظر الأسلحة في أكتوبر بموجب، القرار 2231 الصادر الذي تبنى الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عام 2018. بهدف ممارسة ضغوط على طهران للتوصل إلى اتفاق يتضمن البرنامج الصاروخي وتهديداتها الإقليمية.
وتقول واشنطن إن بوسعها تفعيل عودة عقوبات الأمم المتحدة لأن القرار 2231 لا يزال يذكر الولايات المتحدة كطرف فيه.
وأكد هوك هذه الاستراتيجية بعد أسبوعين من نشر تقارير تفيد أن الولايات المتحدة أطلعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا على خطتها. ويحتاج القرار إلى موافقة تسعة أعضاء دون استخدام أي من القوى الدائمة العضوية، روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، حق النقض (الفيتو). وأشارت روسيا بالفعل إلى معارضتها تمديد حظر الأسلحة.
وردا على هوك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للصحافيين إن «الاتفاق النووي لا يخص (هوك) وما هو مهم بين إيران والأعضاء المتبقين في الاتفاق»، ونقلت عنه رويترز قوله في هذا الصدد إن «المزاعم الحمقاء للمسؤولين الأميركيين ليست شيئا جديدا».
وأضاف «ليس مفاجئا أن نسمع مثل هذه الأمور من أشخاص يوصون بشرب المطهرات لدرء فيروس كورونا - أن يزعموا أنهم لا يزالون طرفا بالاتفاق بعد الانسحاب منه رسميا».
ويبدو أنه كان يشير إلى ما قاله ترمب عن إجراء أبحاث عما إذا كان من الممكن علاج الإصابة بفيروس كورونا بحقن الجسد بمطهرات، وهو ما تراجع عنه لاحقا ووصفه بالمزحة.
وفي نفس السياق، نسبت وكالة «مهر» الحكومية إلى ظريف قوله إن «الاتفاق النووي لم يحد من تقدم البرنامج النووي الإيراني»، مضيفا أن «الجمهورية الإسلامية أحرزت تقدما ملحوظا في المجال النووي».
وقال ظريف «رغم أنهم خرجوا من القرار 2231 وانتهى حضورهم في الاتفاق لكن ما زالوا يقولون نحن ما زلنا عضوا فيه، حتى حلفاء أميركا رفضوا هذه الحجة».
وفي إشارة إلى تقليص إيران التزاماتها بشكل كبير في الاتفاق النووي ردا على الخروج الأميركي، قال ظريف «واصلنا خطواتنا في إطار الاتفاق، بإمكان الأعضاء الآخرين في الاتفاق أن يصلحوا سلوكهم وفي حال إصلاح السلوك سنعود إلى تنفيذ الاتفاق بشكل كامل».
وقال ظريف إن الاتفاق النووي «وثيقة قوية، وما فعلته الولايات المتحدة سيجعلها تدرك في المستقبل أنه لن يصب في مصلحتها».
في الوقت نفسه، سخر متحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي من تقرير لوزارة الخارجية الأميركية لعام 2019 صدر أول من أمس يفيد بأن إيران وأربع دول أخرى لم تتعاون بشكل كامل مع جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.
ونقلت رويترز عن المتحدث عباس موسوي قوله على «تويتر» «في ظل تاريخ من تأسيس وتمويل وتسليح جماعات إرهابية مختلفة، وسجل من إرهاب الدولة، ودعمها المطلق لنظام إرهابي آخر، فإن الولايات المتحدة ليست معيارا جيدا لتقييم جهود مكافحة الإرهاب».
وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحافيين يوم الثلاثاء «هذا سخيف... إنهم (الأميركيين) ليسوا طرفا وليس لهم الحق في تفعيل (العقوبات)».
ويقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة ستواجه على الأرجح معركة فوضوية إذا حاولت تفعيل عودة العقوبات. ولم يتضح بعد كيف يمكن لعضو في مجلس الأمن أن يوقف مثل هذه الخطوة. ورغم انسحابها من الاتفاق النووي، إلا أن الإدارة الأميركية، منحت إعفاءات، سمحت لشركات روسية وصينية وأوروبية بمواصلة عملها في مواقع نووية إيرانية والتعامل مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في خطوة تزيد من صعوبة تطوير إيران سلاحا نوويا.
ومن المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة، قرارها حول الإعفاءات، نهاية هذا الشهر، عندما ينتهي الإعفاء الذي أصدرته في نهاية مارس (آذار) الماضي لمدة 60 يوما.
وتسمح خطوة إدارة الرئيس ترمب بمواصلة عمليات منع الانتشار النووي في مفاعل أراك للأبحاث والمياه الثقيلة ومحطة بوشهر النووية ومفاعل الأبحاث بطهران ومبادرات نووية أخرى.
وكانت قد أوقفت إعفاءات منشأة فردو في نوفمبر (تشرين الثاني).
وقبل أسابيع من سحب الإعفاء، كانت طهران قد باشرت بعمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة «فُردو» بنسبة 5 في المائة، بعدما نقلت غاز اليورانيوم إلى المنشأة التي يحظر فيها الاتفاق النووي أي عملية تخصيب، ومواد انشطارية.



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».