استراتيجية عراقية جديدة لمحاربة «داعش» بموازاة ترتيب العلاقة مع واشنطن

TT

استراتيجية عراقية جديدة لمحاربة «داعش» بموازاة ترتيب العلاقة مع واشنطن

بالتزامن مع بدء الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن الشهر القادم بشأن الاتفاقية الأمنية بين الطرفين التي تتم بموجبها إعادة تنظيم العلاقة بين البلدين، أعلنت بغداد عن وضع استراتيجية مستقبلية لكيفية محاربة «تنظيم داعش» الإرهابي. وفي أول تصريح له بعد تسلمه منصب رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، أعلن الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي أن «الجهاز سيكون له دور كبير في مطاردة (تنظيم داعش) الإرهابي، لا سيما في مناطق شمال محافظة صلاح الدين التي ينشط فيها وغربي كركوك والموصل، وهي مناطق تعد مؤشرا لدينا لتحرك المجاميع الإرهابية، ونملك خططا معدة للقضاء على تلك التنظيمات وفق جداول زمنية وضعت لطردها والقضاء عليها بشكل كامل». وأضاف رئيس جهاز مكافحة الإرهاب أن «الجهاز سيشارك في العمليات التي تجري لمطاردة التنظيم الإرهابي ولدينا خطط بهذا الشأن ستنفذ على أرض الواقع»، لافتا إلى أن «مستوى التعاون مع التحالف الدولي في الحرب ضد (داعش) الإرهابي سيكون مشابهاً لما كان عليه في الحرب ضد (داعش) ويشمل تبادل المعلومات والاستطلاع وتقديم الإسناد الجوي وتفاصيل فنية أخرى، وهو أسلوب العمل المتبع في كل المعارك التي خاضها الجهاز». وأوضح الساعدي أن «البلد يمر حالياً بمرحلة حرجة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية مما يستدعي وضع حلول سريعة للخروج من هذه الأزمات»، مؤكداً أن «الجهاز لديه مسؤوليات تجاه حماية أمن الدولة والمواطن من أي تهديدات إرهابية مستقبلية».
وكان الساعدي الذي يحظى بشعبية كبيرة في العراق سواء على المستوى العسكري أم الجماهيري، أعفاه رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي من منصبه وأحاله إلى الإمرة، وهو قرار عده الكثيرون مجحفاً بقائد عسكري أسهم بشكل بارز في كل معارك التحرير ومنها معارك الفلوجة والموصل. وكان قرار عودة الساعدي إلى مهام عمله أول قرار اتخذه رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي حال تسلمه مهام منصبه.
إلى ذلك، أعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن هناك محاور عديدة سيتم بحثها خلال المفاوضات التي ستجري مطلع شهر يونيو (حزيران) المقبل بين العراق والولايات المتحدة الأميركية حول الاتفاقية الأمنية بين البلدين. وقال عضو اللجنة عباس صروط إن «هناك عدة محاور ستناقش مع زيارة الوفد الأميركي إلى بغداد ولقائه كبار المسؤولين العراقيين، حيث إن من بين أهم المحاور هي جدولة انسحاب القوات الأميركية ومسألة التعاون ما بين الولايات المتحدة والعراق». وأكد أن لجنة الأمن والدفاع البرلمانية «طالبت الحكومة بتعدد مصادر التسليح حتى عندما تتأثر علاقات العراق مع أية دولة يكون لدينا بدائل أخرى مثل منظومة الصواريخ إس 300 أو إس 400 الروسية، حيث إن العراق يبذل جهودا كبيرة من أجل الحصول على مثل هذه الأسلحة»، مبينا أن «كل هذه المسائل سوف تكون حاضرة على مائدة المفاوضات مع الأميركيين». وبشأن المخاطر التي لا تزال يمثلها «تنظيم داعش» يقول الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التنظيم لا يزال يمثل خطرا ويريد بالفعل العودة، لأسباب عديدة؛ من بينها تهريب السجناء مقابل أموال في العمق السوري، لا سيما في الحسكة وهناك الحدود التي لا تزال مفتوحة من جهة نينوى وكذلك بعض التغييرات الاستخبارية التي طالت بعض قيادات التنظيم واستبدالها بواسطة قيادات أخرى غير واعية». وأضاف أبو رغيف أن «عبد الله قرداش الذي تزعم القيادة بعد البغدادي يمتاز بالإجرام والإرهاب والقسوة ولديه أتباع أكثر من 6000 آلاف داخل العمق التركي ويحاول تنفيذ بعض العمليات». وأوضح أن «هيكلة ما يسمى بـ(داعش) فقط بولاية العراق وولاية الشام ومساعي تنفيذ ضربات نظرا لكون التنظيم يملك مجسات على الجوانب السياسية والاقتصادية ومن ثم الصحية، وبالتالي هو يحاول استثمار مثل هذه الأجواء للقيام بعملياته حيث إنه تنظيم انتهازي يحاول استغلال أية ظروف صعبة في البلد لكي يستغلها بطريقة إجرامية تماما».
إلى ذلك نفذ طيران التحالف الدولي ضد «الإرهاب»، أمس الخميس ضربات نوعية لأماكن وجود عناصر «تنظيم داعش» الإرهابي، في العراق، لأول مرة بعد الانسحاب من القواعد العراقية، الشهر الماضي. وأعلن التحالف الدولي، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، ضد «الإرهاب»، في بيان له أنه قام بـ«تسديد ضربات موجعة لأماكن اختباء عناصر (داعش) الإرهابي، من قبل طيران القوات الفرنسية، في قرية مزيرير التابعة لقضاء الحويجة، في كركوك، شمال العراق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».