فقدت روسيا صفة «بلد ثقافة الشاي»، بعد أن كشفت بيانات ارتفاع الإقبال في أوساط المواطنين الروس على القهوة العام الفائت. وكان الشاي طيلة عقود ماضية يحتل مكانة مميزة في حياة روسيا. ومنذ عهود القياصرة والأباطرة، تناقل الروس تقليد احتساء الشاي، الشراب الساخن الذي كان يجتمع حوله ممثلو النخب، من شعراء وأدباء ومفكرين في «الصالونوهات»، والمواطنون في منازلهم وأمسياتهم، يحتسونه ويتناقشون في شؤون البلاد والعباد، ويتسامرون ويلهون، دون أن يفوتهم الاستمتاع بفنجان من هذا الشراب المحبب. ولم يتوقف هذا التقليد حتى في سنوات ما بعد الثورة البلشفية، وصولاً إلى أيامنا هذه.
ويدرك من قرأ الأدب الروسي، كله أو جزءاً منه، المكانة المميزة لهذا التقليد في حياة الروس، إذ تتكرر في معظم أعمال كبار الأدباء والكتاب الروس، المشاهد التي يكون سماور الشاي لاعباً رئيسياً فيها. في الوقت ذاته لم تكن القهوة موجودة بشكل واضح في حياة المواطنين الروس، وعلى الأقل لم تحظَ بحفاوة ومكانة مميزة في عاداتهم كالتي منحوها للشاي.
ومع أن السماور، هذا الوعاء المعدني الذي يسخنون فيه الماء لإعداد الشاي، والجلسات الصباحية أو المسائية حوله لاحتساء الشاي، لا تزال حاضرة بقوة في الحياة اليومية لكثيرين من أبناء القرى والمدن الروسية على حد سواء، إلا أن الانتشار الكثيف، لشبكات المقاهي المختصة بتقديم القهوة بكل أنواعها، والذي بدأ مع انفتاح السوق الروسية منذ نحو عقدين، أثر بشكل واضح على هذا التقليد الروسي، وساهم في زيادة إقبال المواطنين على احتساء القهوة، إلى أن أصبحت الشراب المفضل «رقم واحد»، مقارنة بحجم استهلاكهم للشاي. هذا ما تؤكده بيانات «رابطة تشاي - كوفي» الروسية، والتي قالت إن المواطنين الروس استهلكوا العام الفائت 180 ألف طن من القهوة بمختلف أنواعها، مقابل 160 ألف طن من الشاي. كما تشير بيانات خدمة الجمارك الفيدرالية إلى أن روسيا في عام 2019 استوردت 413.3 ألف طن من القهوة، مقابل 314.2 ألف طن من الشاي. ويحيل مراقبون هذا التحول إلى جملة عوامل، في مقدمتها احتكاك المواطنين الروس مع تقاليد ونمط حياة الشعوب الأخرى.
روسيا لم تعد بلد «ثقافة الشاي»
روسيا لم تعد بلد «ثقافة الشاي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة