سنوات السينما: ستيف ماكوين

ستيف ماكوين
ستيف ماكوين
TT

سنوات السينما: ستيف ماكوين

ستيف ماكوين
ستيف ماكوين

ستيف ماكوين
تاريخ متعب وحضور رائع

نظرات الممثل ستيف ماكوين كانت كافية للتعبير عما يشعر به حيال أي شخص أو أي شيء. كانت البديل الصحيح لصمته المناسب. لم يكن ليختار تفسير ما في داخله بالكلمات إلا حين الضرورة كأن يطرح سؤالاً أو يجيب عن آخر. عيناه كانتا فاحصتين، لكنهما في الوقت ذاته تميل إلى النظر بعيداً عن الناس داخل الفيلم وخارجه.
وُلد في 24 مارس (آذار) سنة 1930 وتوفي في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1980 وظهر في 29 فيلماً امتدت من عام 1953 إلى عام وفاته. في معظمها حافظ على صورة ذلك الرجل الخارج عن المجتمع من دون أن يكون بالضرورة عدواً له. الرجل الذي يتميز بالبرودة الظاهرة بصرف النظر عما يشعر به في الداخل.
هناك عبارة قالها ماكوين كجزء من حواره في فيلم The Cincinati Kid [نورمان جويسون، 1965] تقول: «أعيش لنفسي ولا أنتمي لأحد»، وخلال نحو 40 سنة من عمله بدا تماماً على هذه الصورة مع إيضاح بأن كلمة «نفسي» لا تعني أنانيته وانشغاله بذاته، بل تعني مبادئه التي يرفض التنازل عنها.
هذا يتضح، على أفضل نحو، في «بوليت» (بيتر ياتس، 1968) حين لعب شخصية التحري الذي يرفض التعاون مع وكيل النيابة (روبرت ڤون) ذي الطموحات السياسية ويصر على إجراء التحقيق الذي يقوم به بنفسه.
ربما يعود تكوينه لهذه الشخصية أمام الكاميرا لحياته حين كان فتى صغيراً بالتالي، هناك احتمال بأنه لم يكن يمثّل حالة يجلبها من بعيد أن يتدرب عليها مليّاً، بل كان يبقى في إطار ذاته كلما لعب دوراً من تلك التي جعلته أحد قمم ممثلي جيله.
مثل عديدين رزحوا تحت وطأة معاناة نفسية شديدة، مرّ ماكوين بمراحل حياة صعبة في البداية. تخلى عنه والده قبل ولادته، وأودعته أمه لدى والديها. رعاه كذلك عمّه لبضع سنوات يعتبرها ماكوين، في مذكراته، أفضل سنوات حياته آنذاك. لكن متاعبه استمرت عندما استعادته والدته ليعيش تحت كنفها وكنف زوجها الجديد. هذه المصاعب وسواها سريعاً، مما جعلته يقرر أن عليه الاعتماد على نفسه وسبر غور الحياة من دون انتظار معاونة أحد له.
وجد ماكوين نفسه أمام الكاميرا لأول مرّة سنة 1953 في دور صغير من «فتاة هاربة» (جوزف بل، 1953). بعد ثلاث سنوات دور صغير آخر في Somebody Up There Likes Me (إخراج روبرت وايز). وتحسن وضعه في فيلمه الثالث Neve Love a Stranger (روبرت ستيفنز، 1958) لكن الفيلم الذي أطلقه كان The Blob لإيرفن ييوورث الذي قاد بطولته كشاب يسعى لإنقاذ بلدة صغيرة من مخلوق يكبر حجماً كلما ابتلع ضحاياه.
بعد سنوات قليلة (في 1960) كان من أبرز من لعب بطولة «الرائعون السبعة» لجون سترجز: وسترن حول سبعة من الرجال يقررون الدفاع عن قرية ضد عصابة تستبيحها. لجانبه في الفيلم يول برينر، تشارلز برونسون، روبرت فون، جيمس كوبرن وآخرين. كان الأكثر هدوءاً بينهم ومن القلة التي بقيت على قيد الحياة عند نهاية الفيلم.
إلى جانب التمثيل أحب ماكوين قيادة العجلات النارية والسيارات ووجد من الأفلام ما يجمع بين كل هواياته الفنية والرياضية مثل «الهروب الكبير» (ستيرجز، 1963) و«بوليت».
في 1972 مثل فيلمين جيدين لسام بكنباه هما «جونيور بونر» و«الفرار» (The Getaway) وبرع قبل ذلك وبعده في «قضية توماس كراون» (نورمان جويسون، 1968) و«بابيون» (فرانكلين شافنر، 1973).
آخر فيلمين له كانا فيلم وسترن بعنوان «توم هورن» وسترن لويليام يارد عن رجل يحنو للحرية و«الصياد» لباز كوليك، أكشن كوميدي حول رجل يعيش اليوم بأفكار الأمس.


مقالات ذات صلة

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز