لبنان يقرر تشديد مراقبة الحدود مع سوريا لمنع التهريب

نائب من «القوات» يكشف أن لديه لائحة بأسماء المهربين سيقدمها إلى القضاء

اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس في قصر بعبدا (دالاتي ونهرا)
اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس في قصر بعبدا (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان يقرر تشديد مراقبة الحدود مع سوريا لمنع التهريب

اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس في قصر بعبدا (دالاتي ونهرا)
اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس في قصر بعبدا (دالاتي ونهرا)

اتخذت السلطات اللبنانية أمس قراراً باستحداث نقاط أمنية وعسكرية وجمركية على الحدود مع سوريا، وتشديد الإجراءات لتتبع سير شاحنات تنقل المحروقات والطحين، إثر الكشف عن استئناف عمليات التهريب خلال الآونة الأخيرة من لبنان إلى سوريا، التي تُفاقم استنزاف الخزينة اللبنانية.
وأعيد فتح ملف التهريب عبر الحدود السورية، بعد أسبوع على تقرير تلفزيوني كشف عن تهريب المحروقات والطحين إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية، وهما مادتان يدعم مصرف لبنان استيرادهما بالعملة الصعبة، ما يستنزف احتياطه.
وبموازاة الضغط الذي مارسه حزب «القوات اللبنانية» حول ملف التهريب، منذ الأسبوع الماضي، ترأس الرئيس ميشال عون أمس اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، في حضور رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء الأعضاء وقادة الأجهزة الأمنية، وخُصّص لعرض الأوضاع الأمنية في البلاد والإجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة عمليات التهريب عبر المعابر الحدودية غير الشرعية، إضافة إلى مسائل تتعلق بالتعبئة العامة.
واستهل عون الاجتماع بعرض واقع المعابر الحدودية البرية غير الشرعية من الناحية الميدانية والقانونية ومدى انعكاس تهريب البضائع والمواد على المالية العامة، وطالب بعدم التهاون في هذه المسألة، وشدد على ضرورة اتخاذ أقصى التدابير بحق المخالفين.
وعرض رئيس مجلس الوزراء حسان دياب الانعكاسات المالية والاقتصادية على مداخيل الخزينة، كما تطرق إلى المعوقات اللوجستية التي تحول دون ضبط الحدود البرية.
وبعد أن عرض قائد الجيش، العماد جوزيف عون، الواقع الميداني للحدود البرية ووضعية المعابر غير الشرعية، تداول الوزراء وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية والجمركية في الصعوبات التي تحول دون ضبط الحدود، وتقرر تكثيف المراقبة والملاحقة وتشديد العقوبات وتطبيقها بحق المخالفين. كما تقرر وضع خطة شاملة لاستحداث مراكز مراقبة عسكرية وأمنية وجمركية.
وقالت مصادر مطلعة على واقع التهريب أخيراً إن خطوط التهريب فتحت من المنطقة الشمالية التي تمتد من قرى الهرمل في شمال شرقي لبنان، إلى الشمال الغربي، وهي منطقة «يصعب ضبطها بسبب التداخل الجغرافي مع الأراضي السورية»، خلافاً للحدود الشرقية حيث توجد مراكز للجيش وأبراج مراقبة.
ولفتت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن خطوط التهريب الجديدة معروفة، كذلك الصهاريج التي تنتقل بطريقة سلسة ضمن الأراضي المتداخلة، ما يصعّب على السلطات اللبنانية ضبطها بالكامل من دون قرار سياسي. وتوضح المصادر أن تلك المنطقة تحتاج إلى عدد كبير من العسكريين والتجهيزات لضبطها، وأشارت إلى أن الثغرة الأخيرة حصلت بسبب عدم وجود عدد كافٍ من العسكريين ينتشر على المنطقة الحدودية كافة، فضلاً عن تركيز المهربين على استخدام الأراضي المتداخلة لتنفيذ خطة التهريب.
وبعد عقود من تهريب المازوت من سوريا إلى لبنان قبل الحرب السورية، سار المهربون بالطريق المعاكس؛ حيث بدأ ملف تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا، في أواخر 2018. حين بدأت أزمة المحروقات تتفاقم في سوريا إثر العقوبات الدولية على النظام، ولاحقاً تراجعت وتيرة التهريب، قبل أن تزداد مرة أخرى في الصيف الماضي إثر انخفاض قيمة العملة السورية وارتفاع سعر المازوت في سوريا. وأحيط ملف التهريب باهتمام حزب «القوات»، وطالب رئيسه سمير جعجع بقرار واضح من الحكومة، تطلب فيه من الجيش وقوى الأمن الداخلي إغلاق كل المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا.
وكشف عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب زياد حواط في مؤتمر صحافي أمس، أن لديه لائحة بأسماء المهربين، وأشار إلى أنه «إذا كانت الأجهزة الأمنية تمتلك الأسماء ولا تتحرك فهذه كارثة وهناك قرار سياسي بعدم تغطية الأجهزة الأمنية لاتخاذ الإجراءات المطلوبة». وقال إنه سيقدم خلال الأيام المقبلة إخباراً إلى النيابة العامة يتضمن أسماء المهربين، مؤكداً أن السلطة القضائية مطالبة بالحزم واتخاذ قرارات جريئة بموضوع التهريب. ووصف بعض المعابر بأنها «أوتوسترادات»، وقال هناك معابر مفتوحة من دون رقيب باستثناء سلطات الأمر الواقع الموجودة في تلك المناطق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.