أوباما يوسع مهمة القوات الأميركية في أفغانستان

القرار يسمح بتنفيذ مهام عسكرية ضد طالبان وجماعات مسلحة أخرى

جندي أفغاني في حالة تأهب بعد محاولة اغتيال النائبة البرلمانية شكرية باركزاي أثناء توجهها إلى البرلمان غرب كابل منذ عدة أيام (أ.ب)
جندي أفغاني في حالة تأهب بعد محاولة اغتيال النائبة البرلمانية شكرية باركزاي أثناء توجهها إلى البرلمان غرب كابل منذ عدة أيام (أ.ب)
TT

أوباما يوسع مهمة القوات الأميركية في أفغانستان

جندي أفغاني في حالة تأهب بعد محاولة اغتيال النائبة البرلمانية شكرية باركزاي أثناء توجهها إلى البرلمان غرب كابل منذ عدة أيام (أ.ب)
جندي أفغاني في حالة تأهب بعد محاولة اغتيال النائبة البرلمانية شكرية باركزاي أثناء توجهها إلى البرلمان غرب كابل منذ عدة أيام (أ.ب)

قرر الرئيس أوباما في الأسابيع الأخيرة السماح بإطالة أمد مهمة القوات العسكرية في أفغانستان خلال 2015 عما كان مخططا من قبل، في خطوة تكفل اضطلاع القوات الأميركية بدور مباشر في القتال داخل أفغانستان لعام آخر على الأقل.
ويسمح القرار الصادر عن أوباما للقوات الأميركية بتنفيذ مهام ضد طالبان وجماعات مسلحة أخرى تهدد القوات الأميركية أو الحكومة الأفغانية، وهي مهمة أوسع نطاقا عما وصفه الرئيس أمام الرأي العام في وقت سابق من العام، وذلك تبعا لما أفاده الكثير من مسؤولي الإدارة والمؤسسة العسكرية والكونغرس على علم بالقرار. كما يسمح القرار الجديد للطائرات الأميركية والقاذفات والطائرات من دون طيار بدعم القوات الأفغانية في مهامها القتالية.
يذكر أنه خلال بيان ألقاه من داخل البيت الأبيض في مايو (أيار) قال أوباما إن «القوات الأميركية لن تضطلع بدور قتالي في أفغانستان العام المقبل، وأن مهام الـ9.800 جندي الباقيين بالبلاد ستقتصر على تدريب القوات الأفغانية وتعقب فلول القاعدة».
وقد جاء قرار تبديل طبيعة مهمة القوات نتاجا لنقاش طويل ومحتدم كشف النقاب عن توترات داخل إدارة أوباما بين دافعين غالبا ما يتعارضان: الوعد الذي قطعه أوباما بإنهاء الحرب في أفغانستان في مواجهة مطالب البنتاغون بتمكين القوات الأميركية من إنجاز مهامها المتبقية في أفغانستان بنجاح.
وجرت المناقشات حول الأمر على خلفية ما شهده العام الحالي من انهيار في قوات الأمن العراقية في مواجهة تقدم «داعش» وتفاقم حالة غياب الثقة بين البنتاغون والبيت الأبيض التي لا تزال قائمة منذ قرار أوباما عام 2009 بإرسال 30.000 جندي إضافي لأفغانستان. وأشار بعض المستشارين المدنيين للرئيس إلى أنه اتخذ هذا القرار فقط بسبب الضغوط الكبيرة من قبل البنتاغون، بينما يرى بعض المسؤولين العسكريين أن القرار صدر من دون دراسة متروية ورمى في جزء منه لتحقيق أهداف سياسية محلية.
وجاء قرار أوباما الأخير خلال اجتماع عقده في الأسابيع الأخيرة داخل البيت الأبيض مع كبار مستشاريه المعنيين بالأمن الوطني، وصدر رغم اعتراض بعض كبار مساعديه المدنيين الذين رأوا ضرورة تجنب تعريض أي أرواح أميركية للخطر خلال العام المقبل في أي عمليات ضد طالبان، وأنه ينبغي العمل على تضييق نطاق مهمة مكافحة الإرهاب ضد «القاعدة».
إلا أن المؤسسة العسكرية مارست هي الأخرى ضغوطا من جانبها، حيث حث جنرالات داخل البنتاغون وفي أفغانستان أوباما على وضع توصيف أوسع للمهمة بحيث تتمكن القوات الأميركية من مهاجمة طالبان وشبكة حقاني والمجموعات المسلحة الأخرى حال توافر معلومات استخباراتية تشير لتهديد المتطرفين للقوات الأميركية بالبلاد.
كما أن القرار الجديد من جانب الرئيس سيتيح في ظل ظروف معينة توجيه ضربات عسكرية أميركية لدعم عمليات عسكرية أفغانية بالبلاد، ومرافقة قوات براية من وقت لآخر للقوات الأفغانية في عمليات ضد طالبان.
وأوضح مسؤول أميركي أنه كانت هناك وجهة نظر ترغب في جعل المهمة محدودة للغاية بحيث تركز فقط على «القاعدة»، وأضاف «لكن المؤسسة العسكرية حصلت على ما رغبته».
مساء الجمعة، شدد مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأميركية على أن القوات الأميركية لن تنفذ دوريات منتظمة أو مهام هجومية ضد طالبان العام القادم. وقال: «لم نستهدف بعد المسلحين فقط لكونهم أعضاء في طالبان. وسوف نتخذ الإجراءات اللازمة لتأمين الأميركيين حسب إلى أي مدى يهدد أعضاء طالبان مباشرة الولايات المتحدة وقوات التحالف في أفغانستان أو يوفرون دعما مباشرا لـ(القاعدة)». من الناحية العملية، من شأن قرار أوباما الأخير تمديد الدور العسكري الأميركي الحالي للعام القادم. وقد اضطر أوباما ومساعدوه لاتخاذ هذا القرار لأن المهمة العسكرية الأميركية في أفغانستان كان من المقرر لها الانتهاء بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) القادم.
من جهته، أكد فيكرام سنغ، الذي عمل على صياغة السياسة تجاه أفغانستان داخل كل من وزارة الخارجية والبنتاغون خلال فترة رئاسة أوباما ويعمل الآن بمركز التقدم الأميركي في واشنطن، أن قضية الدور العسكري في أفغانستان خلال عام 2015 كانت قضية مثيرة للجدل الشديد لفترة طويلة، بل وكانت أكثر إثارة للجدال عن قضية أعداد القوات.
من جهتهم، ذكر مسؤولون أميركيون أنه بينما استمر الجدال حول طبيعة دور القوات الأميركية في أفغانستان بدءا من عام 2015 لسنوات، فإن قضيتين رئيسيتين غيرتا مسار الجدال خلال الشهور الأخيرة.
كانت الأولى تقدم قوات «داعش» عبر شمال العراق وانهيار الجيش العراقي، مما أثار انتقادات ضد أوباما بسبب سحبه القوات الأميركية من العراق وتركه القوات العراقية على مستوى رديء من الاستعداد لا يمكنها من حماية أراضي وطنها.
وزاد ذلك بدوره من حدة الانتقادات الموجهة لاستراتيجية أوباما حيال أفغانستان، حيث اتهمه أعضاء في الكونغرس من الجمهوريين بل وبعض الديمقراطيين بالتشبث بجدول زمني ضيق للغاية يعيق جهود تدريب قوات الأمن الأفغانية، مما قد يتركهم عرضة لهجمات من طالبان وجماعات متطرفة أخرى. ويمكن أن يؤدي القرار الجديد لإنهاء بعض هذه الانتقادات، لكن تبقى احتمالات تعرض الرئيس لانتقادات من جانب بعض أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين باعتباره سمح للمؤسسة العسكرية بإملاء شروط إنهاء اللعبة في أفغانستان.
أما القضية الثانية، فكانت انتقال السلطة في أفغانستان إلى الرئيس أشرف غني الذي أبدى تقبلا أكبر بكثير لتمديد أجل المهمة العسكرية الأميركية بالبلاد عن سلفه حميد كرزاي. وأفاد مسؤول أفغاني بارز وآخر سابق على صلة وثيقة بزملائه السابقين أنه خلال الأسابيع الماضية طلب غني ومستشاره الجديد للأمن الوطني، حنيف أتمار، من الولايات المتحدة الاستمرار في محاربة قوات طالبان عام 2015، بدلا من قصر دورها على تنفيذ عمليات ضد «القاعدة». كما رفع غني مؤخرا قيودا فرضها كرزاي على الضربات العسكرية الأميركية والغارات المشتركة، حسبما ذكر مسؤولون أفغان. يذكر أن الرئيس الجديد بنى بالفعل علاقات عمل وطيدة مع جنرال جون إف. كامبل، قائد القوات الأميركية بأفغانستان.
* «نيويورك تايمز»



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.