بينما يعاني العالم اليوم من وطأة جائحة «كورونا» التي ضربت شتى نواحي الحياة وشلّت الاقتصادات والأعمال العسكرية والمدنية، فإن تنظيم «داعش» الإرهابي يراها «عقوبة إلهية»، ويستغلها لزيادة نشاطاته الإرهابية حول العالم.
ويبدو تنامي الأعمال الإرهابية لـ«داعش» مرتبطاً، جزئياً على الأقل، بتراجع الأعمال الدفاعية ضد التنظيم من التحالف الدولي، إذ أجبرت الجائحة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على إيقاف أو تعليق جوانب مهمة من حملته في العراق وسوريا.
واعترف مسؤول كبير في التحالف لشبكة «سي إن إن» التلفزيونية الأميركية بأن «داعش» زاد من هجماته منذ بداية أزمة «كوفيد 19»، فقد ركّزت قوات الأمن العراقية على فرض حظر التجول بهدف منع انتشار الوباء، وهو ما أخلى الساحة لـ«داعش» لتنفيذ هجمات والاستفادة من حالة عدم الاستقرار. ولم تعد قوات التحالف ترافق الوحدات العراقية أو «قوات سوريا الديمقراطية» خلال الغارات على أهداف «داعش» في الميدان. وأوضح المسؤول لـ«سي إن إن»: «قبل التوقف المؤقت لبعض العمليات العسكرية بسبب فيروس (كورونا)، حقق التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة وحلفاؤه السوريون والعراقيون نجاحاً في استهداف قادة (داعش) من المستوى المتوسط، إذ إن القيادة الوسطى للمجموعة قد تم تدميرها حقاً، وكان من الصعب استبدال هؤلاء الأفراد».
وتقول إيما لاهاي، الباحثة السياسية في جامعة جورج واشنطن، إن التحالف الدولي لا يزال يقدم المشورة إلى أعلى المستويات في الجيش العراقي، مما يساعد على تنسيق الضربات الجوية وتبادل المعلومات الاستخبارية، وهذه من أهم الأمور التي يجب ألا تتأثر بالجائحة. وأوضحت لاهاي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الأنشطة الإرهابية الأخيرة من أذرع «داعش» في جنوب آسيا وأفريقيا خارج مناطق سيطرة التنظيم، تقدّم تذكيراً صارخاً بأن «داعش» لا يزال يشكل تهديداً بعيداً عن العراق وسوريا، ومنذ أن بدأ الوباء فقد أضعف قدرة سلطات تنفيذ القانون أو تطبيق الأمن في جميع أنحاء العالم و«استمر (داعش) في العمليات عبر أفغانستان وغرب أفريقيا ووسط أفريقيا والساحل ومصر واليمن». وتضيف: «استغل (داعش) بشكل محدد الوباء لشن هجمات في العراق وجزر المالديف والفلبين، ونشر دعوات قوية لأتباعه لتنفيذ هجمات على الغرب، وفي الواقع، لا يزال هناك ما بين 20000 إلى 25000 من مقاتلي (داعش) في العراق وسوريا وذلك وفق تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، وهذا خطر كبير لأنه يعني أن التنظيم لديه قدرة على إعادة تشكيل صفوفه».
وحسب موقع «سايت» (SITE Intelligence)، أنشأ «داعش» ملاذات آمنة له في صحراء البادية السورية ومنطقة الجزيرة على طول الحدود العراقية - السورية، ومن هناك يتم تكدس الأسلحة وشن هجمات ضد القوات المحلية.
وفي العراق نفّذ «داعش» 34 عملية بين 15 و21 أبريل (نيسان)، في وقت يحاول التنظيم استعادة شبكاته شرق وغرب نهر الفرات كجزء من استراتيجيته الصحراوية.
ونشر «داعش» في مجلته «النبأ» مقالات تقول إن الفيروس كان «عقاباً إلهياً ضد الصين الشيوعية»، فيما كان في العراق تحذير لـ«المشركين» الشيعة. وعندما أصبح المرض جائحة عالمية قال التنظيم إنه يشكل عقاباً لـ«الدول الصليبية»، وحض أنصاره الموجودين في أوروبا على تنفيذ الهجمات.
الفيروس «عقوبة إلهية»... وجهة نظر {داعشية}
الفيروس «عقوبة إلهية»... وجهة نظر {داعشية}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة