الإصرار على استئناف النشاط الكروي في ظل «كورونا» محنة للاعبين

هل الدوافع المالية وراء رغبة السياسيين ومسؤولي الدوري الإنجليزي الممتاز في عودة المباريات؟

صداقة اللاعبين في الملاعب غالباً ما تكون من خلال التلامس وليس اللعب فقط (إ.ب.أ)
صداقة اللاعبين في الملاعب غالباً ما تكون من خلال التلامس وليس اللعب فقط (إ.ب.أ)
TT

الإصرار على استئناف النشاط الكروي في ظل «كورونا» محنة للاعبين

صداقة اللاعبين في الملاعب غالباً ما تكون من خلال التلامس وليس اللعب فقط (إ.ب.أ)
صداقة اللاعبين في الملاعب غالباً ما تكون من خلال التلامس وليس اللعب فقط (إ.ب.أ)

قد يكون من الصعب الحديث عن عدد الأشياء التي يجب أن تعود إلى وضعها الطبيعي أولاً، حتى تعود كرة القدم إلى استئناف نشاطها بالشكل المعتاد، حيث يجب أولاً إجراء اختبارات للكشف عن المصابين بفيروس كورونا، ويجب تعقيم البيئة المحيطة، وتحديد مواقع للحجر الصحي، وأن تكون الملاعب مهيأة تماماً ومعدة لاستئناف المباريات بشكلها الجديد، كما يجب تحديد مواعيد ملائمة للمباريات، ويجب التغلب على تداعيات إقامة المباريات بدون جمهور، وغيرها من الأمور الأخرى. ولا يوجد أدنى شك في أن كل نقطة من هذه النقاط لها صعوباتها الخاصة، وتمس النقاط الأخرى أيضاً. لكن ربما يتمثل التحدي الأكثر تعقيداً على الإطلاق فيما يتعين على اللاعبين أنفسهم القيام به.
وخلال الأسبوع الماضي، أشارت النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو) إلى أن هناك زيادة في معدلات الاكتئاب أثناء فترة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا. ووصفت طبيبة تشيلسي السابقة، إيفا كارنيرو، اللاعبين الذين غالباً ما نصفهم بأنهم آلات لا يمكن إيقافها بأنهم «عرضة للإصابة بالقلق النفسي»، فقد تسربت المخاوف التي أثارها فيروس كورونا إلى حياة الرياضيين، مثلهم مثل الجميع في بقية أنحاء العالم.
وقد يواجه لاعبو كرة القدم، ولا سيما أولئك الذين يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز، خياراً لا يواجهه الكثير منا، فيما يتعلق بكيفية العودة إلى العمل مرة أخرى، حيث يتطلب الأمر من هؤلاء اللاعبين «اتصالاً جسدياً قوياً» في ظل هذا الوباء.
وأعلن مهاجم مانشستر سيتي الأرجنتيني سيرخيو أغويرو أن اللاعبين خائفون من استئناف اللعب بسبب تفشي كورونا. وقال أغويرو: «بطبيعة الحال، أغلبية اللاعبين خائفون لأن لديهم أطفالا وعائلات». وأضاف: «إذا عدنا، أنا واثق من أن الجميع سيكونون مشدودي الأعصاب في اللحظة التي سيشعر فيها أحد الأشخاص بأنه مريض وسيقول (ما الذي يجري هنا؟)».
وسيواجه اللاعبون الغياب لأسابيع عدة عن عائلاتهم حيث سيخضعون للحجر الصحي في الفنادق. قال مهاجم برايتون المخضرم غلين موراي في هذا الصدد: «آمل ألا نصل إلى هذا السيناريو. الأمر صعب المنال، أن تمضي 8 أسابيع بعيداً عن عائلتك هو مهمة كبيرة». كما وصف موراي فكرة ارتداء اللاعبين لكمامات أثناء المباريات بأنها «مهزلة». في المقابل، أعرب قائد مانشستر يونايتد السابق غاري نيفيل الذي يعمل معلقاً في شبكة «سكاي سبورتس» عن قلقه إزاء صحة لاعبي الدوري في حال العودة السريعة إلى المنافسات بعد رفع الإغلاق التام المفروض في بريطانيا بسبب فيروس كورونا المستجد. ورأى أن العامل الاقتصادي يتغلب على العامل الإنساني، وقال في هذا الصدد: «يقوم الناس الآن بتقييم المخاطر. كم شخصا يجب أن يموت وهو يلعب كرة القدم في الدوري الممتاز قبل أن يصبح الوضع مريراً؟ واحد؟ لاعب واحد؟ أو أن يذهب أحد الموظفين إلى العناية المركزة؟ ما هي المخاطر التي يجب أن نتحملها؟ النقاش هو اقتصادي بحت وإلا لكنا توقفنا عن خوض المباريات لأشهر عدة».
ويصر نيفيل على أن رغبة الدوري الممتاز بإنهاء الموسم مرتبطة بدوافع مالية واقتصادية، إذ سيواجه الدوري ضربة قوية في حال تعذر استكمال المباريات الـ92 المتبقية، إذ يتوقع المعنيون خسائر بقيمة ما يقارب مليار جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار).
إن العائق الذي يتعين على الرياضيين أن يتخلصوا منه نفسياً ليكونوا مستعدين للمنافسة قد يكون صعباً مثل أي تحد آخر تواجهه اللعبة، ولعدة أسباب. يقول مات كونليف، عالم نفس في قسم علوم الحياة والرياضة في جامعة غرينتش: «هناك الكثير من الأبحاث حول هذا الأمر الآن. وهناك الكثير من الناس ينظرون إلى الآثار النفسية للوباء على الأداء الرياضي، وعلى الصحة النفسية والرفاهية أيضاً، نظراً لأن هذا الوضع غير مسبوق وجديد تماماً».
وما يعرفه علماء النفس جيداً هو أن الضغوط النفسية يكون لها تأثير كبير على الأداء، وتجعل اللاعبين أكثر عرضة للإصابة بالمرض وأكثر عرضة للتعرض للإصابات، كما تؤثر سلبياً على القدرة على التعافي. يقول كونليف: «إذا لم تقم بإعادة التأهيل أو التأهيل المسبق بسبب الضغوط النفسية، فقد يكون لذلك تأثير. وإذا كان معدل ضربات القلب أو ضغط الدم مرتفعاً، فقد يؤثر ذلك على التعافي. الضغوط النفسية لها تأثير على كل ذلك، ويمكن أن يكون لها تأثير أيضاً على صنع القرار، خاصة أثناء المباريات، مثل قرار التدخل بشكل متهور». ويضيف: «ما تفعله الضغوط النفسية بشكل أساسي هو أن تجعل سلوكياتك أقل من المستوى الأمثل، وهو ما يؤثر في نهاية المطاف على حالتك النفسية. لكننا نعلم أيضاً أن الضغوط، وخاصة الضغوط النفسية مثل التدريب المفرط ومتطلبات الأداء، أو الضغوط بسبب العلاقات الاجتماعية أو القلق من الإصابة بالعدوى - تؤثر على جهاز المناعة أيضاً».
من المؤكد أن جميع الأندية على دراية جيدة بكيفية التعامل مع الضغوط النفسية، لكن من المؤكد أيضاً أنها لا تملك الخبرة الكافية في التعامل مع الضغوط الناجمة عن الخوف من الإصابة بفيروس. يقول مارتن تورنر، عالم نفس بجامعة مانشستر متروبوليتان، إن «الشعور بعدم اليقين وعدم القدرة على السيطرة على الأمور من العوامل الرئيسية التي تسبب التوتر. وإذا فكرت في الطريقة التي يعمل بها الرياضيون، خاصة في الأنشطة الرياضية الجماعية، ستجد أن هناك دافعا لخلق بيئة يمكن التنبؤ بها، فكل شيء في مكانه الصحيح لزيادة الإمكانات».
ويضيف: «في بعض جوانب التدريب ستعمل الأندية على خلق حالة من الشك بهدف تعريض اللاعبين للضغوط حتى يعتادوا عليها، لكن فيروس كورونا قد أضاف حالة من الشك وعدم اليقين لم يكن اللاعبون معتادين عليها». ووفقاً لتورنر، فإن إضافة ضغط نفسي جديد سيكون له العواقب نفسها التي وصفها كونليف، كما سيؤثر أيضاً على الرسائل الأخرى التي قد يرغب المديرون الفنيون في توصيلها للاعبين. ويقول: «هذا الضغط يتطلب طريقة مختلفة للتكيف معه، حيث يتطلب الأمر نوعاً من التأقلم العاطفي، حتى يشعر اللاعبون بأنهم في بيئة آمنة وأنهم يثقون بالطاقم الطبي. لكن في الوقت نفسه يتعين عليهم أن يحاولوا تطوير إمكاناتهم في بيئة ليست مثالية في الوقت الحالي. ويجب عليهم أن يسألوا أنفسهم: ما الذي يمكننا القيام به للحفاظ على كفاءتنا وعلى شعورنا بالأمان؟».
ويجب أن ندرك أن قوة أي لاعب كرة قدم تكمن في الفريق الذي يلعب له، ويقول تورنر على ذلك: «من بين الأشياء الناجمة عن وجودك في فريق هو تكوين صداقة قوية بالآخرين. ويمكن النظر إلى الفيروس على أنه تحد مشترك للجميع. وما يتطلبه الأمر هو وجود قائد في المجموعة يخرج في التدريبات بتركيز كبير وثقة في النفس لكي يظهر للجميع أنه يثق في العاملين في النادي، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انتقال هذا الشعور إلى باقي أعضاء الفريق».
ومن المفارقات الأخرى للوضع الحالي أن كرة القدم غالباً ما تُكون صداقتها من خلال الاتصال الجسدي، وليس اللعب فقط، حيث نرى اللاعبين يعانقون بعضهم البعض ويمزحون سوياً، وهي الأمور التي باتت تشكل جزءاً من بناء الفريق. لكن بات من المستحيل الاستمرار في هذا الأمر الآن. ويجب الإشارة إلى أن الوباء لا يشبه أي شيء شهده الشخص من قبل، وهذا يعني أنه لا يوجد ضمان بأن اتخاذ تدابير معينة سيؤدي إلى النتيجة التي يريدها الناس. يقول تورنر عن ذلك: «أعتقد أن القلق هو رد الفعل الصحيح في مثل هذا الموقف. القلق موجود ليقول لنا إن الأشياء ليست صحيحة في البيئة المحيطة بنا. وإذا عاد أي ناد إلى المنافسة بدون أن يشعر بالقلق في الوقت الحالي، فسيكون ذلك مصدراً للقلق في حقيقة الأمر. تقبل القلق والاعتراف به هما مفتاح التغلب على الأزمة الحالية».


مقالات ذات صلة

أموريم مدرب يونايتد: سأكون صارماً عندما يتطلب الأمر

رياضة عالمية روبن أموريم (أ.ف.ب)

أموريم مدرب يونايتد: سأكون صارماً عندما يتطلب الأمر

يُعرف روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد الجديد بقدرته على التواصل مع اللاعبين وهو أمر يقول كثيرون إن سلفه إريك تن هاغ كان يفتقده.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية  توماس بارتي لاعب أرسنال محتفلا بهدفه في مرمى نوتنغهام فورست (رويترز)

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

بعد تعثره بتعادلين أمام تشيلسي وليفربول وخسارتين أمام بورنموث ونيوكاسل يونايتد في الجولات الأربع الماضية، وضع فريق آرسنال حداً لنتائجه السلبية في الدوري

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيدرو لاعب توتنهام محتفلاً بهدفه في السيتي (رويترز)

الدوري الإنجليزي: رباعية توتنهام تحطم سلسلة مان سيتي القياسية على أرضه

استمرت معاناة مانشستر سيتي بخسارة مفاجئة 4 - صفر أمام ضيفه توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اليوم السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
TT

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)

أشار البرتغالي جورجي خيسوس، المدير الفني لفريق الهلال، إلى إمكانية مشاركة البرازيلي مالكوم أمام النصر، في المباراة التي تجمعهما، اليوم السبت في كأس السوبر السعودي.

وقال خيسوس، في المؤتمر الصحافي الخاص بالمباراة: «مجدداً الهلال طرف في نهائي آخر ضد منافس قوي، ستكون مباراة قوية. ستظهر صورة الكرة السعودية التي وصلت إلى المستوى العالي، والعالم يشاهد».

وأضاف: «الفريقان يملكان لاعبين كثراً على مستوى عالٍ من الجودة، وبالطبع نبحث عن أن نظهر الوجه القوي للكرة السعودية».

وتابع: «المباراة ستكون منقولة على مستوى العالم ودول أوروبا والبرازيل، نرغب في أن نظهر أفضل صورة للكرة السعودية، نرغب في أن نظهر ما أظهرناه في الموسم الماضي».

وواصل: «في كل مكان بالعالم النهائيات والديربيات يكون فيها شد ذهني لا يمكن السيطرة عليه بالكامل، المستوى هذا من الصعب أن نتحكم خلاله في ردة الفعل. هناك بعض اللحظات التي يكون فيها شحن وهي طبيعية».

وبسؤاله عن موقف البرازيلي مالكوم من المباراة، أوضح خيسوس: «لقد تدرب مع الفريق اليوم، وبناءً على ذلك سنتخذ القرار الأنسب، كل شيء سيعتمد على التمرين الأخير».

وأردف: «مالكوم من أفضل اللاعبين الموجودين على مستوى الهلال والدوري، وبالنسبة لي بصفتي مدرباً معرفة مالكوم التكتيكية مهمة، وهو حل مهم لنا، يجعل الأمور أسهل».

ورفض خيسوس الحديث عن لاعبه سعود عبد الحميد الذي ارتبط بالانتقال إلى صفوف روما الإيطالي خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

وأكد: «الهلال يملك قائمة قوية من اللاعبين، وفترة الإعداد كانت من أجل العمل على استعداد اللاعبين، خصوصاً مثل الموجودين خارج الفريق الموسم الماضي؛ مثل حمد اليامي الذي كان بالشباب، ويملك إمكانات جيدة».

وواصل: «نحن معتادون على حب الجماهير الذي يتحرك معنا، لامسنا هذا الأمر العام الفائت، نحاول أن نمنحهم بطولة أخرى، وقفوا معنا، ودعمونا، ونحن موجودون لأجل إرضاء الجماهير».

وأتم خيسوس حديثه بالإشادة بمهاجمه ميتروفيتش، قائلاً: «إنه محترف على مستوى عالٍ داخل وخارج الملعب، بداية الإعداد كانت رائعة؛ إذ خسر بعض الوزن، ميتروفيتش مثال لنوعية المحترف المثالي».

من جانبه، يأمل الصربي ألكسندر ميتروفيتش، مهاجم الهلال في الفوز بكأس السوبر على حساب النصر.

وقال ميتروفيتش في المؤتمر الصحافي: «ستكون مباراة قوية ضد منافس قوي، لعبنا أمامهم في الموسم الماضي، ونتمنى أن نكون الطرف المنتصر».

وأفاد: «لا يوجد شيء اختلف في الإعداد لمواجهة النصر. إنها مثل أي مباراة أخرى، نركز على أنفسنا وتنفيذ تعليمات المدرب أفراداً ومجموعة».

وأكمل: «ستكون مباراة كبيرة حافلة بالحضور الجماهيري، نحن محظوظون بوجود الجماهير داخل أرضنا وخارجها».

واختتم: «السعادة ستكون أكبر إن انتصرنا مع تسجيلي للأهداف، ولكن الهدف الرئيسي إسعاد الجماهير والفوز باللقب».