أدوية تخفيف أعراض «كوفيد ـ 19»... حلول مؤقتة في انتظار اللقاح

الصحة العالمية لا تقرها و«هيدروكسي كلوروكوين» أشهرها

باحثة فيروسات تعمل على استخراج مضادات أجسام في مختبر بجامعة غنت البلجيكية (أ.ف.ب)
باحثة فيروسات تعمل على استخراج مضادات أجسام في مختبر بجامعة غنت البلجيكية (أ.ف.ب)
TT

أدوية تخفيف أعراض «كوفيد ـ 19»... حلول مؤقتة في انتظار اللقاح

باحثة فيروسات تعمل على استخراج مضادات أجسام في مختبر بجامعة غنت البلجيكية (أ.ف.ب)
باحثة فيروسات تعمل على استخراج مضادات أجسام في مختبر بجامعة غنت البلجيكية (أ.ف.ب)

لم يصل العالم بعد إلى علاج يستهدف فيروس «كورونا المستجد»، أو لقاح للتحصين ضده، ولكن في المقابل يتم الحديث من حين لآخر عن استخدم أحد الأدوية المتاحة من منطلق أن «ما لا يُدرك كله لا يُترك جله»، حيث لا تعالج هذه الأدوية الفيروس، ولكنها مفيدة في تخفيف أعراضه.
ومنحت «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية مؤخراً الترخيص باستخدام أكثر من دواء قديم في تخفيف أعراض الفيروس، ولكن هذه الموافقة تقتصر على حالة الطوارئ التي يعيشها العالم الآن، ولا تعني نيل موافقة رسمية، إذ يتطلب ذلك مراجعة على مستوى أعلى. ويعتمد اختيار تلك الأدوية على معرفة البروتينات الخاصة بالفيروس، والبروتينات الموجودة في جسم الإنسان التي يمكن أن تتفاعل معها، حيث يكون أي تقاطع على الخريطة بين البروتينات الفيروسية والبشرية مكاناً تقاوم فيه الأدوية الفيروس.
وبدلاً من تطوير عقاقير جديدة للعمل على نقاط التفاعل هذه، يلجأ العالم إلى الأدوية الموافق عليها بالفعل للاستخدام البشري، ومن بين أبرز الأدوية التي أصبحت مستخدمة في أكثر من دولة عقار الملاريا (هيدروكسي كلوروكوين). وحصل هذا العقار على دفعة جديدة باتجاه استخدامه في تخفيف أعراض الفيروس، بعد أن حصل على موافقة أخيرة لإجراء تجربة عشوائية على استخدامه مع المرضى.
وكانت شركة الأدوية السويسرية «نوفارتس» المنتجة للدواء قد قالت، في 20 أبريل (نيسان) الماضي، إنها حازت على موافقة لإجراء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، بعد أن حصلت في وقت سابق خلال الشهر نفسه على ترخيص بالاستخدام الطارئ له، بصفته علاجاً غير معتمد لتخفيف أعراض الفيروس.
وأخذ هذا الدواء الذي يستخدم منذ عام 1944 في علاج الملاريا زخماً بعد أن روج له الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مؤتمر صحافي عقد بالبيت الأبيض في 19 مارس (آذار) الماضي، لكن يخشى بعضهم من أن دعم الإدارة لعلاج لم تتأكد فاعليته يؤدي إلى اختصار إجراءات المراجعة والرقابة التي تجريها إدارة الغذاء والدواء.
وأظهرت الدراسات التي أجريت على هذا الدواء تناقضاً واضحاً، كشف عنه تقرير لموقع «theconversation» في الثالث من أبريل (نيسان) الماضي، حيث أشار إلى تجربة لفريق بحثي فرنسي بقيادة د. جان ميشيل مولينا في مستشفى سانت لويس في باريس، أجريت على 11 مريضاً كان لديهم حمى بسبب الفيروس، واستخدم معهم بروتوكول علاجي يمزج بين هيدروكسي كلوروكوين وأزيثروميسين. وأظهرت الدراسة أنه بعد 5 إلى 6 أيام من العلاج باستخدام هيدروكسي كلوروكوين (600 ملغرام يومياً لمدة 10 أيام) وأزيثروميسين (500 ملغرام في اليوم الأول، و250 ملغرام في الأيام من 2 إلى 5)، لا يزال 8 من 10 مرضى لديهم نتائج إيجابية للفيروس، في حين توفى مريض واحد، ونقل اثنان إلى وحدة العناية المركزة.
وعلى العكس من النتائج السلبية، كانت هناك نتيجة إيجابية أشارت إليها دراسة فرنسية أيضاً جمعت بين العقارين هيدروكسي كلوروكوين وأزيثروميسين، وأجريت هذه الدراسة التي قام بها د. فيليب جوتريت من مستشفى مرسيليا على 80 مريضاً، وأدى هذا العلاج إلى شفاء نسبة كبيرة منهم، وهو ما أكدته دراسة صينية أخرى لأطباء من مستشفى «رنمين» بجامعة ووهان، نُشرت على موقع الأبحاث «medRxiv» في 26 مارس (آذار) الماضي، وأظهرت نتائجها أن 31 مريضاً تلقوا الدواء أظهروا انخفاضاً في أعراضهم قبل 24 ساعة من المرضى في المجموعة الضابطة. بالإضافة إلى ذلك، تحسّنت أعراض الالتهاب الرئوي في 25 من 31 مريضاً، مقابل 17 من 31 في المجموعة الضابطة.
- دواء ريميديسفير
ورغم هذا التضارب بين الدراسات، أصبح «هيدروكسي كلوروكوين» مستخدماً في أكثر من بروتوكول للعلاج بأكثر من دولة، ودخل دواء آخر مستخدم في علاج الملاريا على رادار العالم، وهو دواء «ريميديسفير» الذي أعلنت الحكومة اليابانية مؤخراً اعتماده علاجاً للفيروس. ودواء ريميديسفير تم تطويره في الأصل ليكون علاجاً للإيبولا، وتم استخدامه في حالات الطوارئ خلال هذا الوباء الذي بدأ في عام 2018، وأصبح الآن مرشحاً للدخول في بروتوكولات علاج فيروس كورونا المستجد.
واستند الاعتماد الياباني للدواء على نتائج تجارب سريرية مشتركة متعددة الجنسيات شاركت فيها اليابان منذ مارس (آذار) الماضي، وباتت الولايات المتحدة هي الأخرى قريبة من اعتماد الدواء بعد أن أعلنت المعاهد الوطنية للصحة بأميركا مؤخراً نتائج أبحاث تجربة عشوائية بدأت في 21 فبراير (شباط) الماضي، وشملت 1063 مريضاً، حيث أشارت النتائج إلى أن المرضى الذين تلقوا العقار كان لديهم وقت أسرع للشفاء بنسبة 31 في المائة من أولئك الذين تلقوا علاجاً وهمياً. وعلى النقيض من هذه الدراسة الأميركية، أظهرت أخرى صينية نشرتها دورية «ذا لانسيت» في 29 أبريل (نيسان) الماضي، وأجريت خلالها تجارب سريرية على 237 مريضاً خلال الفترة من 6 فبراير (شباط) حتى 12 مارس (آذار) الماضي، أنه لم يكن هناك أي فوائد سريرية للدواء بالنسبة للحالات التي كانت تعاني من أعراض شديدة. ودخل أيضاً على رادار العالم دواء «أفيجان» الياباني المستخدم في علاج الإنفلونزا بعد أعلنت إحدى شركات «فوجي فيلم» اليابانية المنتجة للدواء قبل أيام دخوله المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لعلاج مرضى فيروس «كورونا» في اليابان، كما أعلنت أيضاً دخوله المرحلة الثانية من التجارب السريرية لعلاج 50 مريضاً في الولايات المتحدة الأميركية داخل مستشفى ماساتشوستس العام ومستشفى جامعة برمنغهام.
- الأجسام المضادة
وبالإضافة للأدوية القديمة، لجأ العالم إلى تقنية علاجية قديمة، وهي استخدام الأجسام المضادة، استخدمت منذ أكثر من 100 عام خلال وباء الإنفلونزا الإسبانية. كما استخدمت الأجسام المضادة في علاج فيروس الإيبولا في عام 2014. وتقوم فكرتها على الاستفادة من استجابة الجهاز المناعي للفيروس لدى المتعافين، حيث يقوم بإنشاء أجسام مضادة تقوم بمهاجمته، وبمرور الوقت تتراكم هذه الأجسام في الجزء السائل من الدم (البلازما)، ويتم عزلها من البلازما لاستخدامها في علاج المصابين. وأعلنت وحدة الدم وزراعة الأعضاء في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية مؤخراً عن عزمها إجراء تجارب سريرية تهدف إلى اختبار هذه التقنية. كما يوثّق بحث نشرته مؤخراً مجلة الجمعية الطبية الأميركية لنجاح تجربة صينية في علاج 5 مرضى دخلوا إلى المستشفى في شنتشن خلال الفترة من 20 يناير (كانون الثاني) إلى 25 مارس (آذار)، وذلك عن طريق استخدام الأجسام المضادة.
- موقف لم يتغير
ومنحت التجربة السابقة لتقنية العلاج بالبلازما مع فيروس الإيبولا والديفتريا زخماً كبيراً لهذه التقنية التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها فعاله. وقال د. مايك رايان، مدير برنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية بجنيف، في تصريحات صحافية يوم 18 فبراير (شباط) الماضي، إن البلازما في فترة النقاهة أثبتت أنها «فعالة منقذة للحياة»، وذلك عند استخدامها لعلاج أمراض معدية أخرى، ومنها الديفتريا.
وفي المقابل، لم يتغير موقف منظمة الصحة العالمية من الأدوية القديمة المعاد استخدامها التي تستخدم لتخفيف الأعراض، إذ قال د. أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «حالات الشفاء في الدراسات التي استخدمت هذه الأدوية كانت لمرضى يعانون من أعراض خفيفة، لأننا نتحدث عن مرض يشفى 80 في المائة من المصابين به من دون العلاج، فمن الوارد أن يكون الشفاء قد حدث بمحض الصدفة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».