يخشى المجتمع الدولي والإقليمي عودة الحرب لدولة جنوب السودان مجدداً، إثر تصاعد الخلافات بين رئيس الدولة سلفا كير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار، على تقاسم السلطة في الولايات، برغم تفشي وباء كورونا في البلاد.
ووقع فرقاء جنوب السودان في أغسطس (آب) 2018 اتفاقية سلام، أنهت حرباً أهلية بسبب صراع سلفا كير - مشار على السلطة في البلاد، تحول لاحقاً إلى حرب إثنية بين قبيلتي «دينكا» الموالية للرئيس ميارديت، وقبيلة «نوير» الموالية لنائبه مشار، واستمرت خمسة أعوام راح ضحيتها آلاف القتلى والمشردين.
وأجبر المجتمع الدولي والإقليمي الرجلين على إنهاء الحرب وتقاسم السلطة، لكن سرعان ما عادت الخلافات بينهما مجدداً، على تقاسم السلطة في ولايات البلاد العشرة، وهو الأمر الذي يثير قلق المجتمع الدولي من انزلاق الدولة حديثة التكوين في الحرب مجدداً.
وقال جناح الحركة الشعبية بزعامة النائب الأول لرئيس جنوب السودان رياك مشار، والأحزاب الأخرى، إنهم يرفضون قرار «مؤسسة الرئاسة» على تقاسم السلطة في الولايات ومنهج إعادة دمج القوات التابعة لهم في الجيش الوطني.
وبحسب الوزير في مكتب رئيس جنوب السودان مييك أيي، فإن أطراف اتفاقية السلام، توافقت في اجتماع ضم الرئيس ميارديت، ونائبه الأول مشار، ونواب الرئيس «جميس واني إيقا، تابان دينق قاي، عبد الباقي أبيي، ربيكا قرنق» أول من أمس، على قسمة السلطة في ولايات البلاد العشرة، بأن تذهب ستة منها لمجموعة الرئيس ميارديت، وثلاثة لمجموعة مشار، وولاية واحدة لتحالف الأحزاب.
بيد أن مشار قال في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن قرار تقاسم السلطة في الولايات «يخص الرئيس سلفا كير»، وإنه ليس قراراً تم التوافق عليه بين أطراف اتفاقية السلام.
وأضح بيان مشار أن القرار الصادر عن مكتب الرئيس، لم يضع في الاعتبار ما سماه «الهيمنة النسبية للأطراف في كل ولاية أو مقاطعة»، وقال: «لذلك فإننا نرفض مخرجات تقسيم الولايات العشر جملة وتفصيلاً، وليس من حق مؤسسة الرئاسة الفصل في قضية الولايات في ظل الخلافات حولها».
ووصف مشار البيان الرئاسي بأنه نقض لتوصية «رئيس مفوضية مراقبة اتفاقية السلام» في أبريل (نيسان) الماضي، التي قضت بتحويل ملف الولايات إلى ضامني اتفاق السلام في الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا «الإيقاد» ودولة جنوب أفريقيا.
وأوضح مشار أن الحركة الشعبية في المعارضة بقيادته، تتمتع بشعبية كبيرة في ولاية أعالي النيل، ولا تملك الحكومة أو تحالف الأحزاب المعروف بـ«سوا» الحق في السيطرة على الولاية، مشيراً إلى نص في اتفاقية السلام يدعو لمراعاة شعبية الأطراف عند تقاسم السلطة في الولايات، وطلب مشار من رؤساء مجموعة دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا «إيقاد» ومبعوثها في جوبا التدخل لحل القضية في أسرع وقت.
من جهتها، رفضت مجموعة «الأحزاب السياسية الأخرى» بشدة قرار الرئاسية الخاص بتقاسم السلطة في الولايات واعتبرته خرقاً واضحاً لاتفاق السلام، وهددت بالانسحاب من الحكومة الانتقالية، وقالت في بيان إن إعطاءها ما نسبته 8 في المائة من عدد الولايات «إقصاء لها».
وفي هذا الصدد، وصف الباحث في مجموعة الأزمات الدولية بـ«بروكسل» آلان بوزيل، الخلاف بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، بأنه تهديد لما تم تحقيقه لتنفيذ اتفاق السلام، وقال في بيان: «الآن تواجه حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية الجديدة في جنوب السودان، أكبر أزمة تواجهها في ظل تعثر المفاوضات بين أطراف اتفاق السلام، حول تقاسم السلطة في الولايات العشر»، في وقت ينشغل فيه شركاء جنوب السودان الدوليين بمكافحة جائحة «كوفيد - 19».
وأضاف بوزيل: «من المهم على زعماء الإقليم، اتخاذ خطوات سريعة حتى لا تتدهور الأوضاع وتدخل البلاد في نزاع جديد بشأن السلطة».
واستمرت الحرب في جنوب السودان خمس سنوات، وأدت لمقتل نحو 400 ألف شخص، وتشريد أكثر مليوني شخص بين نازح ولاجئ، وأحدثت مجاعة في البلاد، ما سبب أكبر أزمة لاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية التي شهدتها دولة روندا عام 1994.
وكشف تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في جنوب السودان، استمرار التنافس بين أطراف اتفاق السلام للسيطرة على الأمن والموارد الاقتصادية.
ووصف التقرير السلام في جنوب السودان بأنه «ما زال هشاً بسبب استمرار الموقعين في التنافس من أجل السيطرة الأمنية والموارد الاقتصادية في مناطق متعددة في البلاد».
وحذر من استمرار تجنيد الأطفال تقوم بها قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان والحركة الشعبية في المعارضة، بهدف زيادة حجم قواتهما واندماجها ضمن الترتيبات الأمنية. ووفقاً لتقرير الخبراء، فإن جهاز الأمن وسع دائرته وأحكم السيطرة على المعارضة السياسية المدنية، واحتجز تعسفياً عددا من المدنيين في سجن قرب النيل، وتابع: «المخابرات العسكرية قامت بعمليات تعذيب للمدنيين في أحد السجون داخل قيادة الجيش»، إلى جانب تسلم شحنة أسلحة من السودان وتجنيد وتدريب وتسليح ميليشيات قبلية في عدد مناطق نفوذ الرئيس سلفا كير.
واتهم بيان الخبراء كلا من الحكومة والمعارضة بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان في مناطق الاستوائية الوسطى، والقيام بعمليات نهب وحرق لممتلكات المدنيين على أساس إثني، ووجه اتهامات بعدم الشفافية في استخدام الأموال الممنوحة لإدارة الفترة الانتقالية قبل تشكيل الحكومة الجديدة، وتابع: «هناك بؤر فساد وسوء تخصيص أموال الدولة وتحويلها، وأن ذلك يهدد تقويض الإصلاحات السياسية والأمنية».
المجتمع الدولي يخشى انزلاق جنوب السودان إلى حرب أهلية
الخلافات بين سلفا كير ومشار تهدد اتفاق السلام
المجتمع الدولي يخشى انزلاق جنوب السودان إلى حرب أهلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة