الكهرباء والوقود «المغشوش» يشعلان سجالات وتبادل اتهامات في لبنان

TT

الكهرباء والوقود «المغشوش» يشعلان سجالات وتبادل اتهامات في لبنان

عاد ملف الكهرباء إلى واجهة السجالات السياسية، بوصفه الملف الأكثر إرهاقاً للخزينة في السنوات الأخيرة، واندلعت اتهامات وسجالات بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الذي يتسلم وزراء ينتمون إليه حقيبة الطاقة منذ عشر سنوات، وسط دعوة النائب ياسين جابر (من كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها الرئيس نبيه بري) إلى «ضرورة تغيير الناس الذين يتعاطون بملف الكهرباء».
ويتسبب الهدر في قطاع الكهرباء وعدم معالجة الأزمة باستنزاف للمالية العامة، ويعود جزء كبير من الإنفاق الحكومي السنوي إلى دعم هذا القطاع، ما تسبب في عجز في الموازنة. وتشترط كل الدراسات الإصلاحية للوضع الاقتصادي اللبناني أن يتركز الإصلاح على معالجة هذه الأزمة لتقليص نسبة تتخطى الـ20%من الاستنزاف في موازنة الدولة.
وأخيراً، انفجر ملف الوقود المغشوش الذي يحقق القضاء اللبناني فيه، وفتح باباً لتبادل الاتهامات السياسية.
وقال النائب ياسين جابر أمس، إن «الملف الأكثر وقاحة وهدراً هو الكهرباء»، مؤكداً أن «لبنان لديه نزيف حاد بقطاع دمّره وهو الكهرباء». وشدد في حديث إذاعي على «ضرورة تغيير الناس الذين يتعاطون بملف الكهرباء، ويجب تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان يضم أشخاصاً لديهم خبرة، كذلك تعيين الهيئة الناظمة وتطبيق القانون. وزارة الطاقة يجب ألا تدير المؤسسة، ووزير الطاقة هو وزير وصاية فقط».
وفي موضوع بناء المعامل، قال جابر: «يجب معالجة شبكة النقل والتوزيع، والخطوة الأولى تكون ببناء المعامل وزيادة الإنتاج».
وبعد انحسار الجدل حول الخطة الاقتصادية، تجدد السجال بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» حول ملف الكهرباء، إثر انفجار فضيحة الوقود المغشوش الذي يدخل إلى لبنان، وبات الملف بعهدة القضاء اللبناني.
وغداة توجيه وزير الطاقة الأسبق سيزار أبي خليل «اتهاماً سياسياً» إلى كل الفرقاء «الذين لم يقفوا إلى جانبنا في مجلس الوزراء لتغيير عقود شراء المحروقات»، دعا نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني النائب أبي خليل إلى «العودة إلى محاضر جلسات الحكومة في 2017 و2018 حيث طلبنا منه خطة لوقف الهدر ووافقنا عليها، لكنه تجاهل بنودها وبقي رافضاً الذهاب إلى إدارة المناقصات في بند واحد وهو الطاقة الموقتة (البواخر)»، مضيفاً: «إذا ابتُليتم بالمعاصي فاستتروا».
كذلك، دعا الوزير الأسبق بيار بوعاصي زميله أبي خليل إلى العودة إلى محاضر جلسات مجلس الوزراء. وقال: «إننا (وزراء القوات اللبنانية) رفضنا الخطة الطارئة للكهرباء لصيف عام 2017، لأن ما كان وما زال طارئاً هو خطة شاملة لتأمين الكهرباء للبنان وليس خطة طارئة لفترة محددة. كما أننا رفضنا وما زلنا تحديد البواخر كحل وحيد ومن خلال دفتر شروط مفصّل على مقاس شركة واحدة من دون الأخذ بملاحظات إدارة المناقصات. ورفضنا حينها المشاركة في لجنة وزارية لفضّ العروض منعاً لاستقدام بواخر إضافية من دون رؤية شاملة ومن دون دفتر شروط عادلة تشارك في وضعه إدارة المناقصات، توخياً للشفافية».
وأشار إلى أن هذه الخطة «اختفت في الحكومة اللاحقة لتحل محلها خطة الوزيرة ندى بستاني التي لم ترَ النور عملياً حتى يومنا هذا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.