داليا البحيري لـ «الشرق الأوسط» : ابتعادي عن السينما غير متعمد

أكدت جاهزيتها لتقديم جزء خامس من «يوميات زوجة مفروسة»

الفنانة المصرية داليا البحيري
الفنانة المصرية داليا البحيري
TT

داليا البحيري لـ «الشرق الأوسط» : ابتعادي عن السينما غير متعمد

الفنانة المصرية داليا البحيري
الفنانة المصرية داليا البحيري

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري، إن ابتعادها عن السينما خلال السنوات الأخيرة غير متعمد، وأكدت في حوارها مع «الشرق الأوسط» جاهزيتها لتقديم جزء خامس من المسلسل الكوميدي «يوميات زوجة مفروسة»، وأشارت إلى اختلاف دورها في مسلسل «بنت من الزمن ده» الذي عرض قبل عامين، عن دورها الذي يعرض حاليا ضمن سياق مسلسل «فلانتينو» بطولة الفنان عادل إمام، وتجسد فيهما دور الفتاة الشعبية، قائلة إن تفاصيل الفتاتين مختلفتان تماماً ولا تشبهان بعضهما، ولا يوجد مانع في أن يقدم الفنان نفس التيمة طالما التفاصيل مختلفة وجديدة.
وتعتبر البحيري أن استخدام الفنان لمنصات التواصل الاجتماعي بمثابة سلاح ذي حدين، طبقاً للحد التي يسمح فيه الفنان للناس بالتدخل في حياته، فالمسألة متوقفة على إدارة الفنان لوجوده على هذه المواقع، واعترفت باستخدامها لهذه الوسائل بحذر شديد قائلة: «أنا لست من الفنانات اللاتي لديهن نهم للوجود على «السوشيال ميديا»، فأنا أتعامل معها ككل الأشخاص العاديين والطبيعيين، وليس بكثافة بسبب كوني فنانة، ولست من النوع الذي قد يدفع أموالاً لشراء عدد كبير من المتابعين مثلما يفعل البعض، لدرجة أن بعضهم يتعاقدون مع شركات تدير صفحاتهم على «السوشيال ميديا»، والحمد لله لم أضطر حتى الآن للجوء لأي من الأمرين ولا أعرف هل من الممكن أن ألجأ لهذا مستقبلاً أم لا، ولا أنكر أن الحضور الطاغي لبعض الممثلين على مواقع التواصل حالياً بدأ يؤثر بدوره في العمل الفني بشكل كبير، فبعض شركات الإعلان تتعاقد مع نجوم معينين بسبب كثرة متابعيهم على «السوشيال ميديا» وليس بسبب نجاحهم في دور معين أو عمل فني ما».
الفنانة داليا البحيري التي سبق لها لعب دور البطولة أمام نجوم جيلها في السينما، على غرار فيلم «جوبا» مع مصطفى شعبان، و«الغواص» مع عامر منيب، و«محامي خلع» مع هاني رمزي، بجانب «السفارة في العمارة» مع عادل إمام، اعتبرت ابتعادها عن السينما غير متعمد، وقالت: «عدد الأفلام السينمائية أصبح أقل مقارنة ببداية الألفية الجديدة، كما أنني لم أبتعد عنها بمحض إرادتي، فعدم عرض نصوص جيدة علي لتقديم أفلام جديدة كان سبباً في اتجاهي للدراما خلال السنوات الأخيرة».
وعن مسلسل «فلانتينو» الذي تشارك به في ماراثون رمضان الجاري قالت البحيري «إن العمل مع عادل إمام سبب كافٍ لقبول المشاركة في المسلسل، بالتأكيد لا يوجد سبب أكبر من رغبتي في مشاركة الزعيم لقبول بطولة المسلسل، ولم أتردد أبداً في مشاركته لأن مجرد التواجد بجانبه شرف كبير وشهادة تقدير لي، هذا بالإضافة إلى أن المسلسل قد كتبه المؤلف أيمن بهجت قمر بشكل جيد ومختلف، ودوري فيه جديد».
وأكدت أن تأجيل المسلسل من العام الماضي تسبب في شعورها بالضيق، لا سيما بعد قرب الانتهاء من التصوير، ولكن بعدها فكرت ملياً ووجدت أن اختيار الله أفضل، وهذا ما حدث فعلاً حيث انتهينا من التصوير مبكراً في بداية العام الحالي، وحتى قبل بداية جائحة كورونا، وقد أمهلنا التأجيل الفرصة لإخراج العمل في أفضل صورة ممكنة وبعيداً عن أجواء الضغوط والقلق. مشيرة إلى أن «عملها مع الزعيم عادل إمام مضمون النجاح، لأن جمهوره عريض، من المحيط إلى الخليج وينتظرون أي عمل يقدمه، والاشتراك معه يحقق للفنانين المشاركين معه مزايا كثيرة».
البحيري التي قدمت أدوارا تلفزيونية متنوعة خلال الأعوام الماضية، على غرار «بنت من الزمن ده»، و«للحب فرصة أخيرة»، بالإضافة إلى 4 أجزاء من المسلسل الكوميدي «يوميات زوجة مفروسة»، وصفت تواجدها في الدراما التلفزيونية بأنها «محسوبة» قائلة: «أتمنى أن أتواجد دوماً بشكل مختلف وجديد، ولكن ما يحكمني هو السيناريو المعروض، فلا أقبل المشاركة في عمل ضعيف، وكذلك ظروف الإنتاج لا بد أن تكون جيدة، وبناءً عليه فإن هذه العوامل مهمة بالنسبة لي لاختيار أي عمل، وبعد أن قدمت «للحب فرصة أخيرة» لم أجد سيناريو جذابا سوى مسلسل (فلانتينو)، فأنا لن أعمل لمجرد التواجد، وبسبب ذلك فإنه ليس من السهل العثور على عمل مناسب لي، لكني راضية عن تواجدي بالدراما، فتقريباً كل عام أشارك في مسلسل»، معترفة: «لا أستطيع تقديم أكثر من عمل في العام الواحد لأن المسلسل الواحد يستغرق حوالي 5 أشهر في التحضير والتصوير، وأنا أحتاج بعدها لفترة نقاهة».
وكشفت البحيري عن تجهيز جزء خامس من المسلسل الكوميدي «يوميات زوجة مفروسة»، قائلة «أجهز لجزء خامس من المسلسل، وكنا نستعد للبدء في تصويره ولكن جائحة «كورونا» تسببت في إيقاف كل التحضيرات، مشيرة إلى أن «تقديم جزء خامس من العمل الكوميدي هو لعب جيد على المضمون، لأن المنتج من المستحيل أن يغامر بأمواله في مسلسل ليس له جمهور، كما أن قصته تحتمل وجود جزء خامس، فعلاقة الزوج والزوجة في مجتمعاتنا دائماً متشابكة ومليئة بالتحديات، فمثلاً أزمة (كورونا) أوجدت العديد من الأزمات التي قد تكون مدخلاً لبعض الموضوعات يمكن مناقشتها ضمن الأحداث، وقد حقق العمل نسب مشاهدة كبيرة على يوتيوب بأجزائه الأربعة، وبالتأكيد تقديم جزء خامس هو لعب على المضمون وعلى عمل يحبه الجمهور وارتبط به».
واختممت البحيري حديثها بالتأكيد على رغبتها في تقديم عمل جديد باللهجة الصعيدية، لأنها لم تقدم مثل هذه النوعية من الأعمال منذ آخر مشاركاتها في مسلسل «القاصرات» مع الفنان الكبير صلاح السعدني، عام 2013.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.