تنفست حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية الصعداء لدى الاطلاع على استطلاعات الرأي الأخيرة التي بدأت تظهر تقلص الفارق بينه وبين نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. فقد أظهر آخر استطلاع أجرته «رويترز - ايبسوس» أن 43 في المائة من الناخبين يدعمون بايدن، مقابل 41 في المائة ممن يدعمون ترمب. فارق ضئيل يعني فعلياً تعادل الرجلين، بعد أن كان بايدن متقدماً على غريمه بـ6 نقاط في الاستطلاع نفسه الأسبوع الماضي وبـ8 نقاط في استطلاع شهر أبريل (نيسان) الماضي.
أرقام تعني أن التقدّم الذي حققه بايدن على ترمب جراء انتشار فيروس «كورونا» بدأ بالتضاؤل، وأن وجود ترمب المستمر في الواجهة بدأ بحصد النتائج التي كانت تأملها حملته. فظهور بايدن المتواضع من قبو منزله في ولاية ديلاوير لن يتمكن من مجاراة بدء ترمب السفر في الولايات لترويج أجندته الانتخابية، كما فعل يوم الثلاثاء عندما زار ولاية أريزونا.
وتنوي حملة ترمب دفعه باتجاه السفر أكثر في الأيام والأسابيع المقبلة، في جزء من خطتها الانتخابية التي تسعى من خلالها إلى إظهار الرئيس الأميركي بمظهر القائد القوي الذي سيخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية الحالية. ويتحدث كريس ويلسون، وهو مستطلع للرأي عن الحزب الجمهوري، عن أرقام استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع ترمب أمام بايدن في الأشهر الماضية، ويقول: «أرقام استطلاعات الرأي حالياً ليست رائعة، لكن علينا أن نتذكر أنها أتت في خضم وقت عصيب نتيجة لـ(كوفيد19)، إضافة إلى إغلاق الاقتصاد». وأضاف ويلسون أن فريق الرئيس الأميركي يعلم مدى الحاجة لإعادة فتح الاقتصاد، وهذا ما عكسه استطلاع الرأي نفسه الذي أظهر أن 45 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن ترمب هو المرشح الأفضل لخلق فرص عمل مقابل 32 في المائة ممن رجحوا الكفة لصالح بايدن.
وفي وقت كانت تأمل فيه حملة ترمب الانتخابية توظيف اتهامات التحرش؛ التي يواجهها بايدن من قبل تارا ريد الموظفة السابقة في مكتبه، لاستقطاب الناخبين من النساء، أظهر استطلاع آخر للرأي أجرته جامعة «مونموث» أن نسبة دعم النساء لبايدن متقدمة رغم هذه الاتهامات. وأظهر الاستطلاع دعم 50 في المائة لبايدن مقابل 41 في المائة لترمب.
وستؤدي هذه الأرقام إلى تحويل في استراتيجية حملة ترمب الانتخابية، فبدلاً من تسليط الأضواء على اتهامات التحرش، سوف ينصب تركيزها على الاقتصاد وجهود مكافحة «كورونا». وتنوي الحملة مهاجمة بايدن من زاويتين: علاقته بالصين، وكفاءته العقلية لتسلم منصب الرئيس. فحملة ترمب الانتخابية تعول على نقاط ضعف بايدن في السباق الانتخابي، خصوصاً فيما يتعلق بعلاقته مع الصين، وهو ملف يهمّ الناخبين بشكل كبير بعد الفيروس والاقتصاد، بحسب استطلاعات داخلية للرأي أجراها الحزب الجمهوري. ويتحدث أحد موظفي الحملة عن هذه التوجهات ويقول: «إن مهاجمة بايدن وعلاقته بالصين يجمع كل المسائل، من الصفقات التجارية إلى فيروس (كورونا) ووصولاً إلى ملفات الفساد».
ما يعنيه هذا التصريح هو أن الحملة ستسلط الضوء على مشاريع القوانين التي دعمها بايدن خلال فترة خدمته في مجلس الشيوخ والتي تظهر دعم السيناتور السابق لاتفاقات تجارية على حساب العمال الأميركيين، بحسب الحملة. كما ستربط نجله هنتر بالقضية، خصوصاً أنه كان عضو مجلس إدارة شركة تربطها علاقات بالحكومة الصينية. وقد بدأت الهجمات المتعلقة بعلاقة بايدن بالصين في رؤية النور؛ إذ خصصت إحدى المجموعات الداعمة لترمب مبلغ 10 ملايين دولار لترويج حملة دعائية بعنوان: «بكين بايدن».
لكن حملة بايدن جاهزة للرد بالمثل، وقال المتحدث باسم الحملة مايكل غوين: «نحن مستعدون لمقارنة سجلاتنا المتعلقة بالصين بسجلاتهم. إن إدارة ترمب أهدرت أشهراً وهي تخفف من وطأة خطر الفيروس من خلال الاستماع إلى أكاذيب الصين بدلاً من اتباع نصائح الخبراء الطبيين والمجتمع الاستخباراتي». وتابع غوين: «الولايات المتحدة تدفع اليوم ثمن هذا الإهمال التاريخي، فقد مات 70 ألف أميركي، وأصيب أكثر من مليون، كما خسر 30 مليون أميركي أعمالهم». وركّز غوين على الفارق في مقاربة بايدن وترمب في هذا الملف: «في وقت كان فيه نائب الرئيس بايدن يحذر دونالد ترمب من تصديق الحكومة الصينية، كان ترمب مشغولاً بالتغني بالرئيس الصيني وشفافيته».
كلمات قاسية ومدروسة ستكررها حملة بايدن الانتخابية باستمرار على مدى الأشهر المقبلة، لكن حملة ترمب تستعد لطرح ملف آخر مقابل ملف الصين: «كفاءة بايدن العقلية». فقد بدأت الحملة بثّ مقتطفات من مؤتمرات لبايدن تظهره وهو يتلعثم ويفقد حبل أفكاره، وستلّوح بأن كبر سنه يجعله غير ذي كفاية لتسلّم الرئاسة. لكن هذه السياسة قد تنقلب على الحملة، وقد تكلف ترمب الناخبين من عمر بايدن الذين دعموه في انتخابات عام 2016. كما أن التركيز على تلعثم بادن لن يكون لصالح ترمب، خصوصاً أن نائب الرئيس الأميركي السابق كان يعاني من حالة التأتأة والتلعثم وهو طفل، وهو خضع للعلاج لتخطي الموضوع، لكنه غالباً ما يتلعثم في أحاديثه نتيجة لذلك.
تتزامن هذه التطورات مع استمرار بايدن في البحث عن نائبة له ترافقه في السباق الانتخابي، على أمل أن تساعده في استقطاب مزيد من أصوات الناخبين. ويدفع بعض الديمقراطيين الليبراليين بايدن باتجاه اختار السيناتورة إليزابيث وارن لهذا المنصب، للفوز بالقاعدة التقدمية الشابة للحزب الديمقراطي، وهي قاعدة دعمت كل من وارن ومنافس بايدن السابق بيرني ساندرز. لكن ساندرز لم يدفع حتى الساعة باتجاه اختيار وارن، في إشارة إلى توتر العلاقة بينهما رغم توجهاتهما الليبرالية المتشابهة.
يأتي هذا في وقت أمرت فيه محكمة فيدرالية حاكم ولاية نيويورك آندرو كومو بعقد الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في شهر يونيو (حزيران) المقبل، بعد أن قرر إلغاءها. وعدّت المحكمة أن قرار كومو إلغاء الانتخابات ينتهك الدستور الأميركي وحقوق المرشحين الآخرين الذي أنهوا حملاتهم الانتخابية لكنهم لم يسحبوا أسماءهم من صناديق الاقتراع، أمثال بيرني ساندرز وآندرو يانغ.
وكان ساندرز أبقى على اسمه في انتخابات نيويورك في محاولة للحصول على مندوبين إضافيين سيروجون لأجندته في المؤتمر الوطني للحزب. لكن كومو قرر إلغاء الانتخابات بعد انسحاب ساندرز رسمياً من السباق بسبب انتشار فيروس «كورونا» في الولاية.
تقلص الفارق بين ترمب وبايدن في استطلاعات الرأي
حملة الرئيس تهاجم منافسه الديمقراطي بملفي «الصين» و«الكفاءة العقلية»
تقلص الفارق بين ترمب وبايدن في استطلاعات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة