ترحيب أممي ودولي بإعادة هيكلة «البريقة» لتسويق النفط الليبي

الولايات المتحدة طالبت بإبعاد قطاع الطاقة عن «التجاذبات السياسية»

TT

ترحيب أممي ودولي بإعادة هيكلة «البريقة» لتسويق النفط الليبي

رحب الاتحاد الأوروبي وأميركا وفرنسا، إضافة إلى البعثة الأممية لدى ليبيا بإعادة هيكلة «ناجحة» لشركة البريقة لتسويق النفط في ليبيا، تحت مجلس إدارة مُوحد، بعدما أقيمت مراسم التسليم والتسلم بمقر المؤسسة في طرابلس، عبر الدوائر المغلقة من مدينة بنغازي منتصف الأسبوع الحالي.
وكان مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، قد أصدر قراراً بإعادة تشكيل لجنة الإدارة بشركة البريقة لتسويق النفط، ليتولى رئاستها إبراهيم أبو بريدعة، خلفاً لعماد بن كورة، الذي ترأسها منذ 29 يوليو (تموز) 2018، على أن يتولى عضوا اللجنة فرج الجعيدي وعبد الرحمن العبيدي إدارة مهامهما من بنغازي.
وقال آلن بوجيا، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، إن «هذا التطور من شأنه أن يساهم في إعادة توحيد قطاع النفط، ويساعد المؤسسة الوطنية على العمل بشكل محايد في توفير الوقود للبلاد؛ مما يصب في مصلحة جميع الليبيين».
وفي اتصال هاتفي برئيس المؤسسة الوطنية للنفط، رحب بوجيا أمس بهذه الخطوة، وقال إن من شأنها أن «تقوّض الجهود المبذولة للتصدير غير المشروع للنفط الخام، أو استيراد منتجات الوقود المكرر»، مبرزاً أن مثل هذه الأخبار «تحفز جميع الليبيين على مواصلة العمل نحو توحيد جميع المؤسسات الليبية، كما يطالب المجتمع الدولي في نداءات متكررة، وآخرها من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2509 (2020)».
وتوقفت ليبيا الغنية بالنفط عن إنتاجه وتصديره بعد إغلاق خمسة موانئ في البلاد، وحقلين نفطيين رئيسيين في جنوب غربي البلاد، على خلفية الحرب الدائرة في العاصمة طرابلس.
وسبقت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا، البعثة الأوروبية في الترحيب بالخطوة ذاتها، ووصفتها بأنها إعادة هيكلة «ناجحة» لشركة البريقة، ورأت أن «المستقبل يُمكن أن يكون أكثر إشراقاً وازدهاراً عندما تلتقي الأطراف الليبية المسؤولة في حوار سلمي».
داعية في بيان أصدرته مساء أول من أمس إلى «إبقاء المؤسسة الوطنية للنفط، وشركاتها التابعة، بعيداً عن التجاذبات السياسية، ومزودة بالموارد المناسبة من أجل تحقيق مهمتها الحيوية لفائدة جميع الليبيين». وقالت إن «الولايات المتحدة الأميركية تحث على إنهاء الإغلاق غير الضروري لقطاع الطاقة في ليبيا، ووقف استهداف أفراد ومرافق المؤسسة الوطنية للنفط»، مشددة على أن «محاولات عسكرة قطاع الطاقة، وتهريب المنتجات البترولية بما يتعارض مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو مزيد من التقسيم للمؤسسات الاقتصادية الليبية يتعارض مع تطلعات الشعب الليبي للمضي قدماً بالبلاد، والاستجابة للتحدي غير المسبوق الذي يشكله وباء فيروس كورونا المستجد».
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن المصرف المركزي في طرابلس، أول من أمس، أن إجمالي حصيلة الصادرات النفطية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الخالي بلغ 1.978 مليار دينار، منها 72 مليون دينار فقط عن شهر أبريل (نيسان) الماضي؛ وتسبب وقف إنتاج الحقول في توقف المرتبات الخاصة بعدد من الشركات التابعة للمؤسسة لمدة خمسة أشهر، وفقاً لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله.
كما رحبت السفارة الفرنسية لدى ليبيا بالخطوة ذاتها، وجدد التزامها بـ«وحدة واستقلالية واحتكار المؤسسة الوطنية للنفط في توزيع عائدات النفط لصالح جميع الليبيين».
في السياق ذاته، قالت البعثة الأممية لدى ليبيا، إن «إعادة التنظيم الهيكلي التي أجريت مؤخراً للجنة الإدارة في شركة البريقة لتسويق النفط، يسمح بتحسين الأداء الوظيفي لهذه المؤسسة الحكومية المهمة»، داعية «جميع الليبيين إلى العمل بشكل بنّاء من أجل توحيد المؤسسات الليبية على النحو الوارد في قرارات مجلس الأمن المتتالية».
وناشدت البعثة في بيانها مساء أول من أمس «جميع الليبيين بالعمل بشكل بنّاء من أجل توحيد المؤسسات الليبية»، وأدانت «أي أعمال من شأنها أن تضر بنزاهة ووحدة المؤسسات الإيرادية للدولة الليبية، بما في ذلك ما يجري من أعمال لتصدير النفط الخام بشكل غير مشروع، أو استيراد منتجات نفطية عبر قنوات غير مشروعة».
ورأت البعثة ضرورة أن «يتاح للمؤسسة الوطنية للنفط البقاء طرفاً فاعلاً محايداً، قادراً على توفير الوقود لكل الليبيين، بغض النظر عن مناطقهم وانتماءاتهم»، وانتهت إلى حث «كل الأطراف على التخفيف من حدة النقص في الوقود والغاز، الذي يعاني منه الجنوب، والعمل بشكل بنّاء على ضمان استمرار الإمدادات في كل مناطق البلاد».
وأغلقت قوات موالية لخليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» مرافئ وحقول النفط في الثامن عشر من يناير (كانون الثاني)، وهو ما خفض تدريجياً إنتاج البلاد من الخام إلى أقل من 70 ألف برميل يومياً، من نحو 1.2 مليون برميل يومياً؛ ما تسبب في خسائر تجاوزت 4 مليارات ونصف المليار دولار.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.