بوادر موجة ثانية لتفشي الوباء في إيران

1680 إصابة جديدة ترفع الحصيلة إلى ما فوق 100 ألف

مُصلّون يراعون التباعد الاجتماعي في مدينة غميشان ذات الأغلبية التركمانية شمال شرقي البلاد أمس (تسنيم)
مُصلّون يراعون التباعد الاجتماعي في مدينة غميشان ذات الأغلبية التركمانية شمال شرقي البلاد أمس (تسنيم)
TT

بوادر موجة ثانية لتفشي الوباء في إيران

مُصلّون يراعون التباعد الاجتماعي في مدينة غميشان ذات الأغلبية التركمانية شمال شرقي البلاد أمس (تسنيم)
مُصلّون يراعون التباعد الاجتماعي في مدينة غميشان ذات الأغلبية التركمانية شمال شرقي البلاد أمس (تسنيم)

ظهرت بوادر موجة ثانية لتفشي وباء «كورونا»، في إيران، وانتقلت بؤرة الوباء، في وقت تخطت فيه البلاد 100 ألف إصابة أمس، بعد نحو أسبوعين على استئناف الأعمال الاقتصادية وتخفيف قيود التباعد الاجتماعي.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، أمس، إن وباء «كوفيد19» أودى بحياة 78 شخصاً خلال 24 ساعة، فيما سجلت الوزارة 1680 إصابة جديدة، في أعلى حصيلة تسجلها إيران على مدى الأسبوع الأخير.
وحسب الحصيلة الرسمية المعلنة تجاوز عدد المصابين حاجز 100 ألف، وسجل 101 ألف و650 شخصاً، فيما وصلت الوفيات إلى 6418 حالة. وبلغت الحالات الحرجة في المستشفيات الإيرانية 2735 حالة. وقال جهانبور إن 80 في المائة من المصابين، ما يعادل 81 ألفاً و587 شخصاً، شفوا من الوباء.
وفي إشارة إلى تقارير عن المسار التصاعدي في 15 محافظة خلال الأيام الأخيرة، قال جهانبور: «في الوقت الحالي لا يمكننا إصدار الحكم على هذا الأمر، وينتظر الصبر لأيام، وسنرى الإحصاءات خلال الأيام المقبلة».
وأثار البرلمان الشهر الماضي مخاوف بشأن خطر «موجة ثانية» من الفيروس في تقرير انتقد رد فعل الحكومة البطيء. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى جهانبور قوله: «نشهد اتجاهاً تصاعدياً في الأيام الثلاثة أو الأربعة الماضية». وأضاف أن الزيادة «تعتمد على سلوكنا، خصوصاً في الأسبوعين الماضيين، مع الأخذ في الحسبان أن قطاعاً من المجتمع غيّر فيما يبدو سلوكه». وعزا المسؤول الطبي جهانبور الارتفاع في عدد الحالات إلى زيادة الحركة عبر المدن والسفر غير الضروري.
ومنذ 11 أبريل (نيسان) الماضي، سمحت إيران بعودة تدريجية إلى العمل لتنشيط اقتصادها، وأعادت فتح المساجد في أجزاء من البلاد تعدّ منخفضة المخاطر. لكن نائب وزير الصحة، إيرج حريرتشي، قال في تصريح لقناة «خبر» الإيرانية: «لدينا مسار ثابت مقارنة بفترة الذروة»، موضحاً أن الإحصاءات المعلنة الأخيرة «تعود لأشخاص لديهم أعراض خفيفة أو من دون أعراض».
وزاد حريرتشي أن الوفيات «تراجعت بنسبة 70 في المائة، لكن بعض المحافظات تشهد مساراً تصاعدياً». من جانبه، حذّر رئيس لجنة الصحة في البرلمان، منوشهر جمالي، من تدهور أوضاع «المناطق البيضاء» نتيجة زيادة السفر إليها وعدم الالتزام بالتعاليم الصحية، حسبما نقلت عنه وكالة «تسنيم» الإيرانية. كما أعرب جمالي عن قلقه من موجة جديدة بمحافظة جيلان، إحدى الوجهات السياحية المفضلة لدى الإيرانيين، مضيفا أنها «تخطت أوضاعاً عصيبة».
في تعليق على أوضاع المحافظات، قال قاسم جانبابايي، نائب وزير الصحة لشؤون العلاج، إن المسار التصاعدي يشهد ازدياداً في محافظة الأحواز جنوب غربي البلاد، لافتاً إلى أن الوزارة أوفدت فريقين بحثيين للتحقيق في المشكلة. ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن جانبابايي أن مسار الإصابات «مستقر في الأيام الأخيرة» وزاد بنسبة 20 في المائة. وتابع أن «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا) لم تقرر بعد إعادة فتح المدارس».وأشار جانبابايي ضمناً إلى حدوث وفيات في السجون لدى تعليقه على حالات الوفاة «الخفية»، دون أن يذكر العدد. ونوه بأن إطلاق صراح نحو 100 سجين ترك تأثيراً على خفض إحصائية الوفيات «الخفية». ومن جانب آخر، قال إن حالات الوفاة «الخفية» في دور المسنين أقل من مثيلاتها في الدول الأخرى، دون أن يكشف عن عدد الوفيات. وزاد جانبابايي أن موقف وزارة الصحة الرافض لجمع المدمنين المشردين في مراكز الرعاية منع تفشي الوباء في تلك المراكز المخصصة للمدمنين. وأقدمت مراكز الرعاية للمدمنين في طهران إلى إطلاقهم في مارس (آذار) الماضي. وهو ما أثار انتقادات واسعة في إيران. من جهته، قال رئيس مركز الصحة في الأحواز، محمد علوي، في تصريح للتلفزيون الرسمي إن الإصابات بفيروس «كورونا» أكثر من المتوقع»، مشيراً إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يخضعون لفحص تشخيص «كوفيد19».
وسجلت المحافظة 180 إصابة جديدة، نقل منها 40 حالة لتلقي العلاج في المستشفيات، حسب المسؤول الصحي. وأوقفت وزارة الصحة في مارس الماضي نشر إحصاءات المحافظات، وأمر في وقت لاحق بتوقف مراكز المحافظات عن نشر إحصاءات منفصلة، بعدما أثار تباين الإحصاءات المعلنة من الأجهزة الرسمية شكوكاً حول الأرقام الرسمية.
ويشكك خبراء ومسؤولون في إيران وخارجها في الأرقام الرسمية للإصابات والوفيات بـ«كوفيد19» ويعدّون أنها أقل من تلك الفعلية.
وذكر تقرير نشره البرلمان في منتصف أبريل الماضي أنّ العدد الحقيقي للوفيات يمكن أن يكون أعلى بنسبة 80 في المائة مما أعلنته الحكومة. وأضاف أنّ الأرقام المعلنة استندت فقط إلى «مرضى دخلوا المستشفى يعانون من أعراض شديدة». وقال أيضاً إن «الموجة الثانية» من الفيروس قد تأتي في الشتاء المقبل، ربما من دون انقطاع بسبب إجراءات الاحتواء التي تستغرق وقتاً طويلاً.
أما على صعيد الأوضاع في طهران، فقد حذر رئيس لجنة مكافحة «كورونا» في العاصمة الإيرانية، علي رضا زالي، من يعانون من مشكلات صحية من التنقل والحضور في طهران، وقال: «لم تتغير الأوضاع في المدينة، لا تزال ملوثة بفيروس (كورونا) في أغلب المناطق». ولفت زالي إلى ضرورة تجنب التردد في ساعات الذروة، لخفض انتشار الوباء، كما دعا المواطنين إلى استخدام أدوات للوقاية مثل الكمامات. من جهة أخرى، كشف رئيس منظمة التخطيط والميزانية، محمد رضا نوبخت، عن منح وزارة الصحة ما يعادل مليون يورو لمواجهة وباء «كورونا». وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد وافق الشهر الماضي على طلب للحكومة بأخذ مليون يورو من الصندوق السيادي لمواجهة الوباء.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».