العراق: تشكيلة حكومة الكاظمي تزيد تضارب القوى السياسية

TT

العراق: تشكيلة حكومة الكاظمي تزيد تضارب القوى السياسية

زاد تضارب المواقف بين القوى السياسية العراقية إزاء حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، بعد تقديمه للبرلمان، أمس، تشكيلة تتضمن 20 مرشحاً من أصل 22، عشية نهاية المهلة الدستورية الممنوحة له وقبل ساعات من جلسة التصويت عليها. وخلت القائمة من مرشحين لوزارتي الخارجية والنفط.
ودعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي النواب للحضور إلى مقر المجلس في الساعة التاسعة مساء أمس لعقد الجلسة، لكن لم يتضح مصيرها بعدما أدى الإعلان أمس عن وصول السير الذاتية للمرشحين الذين اختارهم الكاظمي، إلى تغير مواقف كتل ونواب، تراجع بعضهم عن منح الثقة لنحو 7 وزراء خرجت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لاتهامهم بـ«الفساد».
وغرد الحلبوسي على «تويتر» بشأن لاعب كرة القدم الشهير عدنان درجال الذي ورد اسمه في القائمة مرشحاً لوزارة الرياضة والشباب، قائلاً، إن «كابتن المنتخب الوطني العراقي صخرة الدفاع الملقب (سد دوكان) الجنرال عدنان درجال خارج كل الحسابات الطائفية».
وطبقاً لما أعلنه قيادي في «تحالف القوى» لـ«الشرق الأوسط»، «كان هناك مرشحون آخرون لوزارة الرياضة والشباب، كونها للمكون السني، وبالتالي فإن من يتم اختيارهم لشغلها سيكونون بالتأكيد من أبناء المكون. لكن حين طرح الكاظمي اسم عدنان درجال للمنصب، ورغم كون الوزارة للسنة ودرجال من المكون الشيعي، فإننا ومن باب احترام وتقدير تاريخ هذا اللاعب الكبير الذي صال وجال في الملاعب باسم العراق لا باسم طائفة أو مكون، فإننا مسرورون لاختياره وزيراً للرياضة والشباب؛ كون المنصب عراقياً والمرشح له عراقي خارج هذه التوصيفات».
وتضاربت مواقف الكتل السياسية بشأن إمكانية التصويت على الحكومة خلال جلسة مساء أمس أم تأجيل الجلسة إلى اليوم الأخير. وطبقاً لخريطة القوى السياسية المؤيدة أو المعترضة، فإن «تحالف القوى العراقية» السني مؤيد بالكامل لتمرير حكومة الكاظمي، يليه الأكراد الذين يعلنون تأييدهم الكامل له، لكن لديهم ملاحظات بشأن توزيع الوزارات؛ إذ كانوا قد أصروا على إبقاء وزارة المالية لهم بشخص وزيرها الحالي فؤاد حسين، بينما رفضت الكتل الشيعية ذلك.
وبينما أسندت المالية إلى مرشح شيعي (الدكتور علي عبد الأمير علاوي)، فإن الخارجية معروضة على الأكراد الذين كانوا شغلوها لأكثر من عقد بعد 2003 بشخص هوشيار زيباري. وطبقاً للمعلومات المتداولة، فإن الأكراد في حال قبلوا بالخارجية بديلاً للمالية، فإن مرشحهم لها هو فؤاد حسين نفسه.
أما الكتل الشيعية فانقسمت إلى ثلاثة أقسام؛ مؤيد مثل «سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، وجزء من «الفتح» بزعامة هادي العامري، بينما القسم الثاني المتحفظ فيتمثل بـ«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي وجزء من «الفتح»، بينما هناك قسم ثالث رافض تماماً، وهو ما أطلق عليه «جمهور الفتح» ويمثل كتلاً شيعية تابعة للميليشيات المحسوبة على إيران التي أعلنت رفض الكاظمي منذ البداية.
الكتلة النيابية الوحيدة التي أعلنت أنها ستتجه إلى المعارضة هي «ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي. مع ذلك، فإن الموقف من الكاظمي لم يكن سياسيا فقط، بل امتد إلى سياق آخر، وهو إطلاق الصواريخ على مكان للتحالف الدولي قرب مطار بغداد، قبل ساعات من جلسة منح الثقة.
ومع أنه لم تعرف الدوافع الحقيقية لإطلاق صواريخ «الكاتيوشا» الثلاثة قرب المطار، لكنها وطبقاً لما يراه خبراء معنيون بهذا الشأن، «رسالة ضمنية إلى الكاظمي كونه مدعوم أميركيا والفصائل المسلحة القريبة من إيران ترفض التواجد أو الدعم الأميركي».
وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت عن سقوط ثلاثة صواريخ كاتيوشا في محيط مطار بغداد. وقالت في بيان، إن «ثلاثة صواريخ كاتيوشا سقطت، في ساعة مبكرة من فجر الأربعاء، في محيط مطار بغداد. والقوات الأمنية عثرت على منصة الإطلاق مع جهاز مؤقت في منطقة البكرية غربي العاصمة»، مشيرة إلى أن الهجوم «لم يؤد إلى وقوع خسائر».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».