كشفت الحملة الإعلامية، التي قادها مجلس شورى حركة النهضة التونسية (إسلامية) ضد بعض الجهات، التي حرضت على العنف والفوضى واستهداف المراكز السيادية للدولة، عن مخاوف من تكرار سيناريو إخراجها من الحكم نهاية سنة 2013، تحت ضغط أحزاب يسارية وأخرى ليبرالية بعد نزولها إلى الشارع للمطالبة بتغيير منظومة الحكم.
ولتجنب هذا السيناريو دعت قيادات «النهضة» إلى التضامن بين مكونات الائتلاف الحاكم الحالي لمواجهة ما اعتبرته «أطرافا تسعى إلى قلب معادلة السلطة والمعارضة، بعد فشلها». في إشارة إلى هزيمة أطراف سياسية، خاصة من «اليسار»، في الانتخابات البرلمانية التي جرت السنة الماضية، حيث خسرت «الجبهة الشعبية» ثقلها البرلماني وتراجع عدد نوابها من 15 نائبا إلى نائب وحيد، ونفس الشيء بالنسبة لحركة نداء تونس، التي تحالفت مع «النهضة» لقيادة البلاد إثر انتخابات 2014. غير أن تمثيلها البرلماني تراجع من 86 نائبا الى 3 نواب فقط. وكان خالد الكريشي، قيادي «حركة الشعب» المنضمة إلى الائتلاف الحكومي، قد اتهم فلول النظام السابق و«اليسار الفوضوي بالوقوف وراء دعوات الإطاحة بالنظام، والاستيلاء على مؤسسات الدولة». لكن سارعت الأطراف اليسارية، التي شاركت في «اعتصام الرحيل»، مثل «تحالف الجبهة الشعبية»، إلى نفي انخراطها في دعوات الإطاحة بالنظام الحالي، وحل البرلمان، وإسقاط حكومة إلياس الفخفاخ.
وكانت قيادات حركة النهضة قد نبهت إلى خطورة التحريض على مؤسسات الدولة واستهداف البرلمان، خشية تكرار سيناريو نهاية سنة 2013، حين تزعمت الجبهة الشعبية «اعتصام الرحيل»، الذي أدى تحت ضغط الشارع إلى إخراج حركة النهضة من الحكم لصالح حكومة «تكنوقراط» قادها مهدي جمعة. وفي هذا السياق، نفى المنجي الرحوي، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية اليساري صدور هذه الدعوات من جهات سياسية رسمية، واعتبرها «دعوات من جهات غير معلومة». لكنه أوضح أن «الجبهة» لا تحتاج إلى الضوء الأخضر من أي طرف «في حال اتخذت قرارا بالإطاحة بالحكومة، وهي لا تمارس السرية في مطلب شرعي»، منتقدا بشدة أداء البرلمان الذي يرأسه راشد الغنوشي، وما يتخلله من مشادات كلامية في كل جلسة برلمانية، خاصة بين قيادات حركة النهضة والحزب الدستوري الحر، قائلا إنه تحول إلى «ضيعة خاصة».
من جانبه، أبدى حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)، أحد أهم مكونات تحالف الجبهة الشعبية، استغرابه من «سرعة تعهد القضاء ببعض القضايا بعينها، وأنه يتعامل في قضايا أخرى تعتبر أشد خطورة على أمن البلاد بتباطؤ غير مفهوم». في إشارة إلى قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، منبها من خطورة استعمال القضاء من أجل تصفية حسابات سياسية.
على صعيد آخر، طالبت سبعة أحزاب سياسية معارضة بإطلاق سراح ثلاثة نقابيين تم اعتقالهم منذ نحو شهر في قضية الاعتداء على حمد العفاس، النائب البرلماني عن كتلة «ائتلاف الكرامة»، ودعت إلى فتح تحقيق جدي ومسؤول ومحايد في هذه القضية، مؤكدة تمسكها باستقلالية القضاء، وعدم توظيفه لتصفية الخصوم وضرب المنظمات. واعتبرت أحزاب التيار الشعبي، وحزب العمال وحزب القطب، والحزب الاشتراكي وحركة البعث، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، وهي أحزاب ذات توجه يساري، أن توقيف القيادات النقابية في صفاقس (وسط شرقي) «قرار سياسي جاء نتيجة ضغط جهة سياسية برلمانية رجعية، ما انفكت تجاهر بعدائها للنقابيين والنقابيات بصفة خاصة، وللاتحاد العام التونسي للشغل بصفة عامة».
ومن ناحيته، هدد الاتحاد الجهوي للشغل في صفاقس بتنظيم «تحركات احتجاجية ونضالية مشروعة للدفاع عن النقابيين الموقوفين».
يذكر أن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بصفاقس أصدر في 8 من أبريل (نيسان) الماضي أمرا بسجن 3 قيادات نقابية من بين 4 مشتبه في تورطهم بالاعتداء على النائب العفاس، الذي ينتمي إلى تحالف ائتلاف الكرامة، الذي لطالما انتقد اتحاد الشغل (نقابة العمال)، واتهمه بالابتعاد عن العمل النقابي لصالح العمل السياسي.
«النهضة» التونسية تخشى تحالف «اليسار» و«الليبراليين» لإخراجها من السلطة
«النهضة» التونسية تخشى تحالف «اليسار» و«الليبراليين» لإخراجها من السلطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة