طالب محامون جزائريون من نقابتهم إيداع شكوى ضد رئيس نقابة القضاة يسعد مبروك، بسبب هجومه الحاد عليهم في تصريحات للصحافة، حيث وصفهم فيه بـ«السماسرة والتجار». وجاء ذلك في وقت يتعرض فيه القضاة لانتقاد شديد من طرف هيئات الدفاع بالمحاكم، بحجة «إفراطهم في إيداع نشطاء الحراك الحبس الاحتياطي».
وقال المحامي أسامة هويدي إن تصريحات مبروك «إهانة لأسرة الدفاع، وهي أيضاً إهانة لمرفق القضاء ككل. إن ما صرح به يكتب ويروى في كل مكان وهو واقع مر، يتعين التصدي له من أعلى هرم السلطة، وإن الأزمة الأخلاقية برأيي نخرت كل القطاعات وكل العقول، لكن سنتجاوزها عندما يعترف كل منا بنصيبه فيها»، في إشارة إلى تفشي الفساد في القضاء ولواحقه كالدفاع، والإدارة العامة، والأجهزة والهيئات بشكل عام.
وذكر رئيس نقابة القضاة في مقابلة نشرتها صحيفة «الخبر»، أول من أمس، بشأن غضب المحامين من «المبالغة في سجن نشطاء الحراك»، بناء على تهم لا تستحق ذلك، حسبهم، أن «القانون واضح جداً في مسألة الحبس المؤقت (الحبس الاحتياطي)، فهو إجراء استثنائي، والأصل أن يبقى المتهم حراً أثناء إجراءات التحقيق القضائي. غير أن الممارسة تظهر بعض الامتعاض المعلن، لا سيما من هيئة الدفاع في قضايا معينة. وفي الحقيقة فإن الأمر مرتبط بتكوين وذهنية القاضي بالدرجة الأولى، أكثر مما هو مرتبط بإملاءات فوقية، لا أنفي وجودها، لكنني شخصياً أحمل القضاة مسؤولية الأوامر التي يصدرونها».
وأضاف رئيس نقابة القضاة مهاجماً بعض المحامين: «بالنسبة لآراء السادة المحامين، وهم أصدقاء وأساتذة لنا، مع استثناء فئة التجار والسماسرة منهم، فهي جديرة بالاهتمام والمعالجة بحكم معايشتهم اليومية للأداء القضائي». دون أن يذكر من يقصد بـ«التجار والسماسرة»، لكنه أثار بكلامه هذا حفيظة الكثير من المحامين. ورداً عليه، قال المحامي الطيب هوادف: «ينبغي متابعته جزائياً لأنه أهان هيئة دستورية، ومن واجب الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين (نقابة) الرد عليه، وأن يقدم شكوى ضده».
بدوره، قال المحامي حسين بن السايح: «من وصفهم بالسماسرة والتجار هم فئة قليلة لا تمثل كل المحامين. لكن هل يعلم أن وجودها مرتبط بوجود فئة على شاكلتها في جهاز القضاء تدعي الانتساب له؟ كان الأجدر به أن يذكرهما معاً من باب الإنصاف والموضوعية». في إشارة إلى ما يشاع عن «تواطؤ قضاة ومحامين في رشى بغرض إصدار أحكام قضائية تحت الطلب».
وأفاد مصدر من «اتحاد المحامين» أن رئيسه أحمد ساعي غير متحمس لرفع دعوى قضائية ضد رئيس نقابة القضاة. مشيراً إلى «طبعه الهادئ، فهو يرفض الدخول في مواجهات، مع قناعته بأن القضاة متشددون في مسألة حبس النشطاء والمناضلين السياسيين، وبأن بعضهم يفعل ذلك تحت ضغوط سياسية».
وغيرت نقابة القضاة قيادتها في سياق اندلاع الحراك الشعبي في 22 من فبراير (شباط) 2019. فتم تنحية رئيسها جمال عيدوني، الذي كان محسوباً على «جماعة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، وانتخب القضاة في جمعية عامة للنقابة، يسعد مبروك، الذي شارك في مظاهرات الحراك لما كان قاضياً بمحكمة بجاية (شرق)، مطالباً بتنحية بوتفليقة، وباستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية مع العديد من زملائه.
لكن المحامين ليسوا الخصم الوحيد لنقابة القضاة، فهي في مواجهة حادة مع وزير العدل بلقاسم زغماتي، منذ الإضراب الذي شنته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، احتجاجاً على عدم استشارتها في حركة نقل واسعة للقضاة من مناصبهم. وقد زادت العلاقة بين الطرفين سوءاً في الأسابيع الماضية، عندما عبر مبروك عن استيائه من عدم إشراك القضاة في مسعى تعديل القانون الجنائي، وفي صياغة قانون جديد لمحاربة العنصرية والكراهية.
مطالب بمتابعة نقيب القضاة في الجزائر بعد اتهامه محامين بـ«السمسرة»
سخط وسط هيئات الدفاع ضد «الإفراط في سجن النشطاء»
مطالب بمتابعة نقيب القضاة في الجزائر بعد اتهامه محامين بـ«السمسرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة