وباء «كورونا» يضرب النموّ ويهدّد بتصاعد «القومية الاقتصادية»

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا (رويترز)
TT

وباء «كورونا» يضرب النموّ ويهدّد بتصاعد «القومية الاقتصادية»

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا (رويترز)

يتوقّع صندوق النقد الدولي أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي في 170 دولة بسبب وباء «كورونا»، بل إن التقديرات «قد تكون صورة أكثر تفاؤلاً مما ينتجه الواقع»... إذا لم يستمر الوباء طويلاً سيعرف العالم انكماشاً بنسبة 3%، أما إذا عادت الجائحة عام 2021 فقد يتحمّل الاقتصاد العالمي عواقب ذلك لسنوات عدة، وفق مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا التي لم تستبعد أن يكون الركود أسوأ مما عرفه العالم عام 2008، بل أسوأ من الكساد الكبير 1920 – 1921.
ليس في ذلك ما يثير العجب، فالعجلة الاقتصادية العالمية تدور بشق النفس، ونسمع عن شركات كبرى تقترب من الإفلاس وتستنجد بالحكومات (على غرار شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا أخيراً). بل إن ما يعمّق الأزمة أكثر، واقع أن «كوفيد - 19» ضرب ضربته في وقت لم يكن الاقتصاد يرفل بثوب الازدهار، بل يعرف تعثّراً على أكثر من صعيد بسبب الجو السياسي العالمي، والخلافات بشأن الأخطار البيئية، والحروب التجارية المختلفة وأهمها طبعاً تلك الدائرة رحاها على «الجبهة» الأميركية – الصينية.
ويلفت الاقتصادي الأميركي التركي الأصل نورييل روبيني، إلى أن الحكومات الفاعلة لم تحسن التعامل مع أسباب الأزمة المالية 2008-2009، فعالجت النتائج وأهملت أسباب الاختلالات والأخطار. وبدل أن تتصدّى للمشاكل الهيكلية التي كشفها الانهيار المالي والكساد الذي أعقبه، أزاحت المشكلة جانباً أو أرجأتها، الأمر الذي جعل حدوث أزمة جديدة أمراً حتمياً.
ويعدّد روبيني عوامل ستؤدي إلى الأزمة التي يعتبرها آتية حتى وإن شهد الاقتصاد العالمي ما بعد الجائحة شيئاً من التعافي. وفي طليعة هذه الأسباب إنفاق المال الوفير بالمليارات لمعالجة تداعيات الكارثة الصحية، ذلك أن كثيراً من الدول المعنية كانت مثقلة بالديون منذ ما قبل الفيروس القاتل، إلى حد عدم قدرة بعضها على تسديدها أو خفض العجز في ماليتها العامة. وهنا سيتزاوج الدين العام مع ديون القطاع الخاص على مستويي المؤسسات (إفلاس، تعثّر، نقص سيولة...) والأفراد (بطالة، تراجع الدخل، عدم سداد قروض...). فمن أين لهذه الدول، مثلاً، أن تتحمّل كلفة البطالة المتعاظمة وتدبّر الأموال لمساعدة العاطلين عن العمل؟
وهنا تجدر الإشارة إلى سلبية مفاعيل العولمة التجارية التي تعمّق أزمة الدول الغنية، ذلك أن الدول الفقيرة وحتى المتوسطة الحال لم تعد قادرة على الاستيراد جزئياً وأحياناً كلياً، الأمر الذي يؤدي إلى تكدّس سلع كانت معدّة للتصدير في دول صناعية. وقد سمعنا عن تراجع التضخم في ألمانيا مثلاً، وهو خبر ليس من الإيجابية في شيء إذا وصل تراجع الأسعار إلى حد الإنكماش بفعل تراجع التصدير في موازاة انخفاض الإنفاق الاستهلاكي الداخلي.
ويمكن بكل تأكيد الاسترسال في وصف المشكلة وتداعياتها الشاملة لكل القطاعات الاقتصادية، لكن يجدر الالتفات إلى كون الدول والحكومات تبحث حتماً عن سبل حلّها، خصوصاً أن الأمر يحتاج إلى تخطيط عميق ونفَس طويل. ولا شك في أن الأنظار تتجه إلى الدول صاحبة الاقتصادات الكبيرة والقدرات المعتبَرة لتكون رائدة في تلمّس مسار الخروج من النفق. فما هو الواقع الراهن للدول الأربع الكبرى اقتصادياً؟
*الولايات المتحدة
يُستدلّ على الضرر الذي سببه الوباء للاقتصاد الأميركي من رقم واحد: 30 مليون شخص ملأوا استمارات مساعدة العاطلين عن العمل، أي نحو سدس القوة العاملة في الولايات المتحدة.
في موازاة ذلك، انخفض الناتج الاقتصادي نحو 5% في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، في أكبر تراجع منذ العام 2008. ويتوقع معظم المحللين أن يكون الانحدار أسوأ بكثير في الربع الثاني، حتى أن البعض يشير إلى أن معدل البطالة قد يصل إلى 40% من القوة العاملة، وهو عبء ثقيل على أي دولة، وإن كانت صاحبة الاقتصاد الرقم واحد في العالم.
وقد سارعت السلطات الفدرالية إلى التحرك لاحتواء المشكلة، فأكد مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) أنه سيفعل كل شيء ممكن لدعم الاقتصاد وتوفير السيولة. وعمد إلى خفض أسعار الفائدة لتقترب من الصفر، وأنزل متطلبات احتياطي البنوك من السيولة النقدية إلى الصفر أيضاً، واشترى نحو تريليونَي دولار من سندات الخزينة والأوراق المالية المدعومة برهونات عقارية، وقدّم تسليفات طارئة لمؤسسات مختلفة.
يضاف إلى ذلك أن الكونغرس أقر تشريعاً بحزمة طارئة قيمتها تريليونا دولار، تشمل مساعدات مقدارها 1200 دولار للأفراد، وقروضاً للشركات، وزيادة لإعانات البطالة...
*الصين
هبّت العاصفة الصحية من الصين في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وعندما اشتدّت رياحها أغلقت السلطات البلاد وأوقفت عجلة الاقتصاد. وأدت أسابيع الحجر والعزل في عشرات المدن إلى انخفاض حاد في إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة وأعمال البناء وسواها. وبشكل عام، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7% تقريباً في الربع الأول من العام 2020 في أول انكماش اقتصادي صيني منذ أكثر من أربعة عقود.
إلا أن الصين سارعت، بعد نجاح تدابير العزل والتباعد في احتواء الوباء، إلى إطلاق عجلة الاقتصاد في أبريل (نيسان) الماضي. ومع ذلك، تبدو السلطة العليا في بكين أقل ميلاً لقيادة الانتعاش الاقتصادي العالمي مما كانت عليه عقب الأزمة المالية 2008 – 2009 حين أنفقت الكثير على حزمة تحفيز فاقت قيمتها نصف تريليون دولار. ففي السنوات التي تلت ذلك، ضاعفت الصين تقريباً ديونها الحكومية إلى نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي يعتقد محللون كثر أنها لا تستطيع تحمّل الإنفاق بقوة مجدداً. والدليل على ذلك أن البنك المركزي الصيني اكتفى بإجراءات متواضعة نسبياً حتى الآن، أبرزها خفض متطلبات الاحتياطي النقدي للبنوك، مما سيسمح لها بإقراض الشركات المتعثرة 80 مليار دولار. كما أعلن المركزي أنه سيخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
ولن يُعرف الاتجاه الذي ستسلكه الصين إلا عندما تفصح عن النمو الاقتصادي الذي تستهدفه هذه السنة، فإذا كان طموحاً بحدود 6% فهذا يعني أنها ستنفق الكثير على حزمة التحفيز، أما إذا حدّدت رقماً أكثر تواضعاً، أقرب إلى 2.5 أو 3%، فهذا يعني أنها لن تنفق أكثر مما تفعل حالياً. وتجدر الإشارة إلى أن تحقيق الهدف المعلَن المتمثل في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2010 و2020، يُلزم صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم أن تحقق نمواً نسبته 5.6% على الأقل هذا العام.
*اليابان
اليابان هي صاحبة ثالث اقتصاد في العالم. وهو اقتصاد قائم بالدرجة الأولى على التصدير، ويتوقع له الخبراء أن ينكمش نحو 3% هذا العام، في ما سيكون أسوأ أداء له منذ العام 2008. ويأتي التأثير العميق للوباء عقب التباطؤ الاقتصادي الذي نجم عن زيادة ضريبة المبيعات في الخريف الماضي.
وقد استجابت حكومة شينزو آبي بحزمة إغاثة ضخمة، تبلغ قيمتها تريليون دولار، لمساعدة اقتصاد البلاد خلال واحدة من أصعب المراحل التي مرّ بها في العقود الأخيرة.
وأعلن البنك المركزي الياباني أواخر أبريل استعداده لشراء عدد غير محدود من الديون الحكومية ومضاعفة مشترياته من ديون الشركات. إلا أن خيارات البنك تبدو محدودة بعدما أبقى أسعار الفائدة قريبة من الصفر لسنوات، بمعنى أنه لن يستطيع تحفيز الاقتصاد عبر خفض الفوائد.
*ألمانيا
يسير الاقتصاد الألماني نحو الانكماش بخطى «ثابتة» للمرة الأولى منذ العام 2009، وذلك بنسبة قد تصل إلى 10%، مع العلم أن حكومة أنجيلا ميركل توقعت انكماشاً يزيد قليلاً عن 6%، وهو ما سيكون في أي حال أسوأ أداء للاقتصاد منذ عقود.
وقد اتخذت برلين إجراءات جريئة لمواجهة الأزمة، فتخلّت عن «عقيدة» الالتزام الثابت بالميزانيات المتوازنة، المعروفة باسم «شفارتسه نول» أو «الصفر الأسود». وخصصت الحكومة 350 مليار يورو – أقل بقليل من نحو 10% من ناتجها المحلي الإجمالي - لدعم أكبر اقتصاد في منطقة اليورو والرابع عالمياً. وستنفَق الأموال لإنقاذ الشركات المتعثرة عبر إقراضها واحتمال شراء حصص فيها.
ولم تتردد ميركل في القول إن الحكومة «ستقوم بكل ما هو ضروري» لإنقاذ الاقتصاد، متخليةً عن حذر لم تتخلَّ عنه حيال الشركاء في الاتحاد الأوروبي عندما وقفت بصلابة في وجه فكرة «سندات كورونا»، كي لا يقترضوا بواسطتها وتكون ألمانيا هي الكفيل الذي يتحمّل أي تخلّف عن السداد.
يبدو واضحاً من أوضاع الاقتصادات الأربعة الأولى في الكرة الأرضية أن الفيروس أقوى منها، وأن جلّ ما تفعله هو التعامل بأسلوب ردّ الفعل مع الوضع الطارئ، من دون القدرة على رؤية الآفاق الأبعد والتخطيط لآجال طويلة أو حتى متوسطة. ويبدو واضحاً أيضاً ان ثمة احتمالاً كبيراً لأن يتزايد وسط مناخ «الحرب» الذي أشاعه «كوفيد – 19» الشعور بـ«القومية الاقتصادية» الذي سيدفع الحكومات إلى تمتين حدودها وإغلاق اقتصاداتها... وعندها سترتسم حكماً ملامح عالم آخر، وهو ما قد يستحق بحثاً آخر.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.