الجريمة تتسلل إلى نواة العائلة في العالم الغربي

الجريمة تتسلل إلى نواة العائلة في العالم الغربي
TT

الجريمة تتسلل إلى نواة العائلة في العالم الغربي

الجريمة تتسلل إلى نواة العائلة في العالم الغربي

الإحصاءات في العالم الغربي أشارت بالفعل إلى انخفاض معدلات الجريمة مع تفشي الوباء. الشوارع أصبحت أكثر أماناً، إلا أن الجريمة وجدت لنفسها حيزاً عن طريق اختراق نواة العائلة، ونشر العنف المنزلي.
ففي الولايات المتحدة الأميركية، أشارت إحصاءات أجهزة الشرطة إلى انخفاض في جرائم السرقة والقتل والسطو المسلح وحوادث الطرق، بينما ارتفعت جرائم العنف المنزلي.
وقال تحليل بيانات الجريمة التي نشرتها 53 وكالة لتنفيذ القانون في 20 ولاية أميركية، حول تأثير الفيروس على معدلات الجريمة، إن جرائم المرور وحوادث الطرق انخفضت بنسبة تصل إلى 92 في المائة، وشهدت معدلات جرائم المخدرات والسرقات والسطو المسلح انخفاضات حادة. لكن جرائم الإضرابات العائلية والعنف المنزلي ارتفعت من 10 في المائة إلى 30 في المائة منذ أوامر البقاء بالمنازل.
ورغم إحصاءات انخفاض الجرائم، فإن مبيعات الأسلحة، خاصة النارية والبنادق، ارتفعت بشكل متزايد، إذ وصلت إلى 309 في المائة في الفترة من منتصف فبراير (شباط) إلى منتصف مارس (آذار) الماضي. وارتفعت المبيعات في الفترة من منتصف مارس (آذار) إلى منتصف أبريل (نيسان) بنسبة 792 في المائة (وفقاً لبيانات تجار التجزئة للأسلحة النارية).
وفي فرنسا، الأرقام لا تكذب، والإحصائيات المتوفرة الصادرة عن دوائر الشرطة ووزارة الأمن الداخلي لا تحتاج إلى تفسير: الحظر المفروض على البلاد منذ 17 مارس (آذار) الماضي وبال على السارقين والنشالين والمحتالين من كل نوع ولون، لكنه وبال أيضاً على بعض النساء والقاصرين، في إطار ما يسمى «العنف المنزلي».
ففي الأسبوع الممتد من 20 إلى 26 أبريل (نيسان)، تراجعت أعمال السطو على المنازل إلى 1500 عملية، مقابل 4500 للأسبوع نفسه من العام السابق، والسبب في ذلك واضح: يصعب السطو على منزل أصحابه موجودون فيه ليلاً نهاراً بسبب الحجر.
الأوقات العجاف أصابت أيضاً «أنشطة» النشالين و«الحرامية» الذين تزدهر أعمالهم في أماكن تجمع السياح، وفي الساحات العامة والمقاهي وحافلات المترو والقطارات. والأرقام هنا قاطعة أيضاً، إذ سجلت دوائر الشرطة للأسبوع عينه 3500 حالة، مقابل 13500 حالة للعام الماضي.
هذا غيض من فيض. لكن للعملة وجه آخر، عنوانه ارتفاع استهلاك الكحول بسبب الحظر، ما ينشط العدوانية عند جنس من الرجال، خصوصاً في الشقق والبيوت الصغيرة التي تتكدس فيها العائلات متواضعة الدخل الواقعة في أسفل السلم الاجتماعي.
وأفاد وزير الداخلية، كريستوف كاستانير، في مقابلة تلفزيونية بعد 10 أيام فقط على العمل بنظام الحظر، بأن العنف المنزلي زاد بمعدل 32 في المائة. أما مديرية الشرطة في العاصمة، فأشارت إلى أن هذه النسبة وصلت إلى 36 في المائة، ما يعكس استفحال هذه الظاهرة التي تصل أحياناً إلى حد القتل العمد.
وفي إسبانيا، أفادت وزارة الداخلية بأن المخالفات الجنائية تراجعت بنسبة 73.8 في المائة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحظر، خاصة في المناطق التي ضربها الوباء بقسوة، مثل مدريد، حيث بلغت نسبة التراجع 84.1 في المائة. وأفاد مصدر أمني مسؤول بأن أعمال النصب والاحتيال تراجعت بنسبة 86.6 في المائة، وانخفضت الاعتداءات على الممتلكات العامة بنسبة 79.7 في المائة، بينما لم يتجاوز التراجع في الاتجار بالمخدرات 50 في المائة.
الزيادات الوحيدة التي طرأت على معدلات الجريمة خلال هذه الفترة كانت على جرائم الاعتداء على النساء في المنزل، بنسبة 18 في المائة، والجرائم السيبرانية التي ازدادت بنسبة 70 في المائة، رغم التحذيرات المتكررة التي وجهتها الأجهزة الأمنية.
وفيما انخفضت جرائم مثل السرقة والنشل والسطو على المنازل بشكل كبير في ألمانيا، زادت جرائم أخرى مثل جرائم الإنترنت والقرصنة والاحتيال والعنف الأسري، بحسب الشرطة الفيدرالية التي لم تنشر إحصاءات بعد، بل تحدثت عن مؤشرات.
ففي ولاية ساكسونيا السفلى مثلاً انخفضت جرائم النشل بمعدل 90 في المائة، بينما انخفضت سرقة الدراجات الهوائية في برلين إلى النصف. كذلك انخفضت جرائم السطو على المنازل ودخولها بالقوة.
ويمكن تفسير ذلك بوجود أعداد كبيرة من السكان داخل منازلهم، مع إقفال المدارس والمكاتب وعمل كثيرين من المنزل، ما يبقي السارقين بعيداً. كذلك قد يكون السبب انتشار الشرطة بأعداد كبيرة في الشوارع. ومن بين الجرائم التي زادت خلال الجائحة السطو الذي استهدف الأقبية التي يخزن فيها عادة الأشخاص المؤن، خاصة في برلين. كذلك ارتفعت نسبة أعمال العنف المنزلي في العاصمة الألمانية بنسبة 10 في المائة بين الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها في العام الذي سبق.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.