«المنظمة» تتهم إسرائيل بالتطهير العرقي في القدس

بعد اعتقال مسؤولين في السلطة ونقل أحدهم إلى المستشفى

 القدس
القدس
TT

«المنظمة» تتهم إسرائيل بالتطهير العرقي في القدس

 القدس
القدس

اتهمت منظمةُ التحرير الفلسطينية السلطاتِ الإسرائيلية بشنِّ حملة تطهير عرقي في القدس، بعد حملة اعتقالات واسعة طالت مسؤولين في السلطة في الجهازين المدني والأمني.
واستنكرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التصاعد المستمر في الانتهاكات الإسرائيلية، بحق المواطنين والمسؤولين في القدس المحتلة ومحيطها، بما في ذلك حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت 13 مواطناً؛ من بينهم أمين عام «المؤتمر الشعبي الوطني للقدس» اللواء بلال النتشة، واقتحام المنازل وتفتيشها وتسليم قاطنيها بلاغات لمراجعة «الشاباك» والمخابرات.
وقالت عضو اللجنة حنان عشراوي في بيان باسم اللجنة التنفيذية، إن «الإرهاب اليومي المنظم الذي يطال القدس المحتلة وخارجها، هو ترجمة حقيقية لسياسة دولة الاحتلال ونهجها، الهادف إلى تنفيذ مخططات التطهير العرقي والتهجير القسري والفصل العنصري، وصولاً إلى حرمان شعبنا من حقه في البقاء على أرضه وممتلكاته بدعم وشراكة من الإدارة الأميركية».
وأضافت: «هذه الممارسات الخطيرة والهدامة، تأتي في إطار محاولة إفشال جهود الحكومة الفلسطينية لمكافحة فيروس (كورونا) المستجد في القدس المحتلة، حيث عمدت دولة الاحتلال إلى تجاهل الوضع الصحي للمقدسيين، وأعاقت الجهود الفلسطينية في تقديم المساعدة الصحية والمالية لهم».
اتهامات عشراوي جاءت بعد ساعات من اعتقال إسرائيل 13 فلسطينياً في المدينة بينهم مسؤولون كبار.
وداهمت قوات الاحتلال عدداً من المنازل في العاصمة المحتلة، واعتقلت، بالإضافة إلى النتشة، مدير مكتبه المقدم معاذ الأشهب، واللواء عماد عوض، ورئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في الأوقاف الإسلامية الشيخ مصطفى أبو زهرة، وعضو المكتب الحركي للكتّاب والأدباء الفلسطينيين الكاتبة والأديبة رانيا حاتم، وآخرين.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن المعتقلين الفلسطينيين مارسوا نشاطات محظورة لصالح السلطة الفلسطينية، وإن «المعتقلين تلقوا أموالاً من السلطة الفلسطينية، خلافاً للقانون الذي يحظر عليهم القيام بمثل هذه الفعاليات داخل إسرائيل».
وبحسب بيان الشرطة، فإنهم اعتقلوا بناء على تحقيق سري خلص إلى انتهاكهم القانون الذي يحظر عليهم القيام بأي نشاطات في إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
وقالت الشرطة إن «وحدة التحقيق السري أدارت عملية المتابعة في أعقاب شبهات بانتهاك القانون من قبل عدد من سكان شرق القدس في ظل انتشار وباء «كورونا»، مما قاد المحققين إلى جمع الأدلة والبيانات حول نشاط المشتبه بهم والممول من قبل السلطة الفلسطينية». وادعت أنه «تم ضبط أدلة تعزز الشبهات، ومنها أجزاء من الزي العسكري الخاص بالسلطة الفلسطينية».
هذا، وقد تقرر تمديد فترات اعتقالهم على ذمة التحقيق بقرار من المحكمة.
وتمنع إسرائيل أي مظاهر سيادية للسلطة في الجزء الشرقي من القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، لكن الفلسطينيين يرفضون ذلك ويقولون إن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية العتيدة.
واعتقلت إسرائيل، بحسب بيان لـ«نادي الأسير الفلسطيني» منذ مطلع العام الحالي 600 فلسطيني في القدس، بينهم وزيرها فادي الهدمي ومحافظ المدينة عدنان غيث.
واستنكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الهجمة الشرسة بحق قيادات ونشطاء مقدسيين. وحذرت من استمرار استهداف مؤسسات دولة فلسطين في القدس وكوادرها، مؤكدة أن هذه الهجمة الشرسة والمتصاعدة في الآونة الأخيرة «تأتي ضمن تقويض الوجود الفلسطيني الرسمي في العاصمة الأبدية لدولة فلسطين»، ومشددة على أن «كل هذه الممارسات الإجرامية والعنصرية لن تنال من صمود المقدسين وتضحياتهم للدفاع عن المقدسات والوجود الفلسطيني».
كما أدان وزير الثقافة عاطف أبو سيف اعتقال الشاعرة رانيا حاتم، عادّاً أن حملة الاعتقالات المستمرة بحق المواطنين والمؤسسات المقدسية بشكل عام، واستهداف الكتّاب والأدباء بشكل خاص، «دليل حي على وجه الاحتلال القبيح الذي يحارب كل مقومات الحياة في القدس المحتلة، من أجل تهويدها، وتزوير معالمها، والتّضييق على أهلها، بهدف تهجيرهم منها».
ولاحقاً أعلنت هيئة الأسرى، نقل أمين عام المؤتمر الشعبي في القدس المعتقل اللواء بلال النتشة إلى مستشفى «شعاري تصيدق» جراء التحقيق القاسي. وأوضحت الهيئة، في بيان، تأكيد محاميها أن اللواء النتشة تعرض لتحقيق قاسٍ فور اعتقاله من منزله في القدس. وحمّلت الهيئة دولة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة اللواء النتشة، وقالت إن نقله بهذه السرعة إلى المستشفى بعد ساعات قليلة من اعتقاله يدلل على مدى وحشية هذا الاحتلال. كما حملت الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس في بيان، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات صحية قد تلحق بالأمين العام، مطالبة بضرورة الإفراج عنه فوراً.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم