في ظل سعي الدوري الإنجليزي الممتاز ودوريات المحترفين الأخرى في إنجلترا للوصول إلى طريق حذر للعودة إلى الحياة الطبيعية، وفي ظل نصائح الخبراء والسيناريوهات المختلفة لعودة النشاط الرياضي، هناك شعور متنامٍ بأن هذه الأندية يجب أن تتحمل الضغوط وتنظر إلى البديل الآخر لهذه الخيارات، وهو عدم استئناف الموسم وإلغاؤه بشكل نهائي.
وينظر المحترفون الأكثر ذكاءً بعين الحذر إلى موقف الحكومة الأخير، بعد أن صرح وزير الثقافة أوليفر دودن، خلال الأسبوع الماضي بأنه يريد -إذا سمح الوضع الصحي بذلك- «النهوض بكرة القدم واستئناف نشاطها، في أقرب وقت ممكن».
وفي الوقت الحالي، فإن النظر فيما إذا كان سيتم استئناف مباريات كرة القدم للمحترفين وسط هذا الوباء يعد حرفياً مسألة حياة أو موت. إن سماع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وهو يتحدث عن «نجاحنا الحالي» في التعامل مع فيروس «كورونا»، ووزير الصحة مات هانكوك، وهو ينكر أن «جزءاً من خطتهم» تمثّل في السماح للفيروس بالانتشار بين السكان وتحقيق ما تسمى «مناعة القطيع»، ورفض الحكومة الاعتراف بأي فشل واحد في إدارة هذه الأزمة، كل ذلك يشكّل في الغالب «فقاعة» سوف تنفجر بمرور الوقت.
وبالنسبة إلى الأشخاص الذين ليسوا في الخط الأمامي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، أو العاملين في مهن الرعاية والذين لم يصابوا بالفيروس، فإن الإغلاق العام يمكن أن يجعل الرعب من هذا الموقف يبدو غير واقعي. لكن الحقيقة هي أن أكثر من 27 ألف شخص في المملكة المتحدة قد لقوا حتفهم بسبب هذا الفيروس، ومن المؤكد أن كل واحد منهم يشكّل مأساة وضربة مؤلمة لأسرته.
وفي الأسبوع الثاني من شهر مارس (آذار)، كان دودن وحكومته ما زالا يشجعان الناس على الذهاب إلى الملاعب لمشاهدة المباريات ومهرجان شلتنهام، بناءً على نصيحة العلماء بأن «التجمعات الجماعية» تشكّل خطراً «منخفضاً» لانتقال الفيروس، وهو نفس الأمر الذي قاله البروفسور نيل فيرغسون، من الكلية الملكية، فيما يتعلق بمباراة ليفربول أمام أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا في الحادي عشر من مارس. وقال عن احتمال انتقال العدوى عبر التجمعات الجماهيرية إن «بعض الناس سوف يصابون بالعدوى، ولولا هذه التجمعات ما كانوا أُصيبوا». لكنه أوضح أن «إيقاف هذه التجمعات سيكون له تأثير هامشي على مستوى السكان».
لكن في الظروف العادية، لا ننظر إلى الخطر على بعض الأرواح على أنه «هامشي» لأنهم ليسوا كثيرين كنسبة من مجموع السكان؛ لأنه في الظروف العادية فإن كل شيء يهدف إلى إنقاذ الحياة والحفاظ عليها. ويدور معظم الحديث في مجال كرة القدم الآن عن كيفية إجراء الاختبارات على اللاعبين والعاملين، وكيفية إقامتهم في بيئة معقمة، وكيف يمكن أن يبدعوا ويلعبوا بشكل جيد في ملاعب خاوية من الجماهير، في الوقت الذي لا يزال فيه بقية السكان محجوزين في منازلهم. وقد تعرض رئيس بلدية ليفربول جو أندرسون، لانتقادات من جانب نادي ليفربول نفسه لأنه أثار مخاوف تتعلق بالصحة العامة عند استئناف المباريات، لأنه على الرغم من أن كل الخطط تهدف إلى منع تجمع الجماهير خارج الملاعب أو التجمع للاحتفال، فيبدو أن هناك مخاطر حقيقية أخرى لاستئناف المسابقات.
ومع ذلك، فإن هذه الأخطار القاتلة تواجهها فوائد أخرى ناجمة عن استئناف النشاط الرياضي مرة أخرى. فبعد مرور سبعة أسابيع على تعليق النشاط الرياضي في الثالث من مارس الماضي، على عكس نصيحة دودن وحكومته بأنه من الجيد الاستمرار في إقامة المباريات في نهاية كل أسبوع، يتم النظر الآن في كيفية تحديد الأندية الصاعدة للدوري الإنجليزي الممتاز والأندية الهابطة لدوري الدرجة الأولى والأندية المتأهلة لدوري أبطال أوروبا. والآن، هناك رغبة كبيرة في استكمال مباريات الموسم لتجنب الصراعات مع جهات البث التلفزيوني وعدم تكبد الأندية مزيداً من الخسائر المالية.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه أي إشارة بشأن ما سيسفر عنه اجتماع الحكومة، عقد دودن أول اجتماع رسمي لهيئة رياضية مشتركة أُنشئت لدراسة الجوانب العملية لاستئناف رياضة المحترفين. وكتب دودن على «تويتر»: «أدرك أن البريطانيين يريدون بشدة عودة الرياضة. بدأنا للتوّ أول الاجتماعات التفصيلية التي تناقش التخطيط لعودة آمنة لرياضة النخبة خلف أبواب مغلقة عندما يكون ذلك آمناً وفقاً للإرشادات الطبية. يوجد الكثير من الأشياء التي تجب دراستها لكن اليوم بدأنا التخطيط».
وبعد تصريحات دودن في البرلمان، قال أكثر من مسؤول تنفيذي كبير في كرة القدم لصحيفة «الغارديان» خلال الأسبوع الجاري إنهم يشعرون بعدم الارتياح وبأن الحكومة تريد أن يتم استئناف النشاط الرياضي وأن تعود مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز «في أقرب وقت ممكن» فقط لأنها تريد أن تنقل بعض الأخبار الجيدة للجماهير. وقال دودن في البرلمان إن هذا «سيساعد على تحرير الموارد خلال بقية المنظومة»، لكن من المفهوم أن دوريات المحترفين الأقل من الدوري الإنجليزي الممتاز في إنجلترا تشعر بالحيرة الآن، نظراً لأنها لن تحصل على المزيد من الأموال في حال استئناف مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز مرة أخرى.
وفي فرنسا، حيث كان عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب فيروس «كورونا» أقل منه في المملكة المتحدة، حظرت الحكومة الرياضات الجماعية حتى سبتمبر (أيلول)، رغم اعتراض نادي ليون، وتم إلغاء الموسم الحالي للدوري الفرنسي الممتاز، في محاولة لتجنب انتشار الفيروس.
من المؤكد أن الوضع المالي للأندية الإنجليزية صعب الآن، لكنه ما زال تحت السيطرة. وإذا تم إلغاء الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز، فإن ذلك سيكون نابعاً من الالتزام بالمبدأ الذي يشدد عليه دائماً، والذي يقول: «إن قلوبنا جميعاً مع أولئك المتضررين مباشرةً من وباء (كوفيد – 19)» وإن «الأولوية الأولى للدوري الإنجليزي الممتاز هي صحة وسلامة اللاعبين والمديرين الفنيين والعاملين في الأندية والمشجعين والمجتمع ككل».
على الدوري الإنجليزي الحذر في ظل مخاطر «كورونا» القاتلة
إلغاء الموسم اختبار حقيقي لقدرة الأندية على تحمّل الضغوط
على الدوري الإنجليزي الحذر في ظل مخاطر «كورونا» القاتلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة