السيسي: نعمل على تهيئة الأجواء لتفعيل دعوة خادم الحرمين.. وننتظر النتائج للتطبيع مع قطر

أكد أن إطلاق معتقلي قناة «الجزيرة» قيد البحث.. وقال: لم نتدخل في ليبيا.. وجيشها قادر على حماية أمن بلاده وعلى المجتمع الدولي مساعدته

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي
TT

السيسي: نعمل على تهيئة الأجواء لتفعيل دعوة خادم الحرمين.. وننتظر النتائج للتطبيع مع قطر

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، أن بلاده بدأت فعليا في تهيئة المناخ والظروف من أجل تنفيذ دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي أطلقها أول من أمس، مطالبا فيها مصر بالعمل على إنجاح مسيرة التضامن الخليجي، والعربي، وبدء صفحة جديدة من العمل العربي المشترك. وقال السيسي: «بالنسبة لدعوة خادم الحرمين الشريفين من مصر لتهيئة الظروف لمواقف أكثر إيجابية، فإننا ابتدينا منذ اليوم من أجل تحقيق هذا الهدف».
وفي مقابلة مع قناة «فرانس 24»، قال بشأن احتمال تطبيع العلاقات مع قطر، خاصة بعد أن أقرت القمة الخليجية التكميلية في الرياض الأحد الماضي، إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع الدوحة، قال السيسي: «دعونا ننتظر النتائج». وردا على سؤال حول احتمال صدور عفو رئاسي بإطلاق سراح صحافيي قناة «الجزيرة» المحتجزين في مصر، قال السيسي إن هذا الموضوع «قيد البحث.. وسيتم إطلاقهما إذا كان ذلك مناسبا لأمن مصر».
وبشأن محاربة الإرهاب، قال السيسي إن بلاده مع توجيه ضربات التحالف في سوريا والعراق إلى ليبيا أيضا، داعيا إلى محاربة التطرف في كل مكان. وقال إن محاربته في العراق وسوريا قد تمهد لانتقاله إلى ليبيا، مشيرا إلى أن الناتو لم يكمل مهمته في ليبيا. وأوضح أن مصر ظلت تدعو منذ سنين طويلة إلى ضرورة توحيد الجهود والتحالف من أجل التعامل مع هذا التطرف، مضيفا: «إننا نحتاج في الوقت نفسه ألا يكون العمل العسكري فقط هو الأساس للتعامل مع هذه الظاهرة خلال المرحلة الحالية، وإنما نحتاج إلى مجموعة إجراءات متكاملة اقتصادية وثقافية واجتماعية وأمنية وسياسية، لحل هذه المسألة». وقال الرئيس السيسي في حواره مع قناة «فرانس 24» أمس، إن «الجيش الليبي قادر على حماية أمن بلاده، وعلى المجتمع الدولي مساعدته على أن يستعيد مكانته ليكون قادرا على مواجهة الإرهاب».
وأوضح الرئيس السيسي أن «إقامة منطقة خالية على الحدود في سيناء هو أمر كان يتعين أن يتم من سنين طويلة، لما لها من تأثير كبير على الأمن في سيناء وربما مصر ككل. ويتم تنفيذ هذا القرار بمنتهى التفاهم مع السكان في سيناء»، مشيرا إلى أنه جرت لقاءات مع أهل المنطقة وتم التفاهم معهم ومنحهم التعويضات المناسبة، فضلا عن إنشاء مدينة رفح الجديدة بالشكل الذي يليق بهم وبمصر.
وحول شكوى أهل سيناء من اضطرارهم لترك منازلهم، قال الرئيس السيسي، إن «المنطقة الخالية جزء رئيسي من الحل»، لافتا إلى أن سكان المنطقة كانت لهم حدود مباشرة مع قطاع غزة دون سيطرة كاملة على حركة العناصر والأنشطة في هذه المنطقة الحدودية، «علاوة على أننا خلال التعامل مع الإرهابيين على مدى أكثر من سنة كنا حريصين للغاية على ألا يكون هناك أي ضحايا من المدنيين أو الأبرياء، سواء في ما يتعلق بحقوق الإنسان، أو في ما يتعلق بأعمال القتل أو الإصابات بينهم». وقال الرئيس إنه كان هناك تفاهم مع سكان المنطقة بهذا الخصوص نظرا لحاجة الأمن القومي المصري لإخلائها لصالح بلدهم، و«هو أمر لن ننساه لهم، ونسعى إلى تعويضهم بمساكن قريبة بذات المنطقة».
وعن حالة الفوضى الحالية في ليبيا، قال السيسي إن «مصر إذا تدخلت تدخلا مباشرا في ليبيا، فإنها لن تتردد في إعلان ذلك؛ ولكن كل ما نفعله حتى الآن هو مساعدة الجيش الوطني الليبي والبرلمان من خلال الحكومة، ونرى أن الجيش الليبي قادر على حماية أمن بلاده، وعلى المجتمع الدولي مساعدته على أن يستعيد مكانته، ليكون قادرا على مواجهة الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار»، نافيا وجود قوات جوية أو أرضية أو طائرات عسكرية مصرية في ليبيا.
وأوضح الرئيس السيسي أن «الموضوع في ليبيا يتطلب أكثر من مجرد التدخل العسكري بالنظر إلى أن العمل الذي قام به حلف الأطلنطي لم يستكمل، حيث سقط النظام الحاكم؛ لكن لم تتم إعادة بناء المؤسسات وتسليم الدولة لشعب ليبيا، وبمجرد سقوط النظام غادرت قوات الناتو وتركت ليبيا لمصيرها وتركت أسلحة ومعدات وميليشيات»، مضيفا أن «الأمر يتطلب جهدا مشتركا لتعود ليبيا إلى الوضع الطبيعي ولا تكون منطقة جاذبة للإرهاب والتطرف في حوض البحر المتوسط تؤذي جيرانها وتؤذي أوروبا أيضا»، مشددا على أن عامل الوقت حاسم، وأنه من الأهمية بمكان مواجهة كل التطرف ما أمكن في وقت واحد، مشيرا إلى أنه سبق أن قال وقت إقامة التحالف ضد «داعش» في العراق إنه من المهم جدا عدم نسيان الموقف في ليبيا.. و«علينا أن نتعامل مع التطرف كتلة واحدة، وليس في العراق وسوريا فقط، وإلا تحولت ليبيا إلى منطقة جذب تؤثر على أمن واستقرار جيرانها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.