جنبلاط يلتقي عون لـ«تنظيف» العلاقة ومنع الفتنة في جبل لبنان

اتصالات سياسية تسحب فتيل الخلاف على التعيينات... وغضب أرثوذكسي

عون وجنبلاط خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)
عون وجنبلاط خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)
TT

جنبلاط يلتقي عون لـ«تنظيف» العلاقة ومنع الفتنة في جبل لبنان

عون وجنبلاط خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)
عون وجنبلاط خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)

قام رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» اللبناني، النائب السابق وليد جنبلاط، بزيارة مفاجئة إلى القصر الجمهوري للقاء الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، للمرة الأولى منذ نحو عام، رغم الخلاف العميق بينهما، والهجوم المباشر لجنبلاط وفريقه على عهد عون وتياره (الوطني الحر).
ووضع جنبلاط زيارته في إطار «تنظيف العلاقة مع (التيار الوطني الحر) بمبادرة من ساعي خير»، فيما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «محور الاجتماع وسببه الأساسي كان الاحتقان في منطقة الجبل الذي كاد أن يبلغ ذروته في الفترة الأخيرة».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوسيط هو النائب في كتلة عون، فريد البستاني، الذي كان يتحرك بقوة على خط تقريب وجهات النظر بين الطرفين، خصوصاً بعد ارتفاع حدة التوتر بين مناصريهما في الجبل. ويشكو جنبلاط من «المواقف المتطرفة للنائب زياد أسود، والوزير السابق غسان عطالله، ووجود إذاعة على الإنترنت تحمل اسم راديو بيت الدين، يقول أنصاره إنها تحرض بين المسيحيين والدروز».
وعمل البستاني تحت عنوان «تجنيب المنطقة تداعيات التوتر السياسي القائم، وانتهى الأمر بإيفاد عون أحد المقربين منه للقاء جنبلاط، ودعوته إلى القصر». ووصفت مصادر وزارية مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية اللقاء بـ«الجيد»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه شهد «تأكيد واتفاق الطرفين على ضرورة المحافظة على الاستقرار بالجبل، ومنع حصول أي توتّر، بحيث تبقى المحافظة على استقرار وحدة الجبل، رغم الاختلاف في وجهات النظر السياسية».
ولفتت إلى أن جنبلاط اعتذر من عون عن عدم حضوره لقاء الأربعاء الذي دعا إليه رئيس الجمهورية للبحث بخطة الحكومة الاقتصادية وذلك لأسباب صحية، وأضافت: «بما أن الدعوة شخصية، أبلغ جنبلاط الرئيس أنه سيرسل ملاحظاته خطياً على الخطة».
ولفتت المصادر أيضاً إلى التطرق إلى موضوع التعيينات خلال اللقاء، إذ إن لجنبلاط بعض الأسماء المقترحة، خاصة في مناصب قائد الشرطة القضائية ونائب حاكم مصرف لبنان وعضو هيئة الأسواق المالية. وفي موضوع الحكومة، قالت المصادر إنه «لم يكن كلام جنبلاط هجومياً، إنما تحدث عن بعض الملاحظات على الأداء، وأبدى تفهماً لبعض الإجراءات التي تقوم بها».
وعن سبب اللقاء الذي جمع جنبلاط وعون ومسار المساعي وصولاً إلى عقده، أمس، أوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد توتّر شهدته منطقة الجبل بين الدروز والمسيحيين في الفترة الأخيرة، بدأ النائب البستاني مساعيه بين جنبلاط وعون، وإطلاع الأخير على كل ما يحدث في المنطقة». وأشارت إلى أن مبادرته لاقت تجاوباً من جنبلاط وعون اللذين أكدا حرصهما على قطع الطريق أمام أي فتنة في الجبل. وأكدت المصادر أن «هناك تعميماً في الجبل من قبل جنبلاط يمنع مناصريه من القيام بأي رد فعل من شأنه أن يمس بالعيش المشترك، ليبقى الاختلاف سياسياً بعيداً عن أي مواجهة».
وبعد اللقاء، قال جنبلاط: «بحثنا في كثير من الأمور، واتفقنا على التعاطي من قبلنا ومن قبل فريق رئيس الجمهورية بعقلانية. وقد زرت الرئيس عون بمبادرة من ساعي خير، وذلك من أجل تنظيف الخلاف مع (الوطني الحر)... لا علاقة لي بأي أحلاف ثنائية أو ثلاثية، وحساباتي خاصة مبنية على ضرورة تنظيم العلاقة، وتنظيم الخلاف مع التيار». وأضاف: «لم أسعَ إلى تغيير الحكومة، ولم أطلب شيئاً في ملف التعيينات، لكنني اقترحت بعض الأسماء بناء على استشارتهم لي». ورأى أن «اقتصاد لبنان السابق انتهى، والخدمات ذهبت... العالم بعد كورونا سيتغير».
وجاء اللقاء في وقت ساهمت فيه الاتصالات السياسية التي تكثّفت في الساعات الأخيرة، لا سيما منها اللقاء الذي عقد بين رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري أمس، في سحب فتيل الخلاف حول التعيينات التي كانت مدرجة على جدول أعمال الحكومة اليوم.
وفيما غادر دياب اللقاء من دون الإدلاء بأي تصريح، علمت «الشرق الأوسط» أن لقاء بري - دياب «كان مخصصاً للبحث في جلسة الحكومة اليوم، إضافة إلى قضايا أخرى، وقد تم التوافق، نتيجة الاتصالات السياسية على أكثر من خط، على ترحيل بند التعيينات، ولا سيما تلك المتعلقة بتعيين محافظ لبيروت خلفاً للقاضي زياد شبيب، ورئيس جديد لمجلس الخدمة المدنية، بعدما أثارت معلومات عن توجه لتعيين مستشارة دياب للشؤون الصحية بترا خوري، بديلاً عن شبيب، استياء واسعاً، لا سيما في أوساط الطائفة الأرثوذكسية، وعلى رأسها المطران إلياس عودة».
وتحت هذا العنوان، تداعى وزراء ونواب حاليون وسابقون من الطائفة الأرثوذكسية إلى مقر مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، حيث كان في استقبالهم عودة، وعقدوا اجتماعاً للبحث في شؤون الطائفة والتعيينات «والتهميش الذي يطالها». ونقل عن المطران عودة قوله: «نحن نتعامل بأخلاق، ولكن الأخلاق بدأت تفقد من البلد، ولن نقبل بعد اليوم بالظلم... أنا مسرور بوجودكم هنا، وأنتم متكاتفون تحت جناح طائفتكم، بغض النظر عن انتماءاتكم السياسية».



قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)
عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)
TT

قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)
عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)

عبّر سفراء الاتحاد الأوروبي لدى اليمن عن قلقهم العميق إزاء استمرار الحوثيين في اعتقال عشرات الموظفين في الوكالات الأممية والدولية والمحلية وإخفائهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، داعين إلى الإفراج عنهم دون شروط.

وتزامن القلق الأوروبي مع تصريحٍ لوزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، ندد فيه بانتزاع الحوثيين الاعترافات بالإكراه من المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، منتقداً ما وصفه بـ«تراخي المجتمع الدولي» إزاء انتهاكات الجماعة المدعومة من إيران.

الحوثيون كثفوا حملات الاعتقال في أوساط الموظفين الإغاثيين بمناطق سيطرتهم (أ.ف.ب)

وقال رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي لدى اليمن في بيان على منصة «إكس»، (الخميس)، إنهم يشعرون بقلق عميق إزاء الاحتجاز التعسفي من الحوثيين لموظفين لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية وبعثات دبلوماسية في اليمن.

وأكد السفراء الأوروبيون أن استمرار احتجاز الحوثيين للموظفين الإنسانيين دون أي تواصل معهم لأكثر من 90 يوماً حتى الآن «يعوق بشدة قدرة المجتمع الدولي على مساعدة ملايين اليمنيين المحتاجين إلى المساعدات بشكل عاجل».

وشدد السفراء على أنهم يدعمون بشكل كامل ويؤكدون الدعوات الدولية المتكررة، التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين في سجون الجماعة الحوثية.

كانت الجماعة قد أطلقت في يونيو (حزيران) الماضي موجة اعتقالات شملت 13 موظفاً يمنياً في الوكالات الأممية وعشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإغاثي والإنساني، حيث تحدثت تقارير حقوقية عن اعتقال نحو 70 شخصاً.

ودأبت الجماعة الحوثية على توجيه تهم إلى المعتقلين في المنظمات الأممية والدولية بـ«التخابر والتجسس» لمصلحة الولايات المتحدة، وانتزاع اعترافات بالإكراه تُدين المعتقلين، وبثها عبر وسائل إعلامها.

الحوثيون اعتقلوا موظفاً يمنياً بمكتب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في صنعاء (الأمم المتحدة)

ولم تفلح حتى الآن المطالب الأممية والدولية في إقناع الجماعة الحوثية بالإفراج عن المعتقلين، وسط دعوات الحكومة اليمنية المتكررة لنقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى مدينة عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد.

اعترافات مفبركة

على خلفية الاعترافات «المفبركة» التي تبثها الجماعة الحوثية للموظفين لدى المنظمات الأممية والدولية المعتقلين، وصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، ذلك بأنه «جريمة نكراء».

وقال الإرياني، في تصريح رسمي: «إن ما تنشره ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، من اعترافات متسلسلة ومفبرَكة لنخبة المجتمع من أكاديميين وخبراء وموظفين في المنظمات الدولية والمحلية، والبعثات الدبلوماسية، أفنوا حياتهم في خدمة البلد، واستخدامهم مادةً للدعاية الإعلامية والبروباغندا السياسية، جريمة نكراء لم يسبق لها مثيل، إذ تكشف عن همجية الجماعة وتخلفها وتجردها من كل القيم والاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، واستهانتها واستخفافها باليمنيين»، على حد قوله.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (رويترز)

وأوضح الوزير اليمني أن المتتبع لهذه السلسلة من الاعترافات المُفبركة، ومضامينها التي قال إنها «تثير السخرية»، يكتشف أن ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي، قد رسم سيناريو مُسبقاً لمزاعم وجود نشاط استخباراتي أجنبي في اليمن، ثم بحث عن ضحايا لأداء الأدوار في تلك المشاهد الهزيلة لإثبات صحة تلك المزاعم.

وأضاف أن الجماعة لقَّنت المعتقلين عبارات الاعتراف «مقابل وعود بالإفراج عنهم، دون أي اعتبار لأعمارهم ومكانتهم وأدوارهم في خدمة المجتمع، ومشاعر أهاليهم».

وأشار الإرياني إلى أن الهدف مما وصفها بـ«الدعاية السياسية الرخيصة» هو الادعاء أن اليمن كان قبل انقلاب الحوثي مسرحاً للتدخلات الأجنبية، وساحة لنشاط الاستخبارات الدولية، قبل أن يأتي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لوضع حد لهذا الاختراق.

وإضافة إلى هذا الهدف، قال الوزير اليمني إن الجماعة الحوثية تسعى إلى شرعنة سياساتها التدميرية الممنهجة لمؤسسات الدولة، واستمرار وصايتها على المنظمات الدولية والمحلية، وفرض قيودها على الحريات العامة والخاصة، وإرهاب المجتمع. وفق تعبيره.

ادعاءات باطلة

أكد وزير الإعلام اليمني في تصريحه أن الضحايا الأبرياء الذين تعرضوا للاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب النفسي والجسدي من الحوثيين طيلة أعوام، ولُطخت سمعتهم بنشر صورهم واعترافاتهم التي انتُزعت تحت الضغط والإكراه، كانوا يؤدون مهامهم الروتينية ووظائفهم بشكل اعتيادي في مؤسساتهم ومنظماتهم وسفاراتهم، كما هو حاصل في كل دول العالم، وأن كل ما تروِّج له ميليشيا الحوثي من تهم تجسس بحقهم، هي ادعاءات كاذبة وتهم باطلة ليس لها أساس مادي ولا معنوي.

موظفون أمميون وعاملون سابقون في السفارة الأميركية اعتقلهم الحوثيون بتهمة التجسس (إعلام حوثي)

واتهم الإرياني المجتمع الدولي بالتراخي في التعامل مع الجماعة الحوثية طيلة السنوات الماضية، و«غضّ الطرف عن ممارساتها الإجرامية»، وقال إن ذلك «أسهم في الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة التي تقتحم فيها الميليشيا مقرات المنظمات الدولية، وتتعامل مع موظفيها والبعثات الدبلوماسية على أنهم جواسيس وعملاء، وتقتادهم إلى المعتقلات، وتتخذهم على طريقة (داعش) و(القاعدة) أدوات للدعاية والضغط والابتزاز والمساومة».

وطالب وزير الإعلام اليمني بموقف دولي حازم إزاء انتهاكات الحوثيين الصارخة للقانون الدولي والإنساني، واتخاذ إجراءات قوية ورادعة تتناسب مع الجرائم التي يرتكبونها.

ودعا الإرياني إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الجماعة الحوثية لإطلاق جميع المحتجزين قسراً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، والبعثات الدبلوماسية والشروع الفوري في تصنيفها «منظمةً إرهابيةً عالميةً»، ودعم الحكومة فرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.