«كوفيد ـ 19» يعمق ذعر موظفي المصارف

تباطؤ الجائحة يعزز التسريح مع سياسات تحجيم الإنفاق وتراجع العائدات

نصف مليون مصرفي أوروبي تعرضوا للتسريح منذ الأزمة المالية... والمزيد في الطريق (رويترز)
نصف مليون مصرفي أوروبي تعرضوا للتسريح منذ الأزمة المالية... والمزيد في الطريق (رويترز)
TT

«كوفيد ـ 19» يعمق ذعر موظفي المصارف

نصف مليون مصرفي أوروبي تعرضوا للتسريح منذ الأزمة المالية... والمزيد في الطريق (رويترز)
نصف مليون مصرفي أوروبي تعرضوا للتسريح منذ الأزمة المالية... والمزيد في الطريق (رويترز)

كل بلدان العالم تسعى اليوم جاهدة إلى احتواء تبعات فيروس جائحة كورونا (كوفيد - 19) بالأخص ما يتعلق بسوق العمل، أيضا في ألمانيا التي تعتبر بلد جذب لكل عمال أوروبا. فقبل كورونا لم تتجاوز نسبة البطالة العمالية فيها، وبعكس بلدان أوروبية أخرى، 4 في المائة. ويخشى العديد من القطاعات اجتياح ألمانيا موجة من البطالة العمالية قد تشبه بشكل أو بآخر فترة عام 2005. والتي زادت يومها عن الخمسة ملايين عاطل. ومع هزة العقارات في الولايات المتحدة الأميركية وإفلاس مؤسسة «ليمان برذرز» عام 2008، لم تتمكن ألمانيا يومها من إيقاف التدهور، فوصلت نسبة البطالة العمالية إلى 7.8 في المائة.
بالطبع، لا يؤكد خبراء سوق العمل الألمان على مرور ألمانيا اليوم بمثل هذه الحالة، فقطاعات إنتاجية واسعة تتبارز لوضع استراتيجيات عمل تبعدها عن هذا الشبح، منها التعويم عبر حزم إنقاذ مالية ضخمة تقدمها الحكومة على شكل قروض منخفضة الفوائد، كذلك العمل لفترات قصيرة للاحتفاظ بالعمالة لديها. والآلاف من الشركات تقدمت بالفعل بطلب للعمل بناء على هذا النمط خلال هذه الأزمة التي لا يمكن من الآن التنبؤ بمدتها، وإلا فإن الشركات ستضطر إلى اعتماد سياسة تسريح خطيرة. حيث أشار استطلاع أجراه معهد إيفو للدراسة الاقتصادية في ألمانيا بأن ما يقارب من خُمس الشركات الألمانية تخطط لإلغاء وظائف، منها 18 في المائة ترغب في تسريح عمالها أو لا تريد تمديد عقود عمل معهم محددة المدة.
واستنادا إلى بيانات وكالة العمل الاتحادية، فإن نسبة العاطلين عن العمل في ألمانيا بلغت في شهر مارس (آذار) الماضي 5.1 في المائة، أي 2.335 مليون شخص، ولم يحتسب بعد شهر أبريل (نيسان) والأشهر القادمة. ويتحاشى خبراء سوق العمل التحدث عن إمكانية زيادة العدد حتى نهاية العام 2020.
والذي زاد الطين بلة قرار العديد من المصارف الألمانية، وذلك قبل تفاقم أزمة فيروس كورونا، بمواصلة إقفال عدد من فروعها وصرف الموظفين فيها، والاعتماد بدلا عنهم على التقنيات المتطورة.
فمنذ عام 2008 تراجع عدد الفروع المصرفية في منطقة اليورو 27.7 في المائة، وفي ألمانيا 18.6 في المائة. أما إجمالي الموظفين والعاملين لدى المصارف الأوروبية فتراجع 17 في المائة. وعلى صعيد ألمانيا رسا هذا التراجع عند 17.3 في المائة. وكانت موجة التسريح قد شملت عدداً كبيراً من الموظفين في مصرفي «دويتشه بنك» و«كوميرتس بنك».
وفي هذا السياق، يقول ديفيد كورتن الخبير المصرفي الألماني الذي عمل سابقاً مستشاراً في وزارة المال الألمانية، إن خطط صرف الموظفين عائدة إلى سياسة المصارف الأوروبية والألمانية أيضا لتحجيم المصاريف ولمواجهة تراجع عائداتها منها الناجمة، في الأعوام الأخيرة، عن أسعار الفائدة السلبية والتوتّرات الجيوسياسية العالمية التي تؤثر على الحركة التجارية الدولية التي احتضنت بدورها، حديثاً، عدة مُشغّلين مصرفيين رقميين لديهم تواجد تجاري حصري على الشبكة العنكبوتية، وبالتالي لا يوجد لديها تكاليف تشغيل مرتفعة كما تلك التي تعاني منها المصارف التقليدية. ونظراً لهوامش ضيّقة في مناوراتها التجارية لجأت المصارف الأوروبية إلى تسريح مئات آلاف الموظفين. واشتدت موجة التسريح هذه في عام 2012. ومنذ عام 2008 وصل إجمالي الموظفين المُسرّحين من المصارف الأوروبية إلى حوالي نصف مليون.
ويختم كورتين القول: «تشير نتائج إحصائيات شملت الفترة الممتدّة بين عامي 2008 و2018 إلى أن إجمالي الموظفين المصرفيين في دول الاتحاد الأوروبي وصل إلى 2.766 مليون موظف عام 2008 ثم هوى إلى 2.296 عام 2018، أي أن أكثر من 470 ألف موظف جرى تسريحهم أو ما يعادل 17 في المائة من القوة العاملة في مصارف أوروبا. على صعيد ألمانيا، رسا مجموع الموظفين المصرفيين عند حوالي 650 ألفا عام 2008 وعند 530 ألفا عام 2018، أي أن نحو 120 ألف موظف استغني عنهم أو ما يساوي 17.6 في المائة من مجموع الموظفين في القطاع المصرفي الألماني. وتحتضن هولندا معدّل التسريح المصرفي الأعلى أوروبياً.
ففي عام 2008 بلغ إجمالي الموظفين في القطاع المصرفي الهولندي 116 ألفا تقريباً لينزلق إلى 72 ألفاً عام 2018. هكذا، وخلال عشرة أعوام سرّحت المصارف الهولندية أكثر من 43 ألف موظف، أي 37.8 في المائة من قوتها العاملة. أما فرنسا فلديها نسبة التسريح الأدنى أوروبياً. ففي عام 2008 بلغ إجمالي الموظفين في القطاع المصرفي الفرنسي 424 ألفاً ليهبط إلى 409 آلاف عام 2018. ما يعني أن المصارف الفرنسية سرّحت 15 ألف موظف فقط، أي 3.7 في المائة من قوتها العاملة».
ومع كارثة كورونا تطرح عدة أسئلة لا جواب لها، منها كيف سيكون شكل سياسة سوق العمل الأوروبية، وبالتحديد الألمانية التي تعتبر الأقوى أوروبيا؟ فالحديث بدأ اليوم عن الوضع ما بعد كورونا وما شكل المتغيرات التي سيحملها معه.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.