أجهزة المنزل الذكية تثير مخاوف من خرق الخصوصية

«أمازون رينغ» يصوّر لقطات خاصّة للجيران ويتحكّم بالبيانات

أجهزة المنزل الذكية تثير مخاوف من خرق الخصوصية
TT

أجهزة المنزل الذكية تثير مخاوف من خرق الخصوصية

أجهزة المنزل الذكية تثير مخاوف من خرق الخصوصية

في رحلة عمل كان يقضيها في كاليفورنيا، وقف رجل أميركي من مدينة «ويست بوكا» في فلوريدا، يراقب بخوف رجلاً يحمل بندقية صيد يترصّد باب منزله وهو يعلم أنّ عائلته موجودة في الداخل. وقد ظهر هذا الدخيل على هاتف ربّ المنزل الذي يبعد عن منزله مسافة 4828 كلم، بواسطة تطبيق مرافق لجرس المراقبة الذكي من علامة «رينغ» التجارية. وفي ذلك اليوم، اتصلت عائلة الرجل بالشرطة وتمّ اعتقال المسلّح.
-مراقبة ذكية
كانت هذه إحدى الحوادث التي تعتمد عليها شركة «رينغ» في الترويج لفاعلية أجهزتها في مجال مكافحة الجرائم. ولكن وفي الوقت نفسه، تواجه «رينغ» المملوكة من «أمازون» انتقادات حادّة من ناشطين في مجال الخصوصية حذّروا من أنّ واحدة من أكبر الشركات وأغناها في العالم أسست شبكة مراقبة على امتداد الولايات المتحدة تتعدّى على حقوق الناس وتعزّز التنميط العرقي.
يقول النقّاد إنّ «رينغ» تملك حيّزاً كبيراً من السيطرة على الفيديوهات المخزّنة في أرشيفها، وتستخدم أقسام الشرطة لنشر نفوذها، حتّى أنّها تدير نقاشات الشرطة المتعلّقة باستخدام هذه التقنية. وفي العام الماضي، نشرت الشركة مدوّنة تباهت فيها بشراكاتها مع 405 من أجهزة إنفاذ القانون في أرجاء البلاد. وفي مارس (آذار) الحالي، سجّل هذا الرقم ارتفاعاً إلى 950 ليشمل جميع أقسام قوات الشرطة في جنوب فلوريدا.
يُستخدم منتج «رينغ» الذي يعتبر الأشهر في فئته، كجرس منزل عادي، أو يمكن ضبطه لتزويد صاحب المنزل بتصوير فيديو حيّ. كما أنّه يضمّ ميزة للتواصل تتيح للمستخدم التحدّث مع الشخص الذي يقف أمام باب منزله. ولكنّ التدبير الذي يعزّز مخاوف الخصوصية يتيح لمالك المنزل تسجيل وتخزين مقاطع الفيديو في أيّ وقت من اليوم مقابل بضعة دولارات شهرياً.
تعتبر حادثة الرجل المسلّح في مدينة ويست بوكا مثالاً نادراً على استخدامات «رينغ» في التعامل مع الأوضاع الخطيرة المحتملة، إلا أن معظم الحالات، تكون الجرائم التي تلتقطها كاميرا الجرس تافهة وبسيطة. يعتبر عددٌ متزايد من المنظّمات أنّ هذه الجرائم لا تبرّر المراقبة التي تعتّم على الخطّ الفاصل بين مراقبة الشركات التجارية والمراقبة الحكومية، وتكشف معلومات شخصية حول حياة الناس لا سيّما أولئك الذين لا يملكون هذه الأجهزة أو الذين لا يوافقون على تسجيل تحرّكاتهم من قبل الجيران.
- خرق الخصوصية
يقول غاي ستانلي، المحلّل الرئيسي لمشروع الخطاب، والخصوصية، والتقنية التابع للاتحاد الأميركي للحريات المدنية: «في هذه الحالات، يختلف خوف الناس من جار مريب يراقبهم من خلف الستائر، عن خوفهم من جار آخر يسجّل جميع تحرّكاتهم ويعرّضهم للتبليغ. وتزيد خطورة هذا الأمر لدى الأشخاص الذين ينتمون إلى أعراق مختلفة يُنظر إليهم غالباً على أنّهم مثيرون للشكّ بسبب التحيّز أو التعصّب».
من جهتها، تقول سايرة حسين، محامية من «مؤسسة الجبهة الإلكترونية» الناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق الرقمية والخصوصية: «ننصح الأشخاص بالانتباه إلى مشاعر جيرانهم. كشركة تجارية، قد تظهر (رينغ) تجاوباً تاماً مع زبائنها، ولكنّها في المقابل تتجاهل مسألة مهمّة وهي تحديد هوية أشخاص لا يفعلون شيئاً إلا السير في الشارع، وأداء أعمالهم بشكل طبيعي، عبر التقاطهم بكاميراتها دون سبب».
يوفّر هذا المحتوى المسجّل كمية هائلة من المعلومات حول برنامج عمل الأشخاص الذين يصوّرهم، ووقت عطلهم، وغيرها من المعلومات الشخصية. ويتابع ستانلي من الاتحاد الأميركي للحريات المدنية قائلاً: «إذا رصدتُ جهازاً كهذا مصوّباً على منزلي، لن أكون راضياً، وسأشعر وكأنّ جيراني يتلصّصون عليّ».
- أجهزة شعبية
لم تنشر «رينغ» أرقام مبيعاتها السنوية بعد، ولكنّ شركة «جامبشوت» المتخصصة بالتحليل البياني قدّرت أنّ مبيعات الشركة تراوحت بين 100 ألف و400 ألف شهرياً خلال العام الماضي، وبلغت ذروتها في يوم «الجمعة السوداء» وموسم عيد الميلاد.
في المقابل، يقول دايفيد موراي، الذي بدأ باستخدام جرس «رينغ» في منزله في منطقة «بوينتون بيتش» في فبراير (شباط) 2018: «يشعرني منتج رينغ هذا بأمان أكبر عندما أكون خارج المنزل، وكذلك لفكرة أنّ الطرود التي توضع أمام باب منزلي لن تُسرق». ويضيف: «لم أقع ضحية لأيّ جريمة. ولكن في الأسبوع الأول من تركيبي للكاميرا، حضر في وقت غيابي عن المنزل ثلاثة رجال لإيصال قطع من الأثاث. ومن خلال التطبيق المرافق للجرس، رصدتهم يراقبون ما في داخل منزلي من النافذة. بعدها، تحدّثتُ معهم عبر (رينغ) وطلبتُ منهم أن يتركوا الأثاث في الفناء الخارجي، فتوقفوا فوراً عمّا كانوا يفعلونه وغادروا. كما أن الجرس ينفع كأداة فعّالة للتعقّب».
من جهتها، تقول ميغان غروس، من منطقة «بومبانو بيتش» إنّ استخدام جرس «رينغ» منحها شعورا بمزيد من الأمان بعد بعض المناوشات مع جار كان يرقبها. ولكنّها في الوقت نفسه تعي أنّ بعض الأشخاص المختلفين عنها بالشكل قد يصنفون كمجرمين أو مشتبه بهم حتّى ولو كانوا لا يتدخّلون بأمور غيرهم.
وكشف متحدّث باسم شركة «رينغ» في رسالة إلكترونية أنّ الشركة تأخذ هذه المخاوف بعين الاعتبار وتحثّ زبائنها على مراعاتها أيضاً. وأضاف «مع اختلاف الصلاحيات التي تمنحها قوانين المراقبة المرتبطة بالخصوصية والفيديوهات، نشجّع جميع زبائننا على احترام خصوصية جيرانهم والتقيّد بالقوانين عند تركيب جهازهم من رينغ».
- التحكم بالبيانات
تقول الاتفاقات الموقّعة بين مراكز الشرطة وشركة «رينغ» إنّ الأخيرة تملك حقّ الموافقة على التصاريح التي تنشرها المراكز حول تقنية «رينغ». وعلى سبيل المثال، ينصّ الاتفاق الموقّع بين الشركة وقسم شرطة «فورت لاودردال» على أنّ «على جميع الأطراف الموافقة على أي بيان صحافي مرتبط بالمنتج». تظهر هذه اللغة نفسها في الاتفاقات الموقّعة بين الشركة ومكتب مأمور شرطة مقاطعة برووارد، ومكتب مأمور مدينة بالم بيتش، وقسم شرطة «بوينتون بيتش»، وغيرها. أمّا الاتفاق بين «رينغ» وقسم شرطة «بوكا رايتون» فينص على التالي: «لا يحقّ لأي طرف إصدار بيان صحافي متعلّق بمشاركة المدينة في هذا البرنامج دون موافقة مسبقة من الطرف الآخر».
يحقّ لعناصر الشرطة أيضاً طلب الحصول على مقاطع معيّنة، على أن يسمح مالك الكاميرا للضابط المسؤول بالاطلاع على محتوى الكاميرا، ومشاهدته أو تحميله. وفي حال رفض مالك الجهاز، يحقّ لمسؤولي الشرطة الحصول على المقاطع من الشركة مباشرة بموجب مذكرة جلب أو استدعاء للمحكمة. يرى مارك إيكونومو، المتحدّث باسم قسم شرطة «بوكا رايتون» أنّ هذا الإجراء هو وسيلة أكثر فاعلية للتدقيق في تحركات حيّ كامل أثناء البحث عن أدلّة. وأكمل إيكونومو في رسالة إلكترونية قائلاً: «بشكل عام، لا تختلف الإجراءات مع كاميرات رينغ عن التنقل من باب إلى آخر لطلب مقاطع الفيديو المسجّلة في كاميرات المراقبة في إطار زمني محدّد. ولكنّ أجهزة رينغ تسهّل علينا الحصول على الفيديوهات المطلوبة دون الاضطرار إلى قرع الأبواب وانتظار الناس للعودة إلى منازلها».
- «سان سانتينل»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

لصلتها بأوكرانيا... قراصنة روس يستهدفون شركة هندسة أميركية

أوروبا النتائج تعكس الأدوات والتكتيكات المتطورة للحرب الإلكترونية الروسية (رويترز)

لصلتها بأوكرانيا... قراصنة روس يستهدفون شركة هندسة أميركية

كشف محققون في شركة أميركية للأمن السيبراني، اليوم الثلاثاء، عن أن قراصنة إنترنت يعملون لصالح الاستخبارات الروسية هاجموا شركة هندسة أميركية هذا الخريف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا شعار شركة «ستارلينك» للاتصال المباشر عبر الأقمار الصناعية (أ.ف.ب)

«ستارلينك» تطلق الاتصال المباشر للهواتف في أوكرانيا ولأول مرة في أوروبا

قالت شركة «كييف ستار»، أكبر مشغل للهواتف المحمولة في أوكرانيا، إنها أصبحت أول شركة في أوروبا تطلق تقنية «ستارلينك» للاتصال المباشر عبر الأقمار الصناعية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
تكنولوجيا شعار "إكس" (أرشيفية)

نت بلوكس: منصة «إكس» تواجه انقطاعات على مستوى العالم

قالت منظمة مراقبة الإنترنت (نت بلوكس) اليوم الأحد إن منصة إكس للتواصل الاجتماعي تشهد في الوقت الحالي انقطاعات على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
تكنولوجيا شعار شركة «كلاود فلير» (رويترز)

ما هي «كلاود فلير»؟ الخدمة الخفية وراء تعطل مواقع ومنصات عالمية اليوم

تُعرف «كلاود فلير» بأنها الشركة التي تُسيطر على جزء كبير من الإنترنت بشكل غير مرئي، وازدادت شهرتها بشكل ملحوظ صباح اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا للحفاظ على سلامتك تنصح «غوغل» بتجنب شبكات «واي فاي» العامة إلا للضرورة القصوى (الشرق الأوسط)

لماذا أصدرت غوغل تحذيراً بشأن استخدام شبكات «الواي فاي» العامة؟

بعد إصدار غوغل تحذيراً لمستخدمي شبكات «الواي فاي» العامة، أشارت الشركة إلى أن هذه الشبكات المجانية غالباً ما تكون غير آمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقرير: المؤسسات السعودية تجني مكاسب مبكرة من الذكاء الاصطناعي رغم تحديات التأسيس

يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)
يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)
TT

تقرير: المؤسسات السعودية تجني مكاسب مبكرة من الذكاء الاصطناعي رغم تحديات التأسيس

يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)
يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)

تشهد المملكة العربية السعودية مرحلة فارقة في رحلتها نحو بناء اقتصاد رقمي متقدم؛ إذ بات الذكاء الاصطناعي يشكّل ركيزة استراتيجية ضمن مسار التحول الوطني.

ويكشف تقرير شركة «كيندريل» حول «جاهزية الذكاء الاصطناعي 2025» عن أن المؤسسات في المملكة أصبحت في موقع متقدم إقليمياً من حيث الوعي والأهداف.

ويشير التقرير إلى أن المملكة تواجه تحديات، لكنها تحديات تأسيسية تتطلب تسريع خطوات البنية التحتية وبناء المهارات، فيما تستمر الرؤية السعودية في دفع مسار التطور التقني.

نضال عزبة المدير التنفيذي لدى «كيندريل» في السعودية متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (كيندريل)

عوائد تسارع النضج

يسجل التقرير أن المؤسسات السعودية بدأت تجني فوائد واضحة قبل الكثير من نظيراتها عالمياً. وتشمل أبرز المكاسب تحسين الكفاءة التشغيلية، وتسريع اتخاذ القرار، وتعزيز تجربة العملاء. ويؤكد المدير التنفيذي لـ«كيندريل» في السعودية، نضال عزبة، خلال لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» أن هذه النتائج ليست صدفة.

ويضيف: «بدأت المؤسسات السعودية تحقق عوائد ملموسة من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مجالات الكفاءة التشغيلية وتسريع عملية اتخاذ القرارات وتحسين تجربة العملاء». ويربط هذه المكاسب بعوامل ثلاثة؛ وهي: التزام القيادة السعودية، وزيادة التجارب التطبيقية، ومواءمة المشاريع التقنية مع مستهدفات «رؤية 2030».

ومع ذلك، يحذر عزبة من المبالغة في التفاؤل، موضحاً أن «العالم كله لا يزال في مرحلته المبكرة، وأن القيمة المستدامة تتطلب أسساً رقمية أقوى، وبنية تحتية مرنة وقوى عاملة مهيّأة لتوسيع نطاق تطبيق الذكاء الاصطناعي».

وتدعم الأرقام هذا التوجه؛ إذ يشير التقرير إلى أن أكثر من 90 في المائة من المؤسسات الإقليمية تتوقع تأثيراً كبيراً للذكاء الاصطناعي على نماذج أعمالها خلال عام واحد، فيما ترى غالبية الشركات السعودية أن الاستثمارات الحالية تمهّد لمرحلة توسع أكبر تبدأ خلال 2026 وما بعدها.

يعتمد النجاح المستقبلي على تحقيق التوازن بين الأتمتة وتنمية المهارات البشرية عبر إعادة التأهيل المستمر وتصميم وظائف تتكامل مع الأنظمة الذكية (شاترستوك)

تحديات المرحلة المقبلة

تُعد العقبة الأكثر وضوحاً التي تواجهها المؤسسات السعودية -كما يوضح التقرير- هي صعوبة الانتقال من مرحلة إثبات المفهوم إلى الإنتاج.

ويوضح عزبة أن «أكثر من نصف المديرين التنفيذيين في المؤسسات السعودية أفادوا بأن الابتكار يواجه غالباً صعوبات بعد مرحلة إثبات المفهوم، بسبب تحديات تقنية عند الانتقال إلى مرحلة الإنتاج».

وتُعد الأنظمة القديمة والبيئات التقنية المجزأة من أبرز مصادر التعطيل، بالإضافة إلى غياب التكامل الجيد بين السحابة والأنظمة المحلية، ونقص الجاهزية في إدارة البيانات.

كما يبرز عامل آخر وهو الضغط لتحقيق عائد سريع على الاستثمار، رغم أن طبيعة مشاريع الذكاء الاصطناعي تتطلب بناء أسس طويلة المدى قبل حصد النتائج.

ويشير عزبة إلى أن تجاوز هذه المرحلة يعتمد على «تحديث البنية التحتية الأساسية، وتعزيز بيئات السحابة والبيانات، والاستثمار في مهارات القوى العاملة»، مؤكداً أن هذه الخطوات ليست ترفاً، بل هي شرط لتمكين التوسع المؤسسي.

أرقام تعكس حجم الفجوة

جاء في التقرير أن 53 في المائة من المديرين التنفيذيين في السعودية يواجهون تحديات تقنية رئيسية، تشمل أنظمة قديمة يصعب تحديثها، وبيئات تشغيل معقدة تُبطئ عمليات التكامل.

كما أشار 94 في المائة من المؤسسات إلى عدم قدرتها على مواكبة التطور التقني المتسارع، وهو رقم يعكس عبئاً تشغيلياً واستراتيجياً كبيراً.

ويقول عزبة إن هذه التحديات ليست دائماً مرئية للقيادات؛ إذ «يعتقد العديد من القادة أن بيئات عملهم قوية استناداً إلى الأداء الحالي، إلا أن عدداً أقل منهم يقيّم الجاهزية المستقبلية في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي أو تهديدات الأمن السيبراني».

وتبرز أهمية التقييمات التقنية المستقلة وخرائط الطريق التي تحدد الثغرات وتعيد توجيه الاستثمارات نحو الأسس المهملة مثل البيانات والمرونة والأمن السيبراني.

تعاني السوق من نقص ملحوظ في المهارات التقنية والمعرفية وأن 35 في المائة من القادة يرون فجوات في القدرات الأساسية المطلوبة لتوسيع الذكاء الاصطناعي (غيتي)

معادلة الجاهزية الحقيقية

يرى التقرير أن الفجوة بين الثقة الذاتية والجاهزية الفعلية تمثّل أحد أخطر التحديات. فالقادة يعدون مؤسساتهم مستعدة، لكن الأرقام تُظهر هشاشة في البنية التحتية أو ضعفاً في التكامل أو نقصاً في القدرات التنبؤية.

وتُعد المرونة والامتثال للمعايير السيادية والاستعداد للأمن السيبراني عناصر أساسية في تقييم الجاهزية المستقبلية، خصوصاً في سوق تتجه فيها السعودية بسرعة نحو بناء بنى وطنية للذكاء الاصطناعي.

ويشير عزبة إلى أن «البيئات الجاهزة للمستقبل تتميز بالقدرة على دعم ابتكارات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، وليس فقط نشر حلول معزولة».

انتقال وليس استبدالاً

تتوقع 91 في المائة من المؤسسات السعودية أن تشهد سوق العمل تحولاً كبيراً خلال 12 شهراً. وتعكس هذه النسبة إدراكاً متزايداً بأن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل الوظائف بشكل مباشر، بل سيعيد صياغتها.

ويشير عزبة إلى أن الموظفين «سينتقلون إلى أدوار أكثر تحليلية واستراتيجية وإشرافية، فيما تُؤتمت المهام المتكررة»، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي «سيعمل بوصفه شريكاً تعاونياً، مما يجعل جاهزية الأفراد أمراً أساسياً لتحقيق أقصى قيمة».

وتواجه المؤسسات تحدياً إضافياً يتمثّل في ضرورة إعادة تصميم الوظائف وسير العمل وإعادة تأهيل القوى العاملة على نطاق واسع. وتبرز الحاجة إلى برامج تعليمية متواصلة ترفع من القدرة الرقمية، وتعمّق فهم الموظفين لكيفية التعاون مع الأنظمة الذكية.

تشير الأرقام إلى فجوات كبيرة في الجاهزية التقنية حيث أكد 53 في المائة وجود تحديات أساسية و94 في المائة عدم القدرة على مواكبة التطور السريع (غيتي)

فجوات المهارات

يشير التقرير إلى أن 35 في المائة من القادة السعوديين يرون فجوة واضحة في المهارات التقنية الأساسية المطلوبة لتوسيع الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك هندسة البيانات والأمن السيبراني وإدارة النماذج. كما عبّر 35 في المائة عن قلقهم من نقص المهارات المعرفية، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات.

ويرى عزبة أن تجاهل هذه الفجوات يجعل أي توسع في الذكاء الاصطناعي محفوفاً بالمخاطر. فالتكنولوجيا تتقدم بوتيرة أسرع من قدرة المؤسسات على إعداد الموظفين، مما يتطلب استثماراً مسبقاً في التدريب والتعليم المستمر.

الأتمتة وبناء القدرات البشرية

يُعد دمج الأتمتة مع المهارات البشرية عنصراً حاسماً لتحقيق أقصى قيمة من الذكاء الاصطناعي. ويشير التقرير إلى أن 31 في المائة من القادة السعوديين يشعرون بالقلق إزاء كيفية إعادة تأهيل الموظفين المتأثرين بالتغيرات التقنية.

ويسلط عزبة الضوء على ضرورة «دمج التعلم المستمر، وإطلاق برامج لمحو أمية الذكاء الاصطناعي، وتوفير وظائف جديدة في الأدوار التقنية والأدوار عن بُعد».

ويؤكد أن الأتمتة يجب أن تُرى بوصفها دعماً لقدرات الإنسان وليست بديلاً عنها، فالمؤسسات التي تحقق هذا التوازن ستتمكن من رفع الإنتاجية وتعزيز الابتكار دون تعطيل القوى العاملة.

الجاهزية لقيادة المرحلة المقبلة

تكشف نتائج التقرير عن أن السعودية تتحرك بسرعة نحو جاهزية متقدمة، لكنها في الوقت نفسه تدرك حجم العمل المطلوب لتسريع تبني الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومستدامة.

وتمنح مبادرات البنية التحتية الوطنية، وتطوير المهارات، وتحديث الأنظمة دفعة قوية للقطاع الخاص، كي يواكب التحول ويستفيد من الزخم التنظيمي.

ويختتم عزبة رؤيته بتأكيد أن «الفرصة واضحة للمؤسسات التي تبادر اليوم، فمع الزخم الوطني للتحول الرقمي يمكن للشركات تحويل التحديات الحالية إلى فرص تنافسية تُسهم في تشكيل معايير القطاع وموقع المملكة في اقتصاد الذكاء الاصطناعي العالمي».


ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
TT

ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)

نفى الملياردير ورائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك، السبت، صحة تقارير إعلامية أفادت بأن شركة «سبيس إكس» للفضاء ستبدأ بيع أسهم ثانوية من شأنها أن تقدر قيمة الشركة بنحو 800 مليار دولار، واصفاً إياها بأنها غير دقيقة.

وأضاف ماسك على منصة «إكس»: «لقد كانت تدفقات (سبيس إكس) النقدية إيجابية لسنوات عديدة وتقوم بعمليات إعادة شراء أسهم دورية مرتين في السنة لتوفير السيولة للموظفين والمستثمرين».


بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».