طرد العمال الفلسطينيين من عملهم يثير ردود فعل غاضبة في إسرائيل

نتنياهو: لا مكان للتمييز ضد عرب إسرائيل

طرد العمال الفلسطينيين من عملهم يثير ردود فعل غاضبة في إسرائيل
TT

طرد العمال الفلسطينيين من عملهم يثير ردود فعل غاضبة في إسرائيل

طرد العمال الفلسطينيين من عملهم يثير ردود فعل غاضبة في إسرائيل

تشهد إسرائيل في الأيام الأخيرة موجة جارفة من فصل العمال العرب من فلسطينيي 48 (المواطنين في إسرائيل) وفلسطينيي 67 (سكان القدس الشرقية وبعض مناطق الضفة الغربية المحتلة) من أماكن عملهم، وذلك في إطار الثأر والانتقام للعمليات الفلسطينية ضد اليهود، أو لمجرد الخوف من أن ينفذوا عمليات جديدة.
وحذرت تقارير استخبارية من أن تؤدي حملات التحريض عليهم إلى ارتكاب جرائم قتل، وحتى مذابح كما حصل في سنوات سابقة عندما قام عنصريون يهود بإطلاق الرصاص على مجموعات عمالية.
وفي هذا الشأن قالت جمعية «حقوق المواطن»، أمس، إن هناك عددا كبيرا من أصحاب العمل اليهود الذين يخرقون قانون العمل الإسرائيلي بفظاظة، ويقدمون على فصل عمالهم العرب، بعضهم لدوافع عنصرية وبعضهم بدافع الخوف، وبعضهم لدوافع أخرى مثل استغلال التوتر في الشارع بسبب الأوضاع الأمنية والقيام بعمليات فصل لأسباب اقتصادية.
وكان اتحاد النقابات (الهستدروت) قد أبلغ عن وصول شكاوى من مئات العمال العرب الذين تم فصلهم من ورش ومصانع ومن مرافق تجارية مختلفة، بما في ذلك مكاتب محاماة وهندسة وفنادق ومطاعم. كما قامت شركة المواصلات العامة «إيجد»، وهي شركة شبه حكومية، بفصل 27 سائقا مقدسيا يعملون في مركباتها وحافلاتها في أعقاب الاحتجاجات على مقتل السائق المقدسي يوسف رموني، وتعمل الشركة على تجنيد سائقين من الوسط اليهودي الحاريدي، مع العلم بأن ناطقا بلسانها نفى أن يكون هذا هو سبب الفصل وقال إنها «خاطئة ومضللة».
وبينت تقارير أخرى أن فصلا جماعيا للعمال العرب جرى في مدينة اشكلون الجنوبية، وقد دافع رئيس البلدية إيتامار شمعوني عن القرار، وقال إنه يسانده، وكشف أنه قرر فرض حراسة حول ورش العمل التي يعمل فيها عرب لإجراء تفتيش جسدي عليهم، وفرض حراسة على المدارس ورياض الأطفال التي توجد بقربها مصالح توظف عمالا عربا، ثم قرر فصل عمال البلدية العرب، وسار في أعقابه رئيس بلدية اسدود المجاورة، علما بأن البلدتين أقيمتا على أنقاض بلدتين فلسطينيتين تم هدمهما وتشريد أهلهما سنة 1948.
إضافة إلى ذلك تم تدشين موقع إنترنت رسمي يشجع المصالح التجارية على مقاطعة العمال العرب، وجعل التشغيل حكرا على العمال اليهود، وأطلق على الموقع اسم «العمل العبري»، تيمنا بحملة شبيهة نفذتها الحركة الصهيونية قبل قيام إسرائيل.
وقد أعلنت جمعية حقوق الإنسان في رسالة عاجلة إلى رئيس بلدية عسقلان (أشكلون)، رفضها للخطوة، وطالبته بإلغاء قراره القاضي بوقف عمل العمال العرب في ورش البناء في المدينة على الفور. وجاء في رسالة المحامي عوني بنا، رئيس قسم حقوق الأقلية العربية في الجمعية، والمحامية شارون أبراهام فايس، المديرة العامة لجمعية حقوق المواطن، أنّ خطورة القرار لا تكمن فقط في كونه قرارا غير قانوني، وإنما لانعكاساته الخطيرة، التي من الممكن أن تؤدي إلى استباحة دماء المواطنين العرب عامة والعمال العرب في المدينة على وجه الخصوص. وشدّد المحامون في رسالتهم على أنّ قوانين العمل، وخاصة قانون التكافؤ في فرص العمل، تمنع بشكل قاطع كل أنواع التمييز على خلفية قومية في العمل، وأن القرار، حتى في حال تنفيذه بشكل مؤقت، يعتبر خرقا فظا لقوانين العمل. كما أكدوا على أن القانون الإسرائيلي لا يتضمن أي صلاحية تخول لرئيس بلدية التمييز بين الموظفين والعمال على خلفية انتمائهم القومي.
وقد أثارت هذه الحملة ردود فعل حادة في إسرائيل، وشارك فيها حتى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزراء اليمين، حيث صرح نتنياهو بأنه «لا مكان للتمييز ضد عرب إسرائيل. وفي إطار القانون الوطني سنُطبق المساواة الكاملة على كل مواطن، مع التأكيد على هوية إسرائيل اليهودية».
وقال نفتالي بينيت، المحسوب على اليمين المتطرف: «كوزير للاقتصاد لن أرضى بالإساءة لأي موظف على أساس دينه أو عرقه. وإن قياس ديمقراطية دولة إسرائيل يتم في المواقف الصعبة، وفي هذه الأيام تحديدا نحن نمر باختبار صعب». كما وجهت نائبة الكنيست ميري ريغيف، المعروفة بأفكارها اليمينية، وبشكل مفاجئ، انتقادا للقرار وقالت إن ذلك خطأ، وأوضحت أنه «يجب التعامل مع كل مُتقدم لعمل ما على أساس المعايير ذات الصلة وأخذ اعتبارات ورأي الجهات ذات الصلة، بما فيها الشاباك، بعين الاعتبار»، وأضافت: «ليس هناك مكان لقرار شمولي فقط لأن شخصا ما عربي الجنسية».
وتجدر الإشارة إلى أن الأوضاع في إسرائيل والمناطق الفلسطينية ما زالت تشهد تصعيدا للتوتر، وقد كشف أمس أن الصناعات العسكرية بدأت في ورشة عمل ضخمة لتحويل جميع القطارات، الثقيلة والخفيفة في إسرائيل، لتصبح مصفحة وقادرة على صد كل أنواع الأسلحة من الحجارة والزجاجات الحارقة وحتى الرصاص والقنابل. كما قرر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاك اهرونوفيتش تسهيل الأساليب والمعايير المتبعة لمنح رخص حيازة الأسلحة بسبب التدهور الأمني الراهن في منطقة القدس، حسبما ذكر تقرير إخباري أمس.
وأفاد تقرير لإذاعة إسرائيل بأن القرار سوف يسمح للحراس بأخذ أسلحتهم الشخصية إلى منازلهم، كما سيسمح لضباط في الجيش بحيازة أسلحة شخصية أيضا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.