أثار عدد من مرضى فيروس «كورونا» المستجد حيرة الأطباء إثر اكتشاف أن هؤلاء المرضى لديهم مستويات منخفضة من الأكسجين بما يكفي لفقدان وعيهم أو حتى تعرضهم للموت ولكن لا تظهر عليهم أي متاعب.
ووفقاً لصحيفة «غارديان» البريطانية، تسمى تلك الظاهرة «نقص الأكسجين السعيد» أو «الصامت»، وتابعت أنه وفقاً للقاعدة الطبية التقليدية فإنه مع انخفاض الأكسجين، يتعرض القلب والدماغ وعدد من الأعضاء الحيوية الأخرى للخطر، وعادة ما يفقد المرضى وعيهم عند انخفاض نسبة التشبع بالأكسجين عن 75 في المائة.
وأضافت «غارديان» أن انخفاض مستويات الأكسجين لا يجعل الناس يشعرون بضيق التنفس، بل عندما يستشعر الجسم وجود مستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون لأن الرئتين غير قادرة على التخلص منه ولكن بعض مرضى «كورونا» وجد أنهم لا يتأثرون بذلك.
وتابعت الصحيفة أن الشخص السليم من المتوقع أن يكون لديه تشبع من الأكسجين بنسبة 95 في المائة على الأقل، لكن الأطباء وجدوا مرضى بـ«كورونا» لديهم نسب تتراوح ما بين الثمانينيات أو السبعينيات في المائة، وفي بعض الحالات أقل من 50 في المائة.
وقال الدكتور جوناثان بانارد سميث، الاستشاري في الرعاية الحرجة والتخدير في مستشفى مانشستر الملكي: «من المثير للاهتمام أن نرى الكثير من الناس يأتون لنا وهم يعانون من نقص في تشبع الأكسجين لديهم»، وتابع: «نرى مستوى تشبع منخفض جداً وهم لا يدركون ذلك»، وأضاف: «عادة لا نرى هذه الظاهرة في الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي، إنه أعمق بكثير ومثال على شيء غير طبيعي في علم وظائف الأعضاء يحدث أمام أعيننا».
وقال الدكتور مايك تشارلزورث، طبيب التخدير في مستشفى ويثينشو في مانشستر، للصحيفة، إن نقص الأكسجين الشديد عندما يحدث بسبب الأمراض الأخرى عادة ما يعاني المرضى بشدة، وأوضح: «في حالة الإصابة بالالتهاب أو الانسداد الرئوي لن يتحدث معك المرضى في السرير»، وتابع: «نحن لا نفهم ولا نعلم ما إذا كان ذلك يسبب تلفاً لعضو لا يمكننا اكتشافه، ويعوض الجسم ما يفقده».
ولفتت «غارديان» إلى أن تشارلزورث لديه تجربة شخصية حيث أصيب بـ«كورونا» في مارس (آذار) وعانى من السعال والحمى، وأمضى 48 ساعة في السرير وظهرت عليه علامات نقص الأكسجين، وقال: «كنت أبعث برسائل غريبة للغاية من هاتفي، كنت أعاني من هذيان، ربما كان يجب أن أذهب إلى المستشفى، وكنت متأكد من أن مستويات الأكسجين الخاصة بي كانت منخفضة، وقالت زوجتي إن شفتي كانت داكنة جداً، وكنت على الأرجح مصاباً بنقص الأكسجين وربما دماغي لا يعمل بشكل جيد للغاية»، وتابع أنه تعافى بعد بضعة أيام في السرير، لكنه وآخرون يدركون أن كل الحالات ليس لها نتائج إيجابية، بحسب الصحيفة.
ونقلت «غارديان» عن طبيب تخدير في مستشفى في لندن، لم يذكر هويته، قوله، إن يتذكر مريضة قالت إنها تشعر بالبرد، وعند الكشف عليها وجد أن مستوى تشبع الأكسجين لديها 30 في المائة»، وتابع: «اعتقدنا أن هذا كان خطأ، حيث إنه من المرجح أن يكون لدى مرضى الأمراض القلبية نقص في الأكسجين ولكن بعد أخذ عينة من دمها كانت داكنة للغاية وجدنا أن مستوى الأكسجين مساوٍ للأشخاص الذين يعانون من داء الارتفاعات ووضعت على جهاز تنفس صناعي ونجت لمدة أسبوع قبل وفاتها، وقال الطبيب: «كان لدى بعض المرضى مثلها وللأسف، كانت أغلب نتائجهم سيئة».
ونقلت الصحيفة عن الدكتور سميث قوله: «لا أعتقد أن ما نراه يمكن تفسيره من خلال عملية واحدة»، وتابعت أنه من المحتمل أن يؤدي التورم والالتهاب في الرئتين إلى صعوبة دخول الأكسجين إلى مجرى الدم، وهناك أدلة على أن «كورونا» يمكن أن يسبب تخثر الدم.
وأوضحت أن الأوعية في الرئتين التي تجمع الأكسجين وتحوله إلى مجرى الدم الأوسع نطاقاً تكون صغيرة للغاية بحيث يمكن أن تصبح مسدودة بأصغر الجلطات.
وقالت إن البعض اقترح إعطاء الذين يعانون من «كورونا» جهازاً لقياس نسبة الأكسجين في الدم نظراً لأنهم غالباً ما يكونون غافلين عن انخفاض مستويات الأكسجين.
وأوضحت أنه جهاز بسيط يتم تثبيته على الإصبع ويمكن استخدامه للكشف عن مستويات الأكسجين، ولكنها لفتت إلى أنه لا يوجد حتى الآن أي دليل على أن الاكتشاف المبكر لنقص الأكسجين سيساعد على تجنب التداعيات الشديدة.
«كورونا» يحير الأطباء بلغز «نقص الأكسجين السعيد»
«كورونا» يحير الأطباء بلغز «نقص الأكسجين السعيد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة