«كورونا» يحير الأطباء بلغز «نقص الأكسجين السعيد»

طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أرشيفية - أ.ف.ب)
طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«كورونا» يحير الأطباء بلغز «نقص الأكسجين السعيد»

طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أرشيفية - أ.ف.ب)
طبيب يعتني بمريضة في وحدة العناية المركزة بمستشفى سان فيليبو نيري في روما (أرشيفية - أ.ف.ب)

أثار عدد من مرضى فيروس «كورونا» المستجد حيرة الأطباء إثر اكتشاف أن هؤلاء المرضى لديهم مستويات منخفضة من الأكسجين بما يكفي لفقدان وعيهم أو حتى تعرضهم للموت ولكن لا تظهر عليهم أي متاعب.
ووفقاً لصحيفة «غارديان» البريطانية، تسمى تلك الظاهرة «نقص الأكسجين السعيد» أو «الصامت»، وتابعت أنه وفقاً للقاعدة الطبية التقليدية فإنه مع انخفاض الأكسجين، يتعرض القلب والدماغ وعدد من الأعضاء الحيوية الأخرى للخطر، وعادة ما يفقد المرضى وعيهم عند انخفاض نسبة التشبع بالأكسجين عن 75 في المائة.
وأضافت «غارديان» أن انخفاض مستويات الأكسجين لا يجعل الناس يشعرون بضيق التنفس، بل عندما يستشعر الجسم وجود مستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون لأن الرئتين غير قادرة على التخلص منه ولكن بعض مرضى «كورونا» وجد أنهم لا يتأثرون بذلك.
وتابعت الصحيفة أن الشخص السليم من المتوقع أن يكون لديه تشبع من الأكسجين بنسبة 95 في المائة على الأقل، لكن الأطباء وجدوا مرضى بـ«كورونا» لديهم نسب تتراوح ما بين الثمانينيات أو السبعينيات في المائة، وفي بعض الحالات أقل من 50 في المائة.
وقال الدكتور جوناثان بانارد سميث، الاستشاري في الرعاية الحرجة والتخدير في مستشفى مانشستر الملكي: «من المثير للاهتمام أن نرى الكثير من الناس يأتون لنا وهم يعانون من نقص في تشبع الأكسجين لديهم»، وتابع: «نرى مستوى تشبع منخفض جداً وهم لا يدركون ذلك»، وأضاف: «عادة لا نرى هذه الظاهرة في الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي، إنه أعمق بكثير ومثال على شيء غير طبيعي في علم وظائف الأعضاء يحدث أمام أعيننا».
وقال الدكتور مايك تشارلزورث، طبيب التخدير في مستشفى ويثينشو في مانشستر، للصحيفة، إن نقص الأكسجين الشديد عندما يحدث بسبب الأمراض الأخرى عادة ما يعاني المرضى بشدة، وأوضح: «في حالة الإصابة بالالتهاب أو الانسداد الرئوي لن يتحدث معك المرضى في السرير»، وتابع: «نحن لا نفهم ولا نعلم ما إذا كان ذلك يسبب تلفاً لعضو لا يمكننا اكتشافه، ويعوض الجسم ما يفقده».
ولفتت «غارديان» إلى أن تشارلزورث لديه تجربة شخصية حيث أصيب بـ«كورونا» في مارس (آذار) وعانى من السعال والحمى، وأمضى 48 ساعة في السرير وظهرت عليه علامات نقص الأكسجين، وقال: «كنت أبعث برسائل غريبة للغاية من هاتفي، كنت أعاني من هذيان، ربما كان يجب أن أذهب إلى المستشفى، وكنت متأكد من أن مستويات الأكسجين الخاصة بي كانت منخفضة، وقالت زوجتي إن شفتي كانت داكنة جداً، وكنت على الأرجح مصاباً بنقص الأكسجين وربما دماغي لا يعمل بشكل جيد للغاية»، وتابع أنه تعافى بعد بضعة أيام في السرير، لكنه وآخرون يدركون أن كل الحالات ليس لها نتائج إيجابية، بحسب الصحيفة.
ونقلت «غارديان» عن طبيب تخدير في مستشفى في لندن، لم يذكر هويته، قوله، إن يتذكر مريضة قالت إنها تشعر بالبرد، وعند الكشف عليها وجد أن مستوى تشبع الأكسجين لديها 30 في المائة»، وتابع: «اعتقدنا أن هذا كان خطأ، حيث إنه من المرجح أن يكون لدى مرضى الأمراض القلبية نقص في الأكسجين ولكن بعد أخذ عينة من دمها كانت داكنة للغاية وجدنا أن مستوى الأكسجين مساوٍ للأشخاص الذين يعانون من داء الارتفاعات ووضعت على جهاز تنفس صناعي ونجت لمدة أسبوع قبل وفاتها، وقال الطبيب: «كان لدى بعض المرضى مثلها وللأسف، كانت أغلب نتائجهم سيئة».
ونقلت الصحيفة عن الدكتور سميث قوله: «لا أعتقد أن ما نراه يمكن تفسيره من خلال عملية واحدة»، وتابعت أنه من المحتمل أن يؤدي التورم والالتهاب في الرئتين إلى صعوبة دخول الأكسجين إلى مجرى الدم، وهناك أدلة على أن «كورونا» يمكن أن يسبب تخثر الدم.
وأوضحت أن الأوعية في الرئتين التي تجمع الأكسجين وتحوله إلى مجرى الدم الأوسع نطاقاً تكون صغيرة للغاية بحيث يمكن أن تصبح مسدودة بأصغر الجلطات.
وقالت إن البعض اقترح إعطاء الذين يعانون من «كورونا» جهازاً لقياس نسبة الأكسجين في الدم نظراً لأنهم غالباً ما يكونون غافلين عن انخفاض مستويات الأكسجين.
وأوضحت أنه جهاز بسيط يتم تثبيته على الإصبع ويمكن استخدامه للكشف عن مستويات الأكسجين، ولكنها لفتت إلى أنه لا يوجد حتى الآن أي دليل على أن الاكتشاف المبكر لنقص الأكسجين سيساعد على تجنب التداعيات الشديدة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
TT

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)

كشفت دراسة أميركية أن علاجاً مبتكراً للأطفال الذين يعانون من الكوابيس المزمنة أسهم في تقليل عدد الكوابيس وشدّة التوتر الناتج عنها بشكل كبير، وزاد من عدد الليالي التي ينام فيها الأطفال دون استيقاظ.

وأوضح الباحثون من جامعتي أوكلاهوما وتولسا، أن دراستهما تُعد أول تجربة سريرية تختبر فاعلية علاج مخصصٍ للكوابيس لدى الأطفال، ما يمثل خطوة نحو التعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل، وليس مجرد عَرَضٍ لمشكلات نفسية أخرى، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Frontiers in Sleep».

وتُعد الكوابيس عند الأطفال أحلاماً مزعجة تحمل مشاهد مخيفة أو مؤلمة توقظ الطفل من نومه. ورغم أنها مشكلة شائعة، فإنها تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للأطفال، إذ تُسبب خوفاً من النوم، والأرق، والاستيقاظ المتكرر، وهذه الاضطرابات تنعكس سلباً على المزاج، والسلوك، والأداء الدراسي، وتزيد من مستويات القلق والتوتر.

ورغم أن الكوابيس قد تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أو تجارب مؤلمة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، فإنها لا تختفي بالضرورة مع علاج تلك المشكلات، ما يتطلب علاجات موجهة خصيصاً للتعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل.

ويعتمد العلاج الجديد على تعديل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي واستراتيجيات الاسترخاء وإدارة التوتر، المستخدمة لدى الكبار الذين يعانون من الأحلام المزعجة، لتناسب الأطفال.

ويتضمّن البرنامج 5 جلسات أسبوعية تفاعلية مصمّمة لتعزيز فهم الأطفال لأهمية النوم الصحي وتأثيره الإيجابي على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تطوير عادات نوم جيدة.

ويشمل العلاج أيضاً تدريب الأطفال على «إعادة كتابة» كوابيسهم وتحويلها إلى قصص إيجابية، ما يقلّل من الخوف ويعزز شعورهم بالسيطرة على أحلامهم.

ويستعين البرنامج بأدوات تعليمية مبتكرة، لتوضيح تأثير قلّة النوم على الأداء العقلي، وأغطية وسائد، وأقلام تُستخدم لكتابة أفكار إيجابية قبل النوم.

وأُجريت التجربة على 46 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً في ولاية أوكلاهوما الأميركية، يعانون من كوابيس مستمرة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد الكوابيس ومستوى التوتر الناتج عنها لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج مقارنة بالمجموعة الضابطة. كما أُبلغ عن انخفاض الأفكار الانتحارية المتعلقة بالكوابيس، حيث انخفض عدد الأطفال الذين أظهروا هذه الأفكار بشكل كبير في المجموعة العلاجية.

ووفق الباحثين، فإن «الكوابيس قد تُحاصر الأطفال في دائرة مغلقة من القلق والإرهاق، ما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية»، مشيرين إلى أن العلاج الجديد يمكن أن يُحدث تحولاً كبيراً في تحسين جودة حياة الأطفال.

ويأمل الباحثون في إجراء تجارب موسعة تشمل أطفالاً من ثقافات مختلفة، مع دراسة إدراج فحص الكوابيس بوصفها جزءاً من الرعاية الأولية للأطفال، ما يمثل خطوة جديدة في تحسين صحة الأطفال النفسية والجسدية.