أوباما يعرض خطته لتسوية أوضاع ملايين المهاجرين غير القانونيين

خصومه الجمهوريون يصفون مشروعه بـ«غير الدستوري» وينتقدون «استغلاله للسلطة»

أوباما يعرض خطته لتسوية أوضاع ملايين المهاجرين غير القانونيين
TT

أوباما يعرض خطته لتسوية أوضاع ملايين المهاجرين غير القانونيين

أوباما يعرض خطته لتسوية أوضاع ملايين المهاجرين غير القانونيين

كان مفترضا أن يعرض الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمس، سلسلة إجراءات حول الهجرة، تؤدي إلى تسوية أوضاع مؤقتة لقسم من المقيمين بشكل غير شرعي في الولايات المتحدة، والبالغ عددهم 11 مليون شخص، فيما يعتبره خصومه الجمهوريون «استغلالا للسلطة». ومن بين الإجراءات المطروحة منح أهالي الأولاد الذين يحملون الجنسية الأميركية أو إقامة دائمة، أوراقا تتيح لهم العمل بشكل شرعي وتحميهم من الطرد. وبالإجمال، فإن الإجراء الرئاسي يمكن أن يشمل 3 إلى 5 ملايين شخص.
وعشية عرض الخطة، قال أوباما في شريط فيديو بث على «فيسبوك»، إن «كل الناس متفقون على القول: إن نظام الهجرة لدينا لم يعد يعمل بشكل صحيح، للأسف! تركت واشنطن الوضع يتفاقم منذ فترة طويلة»، وأضاف: «ما سأقدمه هو ما يمكنني فعله بصفتي رئيسا لكي يعمل النظام بشكل أفضل مع مواصلة العمل مع الكونغرس عبر تشجيعه على التصويت على قانون يعالج المشكلة في مجملها».
وفي عام 2012، وضع أوباما برنامجا يقدم تصريحات إقامة مؤقتة للقاصرين الذين وصلوا إلى الأراضي الأميركية قبل سن 15 عاما. وحصل نحو 600 ألف مقيم غير شرعي على تصريحات عمل قابلة للتجديد كل سنتين من خلال هذا البرنامج في 30 يونيو (حزيران) 2014.
وقال جون كورنين، نائب رئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ، إن القرار الرئاسي «غير دستوري وغير شرعي»، وندد السيناتور تيد كروز، المعارض البارز للرئيس الأميركي، بـ«إملاءات» من «حاكم».
من جهته قال مايكل ستيل، الناطق باسم زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، جون باينر: «إذا تجاهل الإمبراطور أوباما الأميركيين، وأعلن عن مشروع عفو، وهو ما أقر بنفسه عدة مرات، أنه يتجاوز صلاحياته الدستورية، فسيقضي على فرص التوصل إلى قانون في الكونغرس حول هذا الموضوع، وكذلك حول عدة مواضيع أخرى»، ويذكر معسكر الجمهوريين منذ عدة أيام بمواقف أوباما الذي رفض في السابق طلبات تمديد تسوية الأوضاع.
وكان أوباما رفض في السابق إصدار مرسوم حول إصلاح الهجرة، ففي فبراير (شباط) 2013، حين توسل إليه ناشط شاب التدخل لوقف تفكك عائلات عبر طرد أفراد لا يحملون وثائق، رد أوباما بأنه ليس لديه السلطة للتحرك، وقال آنذاك: «المشكلة هي أنني رئيس الولايات المتحدة، ولست إمبراطور الولايات المتحدة، إن واجبي هو تنفيذ قوانين يتم تمريرها».
ويلقي أوباما من جانب آخر خطابا حول الهجرة، اليوم (الجمعة) في لاس فيغاس (نيفادا، غرب)، وفي يناير (كانون الثاني) 2013، اختار الرئيس الأميركي المكان نفسه لكي يتحدث عن هذا الموضوع، وقال: آنذاك: «يجب أن نعالج أمور 11 مليون شخص يقيمون هنا بشكل غير شرعي»، معتبرا أنه لكي يتم تطبيق نظام إصلاح كامل حول الهجرة، «من الضروري القول بوضوح منذ البداية»، إن هناك طريقا محتملا نحو التجنيس.
وكان إصلاح نظام الهجرة فشل في الكونغرس، وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تولى الجمهوريون الغالبية على مجلس الشيوخ من أيدي الديمقراطيين، وأعلن أوباما عزمه التحرك عبر مراسيم مستخدما سلطاته التنفيذية، معتبرا أنه لا يمكنه «الانتظار إلى ما لا نهاية» لكي يتم إقرار إصلاح في الكونغرس، ويؤكد البيت الأبيض أن الإجراءات التي أعلنها أوباما تندرج في إطار التحرك نفسه الذي عرضه عدد من الرؤساء السابقين الديمقراطيين والجمهوريين. وقال جوش إرنست، الناطق باسم أوباما، إن «أيزنهاور، وكينيدي، وجونسون ونيكسون، وريغان، وجورج بوش الأب، والابن، استخدموا سلطاتهم التنفيذية لحل ما اعتبروه مشاكل في نظام الهجرة لدينا».
وبحسب استطلاع للرأي نشرته شبكة «إن بي سي»، وصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن 48 في المائة من الأميركيين غير موافقين على تحرك الرئيس في هذا الملف مقابل 38 في المائة يؤيدون ذلك.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.