الجمعية السعودية للمحافظة على التراث تكرم الفنانة ابتسام لطفي

عززت عبر مسيرتها الفنية وجود الفولكلور التراثي

جانب من الليلة التراثية التي كرمت فيها الفنانة ابتسام لطفي (في الإطار)
جانب من الليلة التراثية التي كرمت فيها الفنانة ابتسام لطفي (في الإطار)
TT

الجمعية السعودية للمحافظة على التراث تكرم الفنانة ابتسام لطفي

جانب من الليلة التراثية التي كرمت فيها الفنانة ابتسام لطفي (في الإطار)
جانب من الليلة التراثية التي كرمت فيها الفنانة ابتسام لطفي (في الإطار)

اختارت الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، الفنون الأدائية موضوعا رئيسيا لفعالياتها وأنشطتها للعام الحالي؛ حيث تكثّف الجهود وتولي عناية واهتماما بهذه الفنون عبر قنواتها المختلفة سواء من خلال أنشطتها، وفعالياتها، ومنافذها الإلكترونية، أو من خلال مشاريعها وبرامجها المتنوعة. وامتدادا لهذه الرؤية أقامت الجمعية «ليلة تراثية» برعاية رئيس مجلس الإدارة، الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، لتكريم الفنانة القديرة ابتسام لطفي، أحد أهم رموز الفنون الأدائية في المملكة، التي اختارتها الجمعية لتحتفي بها هذا العام.
من جانبها عبّرت رئيس مجلس الإدارة، الأميرة عادلة بنت عبد الله، عن اعتزازها بتكريم الفنانة ابتسام لطفي، لا سيما أنها عبر مسيرتها الفنية عززت وجود الفلكلور التراثي السعودي، فقالت: «من واجبنا في الجمعية لفت نظر الجيل الجديد للفلكلور التراثي السعودي والتعريف به، لا سيما وقد وقعت المملكة العربية السعودية عام 2003 اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لصون التراث الثقافي اللامادي، التي تم تنفيذها عام 2006 م، وذلك لأهميته بوصفه منبعا للتنوع الثقافي، وعاملا معززا للتنمية المستدامة، وعنصرا هاما لحفظ الهوية»، وأشارت إلى أن الليلة التراثية «تعد النواة الأولى لسلسلة فعاليات وبرامج تهتم بتكريم رموز الوطن في مجالات التراث المختلفة»، مؤكدة «حرص الجمعية على المساهمة بإثراء المعرفة والرفع من الوعي لدى المواطنين بالفنون الأدائية في المملكة؛ حيث يأتي ذلك حرصا من الجمعية عبر مبادرات عدة للحفاظ على التراث بنوعيه: المادي، وغير المادي؛ حيث عملت على مشروع (رصد حالة التراث)، وأعدت وثيقة له ونفذت ورشة عمل بالتعاون مع خبراء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)»، وأكدت الأميرة أن «الجمعية تعمل بمنهجية علمية للمضي بمشروع متحف الفنون الأدائية في جدة التاريخية الذي يهدف لتوثيق ذاكرة المجتمع التراثية؛ البصرية والسمعية، بالإضافة إلى التسجيل التاريخي لهذه الفنون ورحلة تطورها جغرافيا وتاريخيا»، مشيرة إلى أن «القيام بالدراسات العلمية، حول الفنون الأدائية، وتوثيق صلاتها بفنون دول الجوار من المسارات المهمة في المشروع»، مشددة على أن «الجمعية تحرص في كل محفل على تكريم شركائها بالنجاح، والداعمين لمشاريعها الثقافية التي تخدم التراث، وتحرص على التوعية به وبأهميته».
وعن جديد الجمعية أوضحت المدير التنفيذي للجمعية، الدكتورة مها السنان، أن «تكثيف الجهد سنويا على موضوع معين من المواضيع التي تقع في دائرة التراث الوطني يرفع مستوى المنتج المقدم؛ لذا حرصت الجمعية على أن تتمحور فعالياتها حاليا على كل ما يرتبط بالفنون الأدائية، فبالإضافة إلى إقامة الليالي التراثية، ستقيم الجمعية، في أبريل (نيسان) المقبل، ملتقى التراث والفنون الذي سيشمل عرضا مسرحيا، والتعريف بتجارب دولية ناجحة في خدمة التراث، وورش عمل للأطفال».
يذكر أن مهام الجمعية تتمحور حول التوعية بأهمية التراث الوطني والمحافظة عليه، ساعية لأن تكون حلقة وصل بين المهتمين من الأفراد والجهات من القطاعات المختلفة من خلال تبادل الخبرات والتنسيق بين المشاريع والبرامج، لتحقيق تكامل في الجهود المبذولة في كافة المجالات التي تخدم التراث؛ المادي وغير المادي.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التكريم أقيم بشراكة إعلامية مع قناة «روتانا» خليجية التي انفردت بنقل وقائع السلسلة الأولى من التكريم لتبثها في وقت لاحق عبر قناتها، كما قامت بتنظيم فعاليات المؤتمر الصحافي إيمانا منها برسالة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، ودعما للفن السعودي وما يمثله من قيم فنية عريقة.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».